مع اقتراب موعد انطلاق العرس الكروي الإفريقي أغرق تجار المواسم شوارع وطرقات العاصمة بالأعلام الوطنية والألبسة الرياضية المشجعة للفريق الوطني، والتي تعرف هذه الأيام إقبالا غير مسبوق من طرف الكبار قبل الصغار، فالكل يحضر للاحتفال بفوز رفقاء زياني بكل مباراة حيث تتحول الشوارع والأزقة إلى قاعة أفراح كبيرة، يتنافس فيها المناصرون في إظهار ما يملكونه من أعلام وطنية وشعارات ممجدة للخضر .
بعد أن كنّ ينبذن الحديث عنها ويتشاجرن مع أزواجهن وأشقائهن من أجلها .. !
أشبال سعدان يضعون كرة القدم في قائمة اهتمام فتيات الجزائر
إلى وقت قريب كانت الرياضة أبعد ما يكون عن قلوب الفتيات والجنس اللطيف بشكل عام، وكان الخلاف على شاشة التلفزيون بين أفراد الأسرة في المناسبات الكروية حول الإناث والذكور حين يتمسك الرجال بمشاهدة المقابلة لمدة ساعة ونصف، وتفضل النساء متابعة مسلسلاتهن اليومية ولا تفرطن في مواعيدها
لكن منذ النجاحات التي حققها المنتخب الوطني صارت هناك مساحة من الالتقاء بين الرجال والنساء في مجتمعنا الجزائري، بل وصارت الفتيات يسألن عن المواعيد الرياضية ويحجزن للذكور مكانهم في العائلة قبل بداية المباراة.
ولعلّ هذه الظاهرة أسعدت الكثير من الرجال الذين لم يعودوا بحاجة إلى الشجار من أجل متابعة مقابلاتهم، لكنّها أثارت اشمئزاز البعض ممن يرون أن هذا الحماس الزائد من الفتيات للمقابلات الرياضية أدخلهن في خانة "المسترجلات" خاصة وأن البعض منهن يسمحن لأنفسهن أن يخرجن للاحتفال بفوز الخضر عن طريق الغناء والصراخ وبقية التصرفات التي لا تليق إلا بالذكور .
وحتى في أوساط الفتيات فهناك من تتذمر حقا من انتقال حمى الحماس الرياضي أو التشجيع على طريقة الذكور عن البنات، ويرين أن تشجيع الفريق الوطني لا ينبغي له أن يدفع الفتاة أن تنسى أنوثتها وتندفع للغناء والهتاف بالشوارع كما لو أنها في مجتمع أوروبي، وهناك من يسمحن لأنفسهن بلباس ألوان الأعلام الوطنية أو رسمها على الوجوه .
أما أخريات فيرين أن بهجة الانتصارات التي أدخلها الخضر في قلوب الجزائريين محت الفوارق بين الذكور والإناث، ولا ضير من الهتاف في الشوارع وإن لم يكن في الشوارع ففي ساحات البيوت وشرفاتها، فقط للتعبير عن الفرحة العارمة التي كادت أن تجثم على النفوس من قوّتها.
وهذه الظواهر مجتمعة ومتفرقة، أثارت استغراب البعض من ميل الفتيات إلى المقابلات الكروية، لكن "أمينة" -طالبة في ثانوية- أجابت عنها بالقول: "في السابق لم أكن أهتم بالمقابلات الكروية مهما كانت درجتها من الأهمية، حتى ولو كان نهائي كأس العالم في حد ذاته، لكن لما صار للفريق الوطني نصيب من هذه المباريات والتصفيات، صار أكبر همي البحث عن وقت المقابلة وما يترتب عنها من نتائج وما يليها من ترتيب، وأمور كثيرة لم أكن أفهمها ولا أضع في الحسبان أنني سأكترث لها يوما".
وتضيف صديقتها "سامية": "منذ فترة لم أكن أتخلى عن دوري ولا نصيبي من مشاهدة البرامج النسائية، وأتمسك بها بشراسة لما أعرف أن أخي يرتب لمشاهدة مقابلة كروية، أما منذ شهر جوان الفارط فصرت أتنازل عن هذا الأمر، بل تحوّلت إلى النقيض من حرصي على أن لا تفوتني أية مقابلة للفريق الوطني، وتجاوزت ذلك إلى الدخول مع شقيقي في نقاشات حول خبايا كرة القدم وأسس الترتيب وجمع النقاط وغيرها من الرصيد المعرفي الرياضي الذي كنت أتذمّر من سماع الذكور وهم يتكلّمون عنه "
ولعلّ مثل حالتي أمينة وسامية كثيرة، وأسبابها واضحة، وربما ستزداد مع دخول أشبال سعدان إلى منافسات كأس إفريقيا للأمم غدا مع مواجهة مالاوي، حيث بدأ الحديث في الطرقات والحافلات وحتى عبر الفصول الدراسية عن موعد المقابلة وكيفية التحضير السالف للتمكن من التفرج على الخضر ومناصرتهم، خاصة وأن الفرجة غير متاحة عبر أية قناة، وهذا فعال جعل الكثيرات يفكّرن في الالتقاء بمنزل من تمتلك جهاز استقبال للقنوات المشفرة، لتدخل الرياضة خدور الفتيات بكل حرارة في عزّ الشتاء.
