فرحة تشبه في تفاصيلها تلك التي عشناها بعد واقعة أم درمان، سادت يوم أمس، ومباشرة بعد إطلاق الحكم صفارة النهاية في مواجهة الجزائر بأنغولا، شوارع وأحياء وأزقة المدن في غرب البلاد، دون استثناء، وبلا استئذان، حيث خرج العشرات من المواطنين وكأنهم على موعد مسبق مع الفرح، أو أنهم خططوا للابتهاج جماعيا في الشوارع مزينين أكتافهم وسياراتهم بالأعلام الوطنية، ومطلقين العنان للحناجر المؤيدة، التي لم تتوقف حتى ساعة متأخرة من ليلة أمس، البهيجة في كل شيء .
في ولاية وهران، أضحت ساحة أول نوفمبر موعدا لإعلان ثورة الفرح والتأهل، عشرات بل مئات الشباب، ركبوا سياراتهم، تزينوا بالأعلام الوطنية ورددوا شعارات "معاك يا الخضرة، معاك يا الجزائر"، وهي الشعارات التي زادتها بهجة، زغاريد النساء، ليس فقط في الشرفات وإنما أيضا في الشوارع، حيث لم تعد هنالك أسباب لكسر حصار النساء في بيوتهن خلال ساعة متأخرة إلا بالفرح الكروي الذي يصنعه رفقاء اللاعب كريم زياني ..
العديد من الشباب الذين التقتهم الشروق اليومي خلال رصدها لفرحة التأهل إلى الدور الثاني، تفاوتت آراؤهم وانطباعاتهم بخصوص أداء اللاعبين في المباراة أو جميع مباريات الدور الأول، بين سعيد بأداء زياني ومطمور وغزال، وآخرون يشيدون بحليش الذي صنع فرحة الإنتصار أمام مالي، وفي كل المواجهات التي شارك فيها..المواطنون ابتهجوا بالتأهل الجزائري وقالوا أنه أفضل رد لكل المشككين في قدرة الخضر على صناعة الفارق بين أداء هزيل وغير منتظر في الجولة الأولى وما صنعه الجزائريون يوم أمس أمام البلد المنظم أنغولا، وقبلها مالي.
العديد من ولايات الغرب، اختلفت أسماء الشوارع فيها، لكن الفرحة توّحدت في الأعلام الوطنية والزغاريد ورفع أبواق السيارات، بشكل يوحي أن الكرة أصبحت هاجسا اجتماعيا معديا، وظاهرة صحية لصناعة الذات، بالنسبة لملايين المواطنين الذين وجدوا في الفريق الوطني بصيص أمل في البلاد، وقد كان واضحا قراءة هذا الاستنتاج في عيون الشباب الذين خرجوا بالأمس لساحة الوئام في سيدي بلعباس، وأيضا في ساحة كارنو، حيث جاؤوها من كل الأحياء، قمبيطا، فيلاج تيار، سيدي الجيلالي، المدينة المنورة...وحتى من البلديات المجاورة، وهي الفرحة ذاتها التي رصدتها شبكة مراسلي الشروق في مقرات الدوائر ومراكز البلديات .
وفي البيض، تحوّلت الفرحة إلى وعدات وزردات، شارك فيها الآلاف من المواطنين وأقامها أهل الكرم في الولاية، وقد كان ملفتا أنه حتى البدو الرحل، احتفلوا بطريقتهم، هم الذين قاموا بطلاء العديد من كباشهم وماشيتهم بالألوان الوطنية، فكل شيء أصبح أخضرا يدل على الفرح والابتهاج والأمل المتجدّد..أما في ولايات معسكر، مستغانم، سعيدة، تلمسان، تيارت، تيسميلت، بشار، فإن الفرحة قاومت البرودة الشديدة، وجعلت المواطنين الذين كانوا يجلسون إلى تلفزيوناتهم لمشاهدة المقابلة، يهبون نحو الشارع، دون استئذان بمجرد التأكد من تأهل الجزائريين للدور الثاني، متمنين أن يكون ذلك بداية خير للفريق، وردا مباشرا على المصريين الذين أظهرت شماتتهم عقب مباراة مالاوي، أن الجرح ما يزال مفتوحا، وسيظل كذلك مع استمرار الوجوه الإعلامية ذاتها عبر الفضائيات في نفخ كير الفتنة.