دلولة حديدان
تجارة الأعلام الوطنية والألبسة تعود للواجهة من جديد
الجزائريون يحضرون لاكتساح الشوارع بعد فوز الخضر بكل مباراة
مناصرون يكشفون : " الفوز على مصر للمرة الثانية أغلى من الفوز بكأس إفريقيا "
مع اقتراب موعد انطلاق العرس الكروي الإفريقي أغرق تجار المواسم شوارع وطرقات العاصمة بالأعلام الوطنية والألبسة الرياضية المشجعة للفريق الوطني، والتي تعرف هذه الأيام إقبالا غير مسبوق من طرف الكبار قبل الصغار، فالكل يحضر للاحتفال بفوز رفقاء زياني بكل مباراة حيث تتحول الشوارع والأزقة إلى قاعة أفراح كبيرة، يتنافس فيها المناصرون في إظهار ما يملكونه من أعلام وطنية وشعارات ممجدة للخضر .
بعد الربح الوفير الذي حققته تجارة الأرصفة المتعلقة بشعارات الفريق الوطني قبيل المقابلة التي جمعت بين مصر والجزائر بالسودان، ها هم يعودون من جديد لتحقيق مزيد من الربح باستغلال تجارة السلع والألبسة الرياضية، التي تعرف هذه الأيام رواجا غير مسبوق في المحلات والأسواق والشوارع التي تزينت بالأعلام الوطنية والبدلات الرياضية ومختلف الشعرات المشجعة لـ"الخضر"، خاصة منها الأقمصة الجديدة لـ"بيما" التي يتراوح سعرها بين 600 و1800دج، حيث استغلها تجار المواسم فرصة ثانية لاستغلال حب الجزائريين وعشقهم للفريق الوطني، الذي تحول هذه الأيام إلى حديث العام والخاص، وحتى الجرائد اليومية تحولت هي الأخرى إلى صحافة رياضية بامتياز، حيث ترصد لحظة بلحظة كل ما هو مرتبط بالفريق الوطني وجديد العرس الإفريقي .
"الكل متحمّس والكل يشتري.. تهافت يفوق الجنون، الكل يفكر في الاحتفال بالفوز خاصة إذا تعلق الأمر ـ يقول بعض الأنصار ـ بالفوز للمرة الثانية على مصر" وفي هذا الصدد يؤكد جمال 25 سنة: "الفوز على مصر عندي أغلى من كأس إفريقيا.. أقسمت على نفسي، إن فزنا على فريق الفراعة سأشتري أزيد من 100 علم وطني وأجوب بها ـ رفقة أبناء عمارتي ـ جميع أزقة وشوارع العاصمة حتى الفجر " .
وبالنسبة لأسعار البدلات الرياضية فقد تضاعف سعرها، فالتي كانت تباع بمبلغ 670دج قفزت إلى 1200 و1400دج، فيما وصل سعر العلم الوطني ذي الحجم المتوسط إلى 350 دج بعدما كان لا يتعدى 180دج، وذو الحجم الكبير وصل إلى مبلغ 600دج، وهو الأمر الذي دفع بربّات البيوت إلى امتهان حرفة الخياطة لترويج أكبر عدد ممكن من الأعلام الوطنية لعلّهن يضفرن بمصروف يفيدهن في اقتناء مستلزمات عيد الأضحى .
وفي الضفة المقابلة نجد المفاجأة مدوية بكل المقاييس، فالإقبال على السلع الرياضية لم يعد حكرا على الجزائريين فحسب بل تعدّت فوبيا الفريق الوطني لتصل إلى الأجانب من كل البلدان، حيث اكتشفنا خلال جولتنا عبر نقاط البيع بالعاصمة إقبالا كبيرا للأجانب المقيمين في الوطن كانوا عربا أو غربيون فالكل فضل اقتناء الأعلام الوطنية و " بوستار " الفريق الوطني إلى غير ذلك من السلّع .
ومن أكثر المناطق رواجا لهذه التجارة شارع محمد بلوزداد أين وجدنا تجمّع عدد كبير من الأطفال والنساء والشباب وحتى الشيوخ وهم يتهافتون على اقتناء تلك السلع مهما كانت أثمانها، المهم الظّفر بقطعة تحمل الألوان الوطنية من أجل مناصرة الفريق الوطني في كأس إفريقيا.
فوجئنا ونحن نتجوّل بشوارع العاصمة أن أغلب التجاّر الذين يزاولون تجارة الألبسة الرياضية غيّروا نشاطهم مباشرة بعد تأهل الفريق الوطني إلى كأس إفريقيا للأمم، فهناك من كان يبيع ألبسة ولعب الأطفال، وهناك من كان يبيع الأواني والأدوات المنزلية والألبسة النسوية، غيّروا نشاطهم رغم يقينهم أن ذلك لا يتم إلا بترخيص من مصالح وزارة التجارة، وبينما كناّ نتجوّل بشارع محمد بلوزداد عايشنا مشهدا لأعوان الشرطة وهم يلاحقون بعض التجار بغرض منعهم من عرض سلعهم على الأرصفة، ولكن حيلة التجار وحماس البطولة الإفريقية لم يحط من إلحاحهم على عرض السلع داخل الأزقة، أين التحق بهم عشرات من الشباب والأطفال وحتى النساء في مشهد بهلواني مثير .
يقول كمال، تاجر بالعقيبة "إننا نعلم أن هذه التجارة خارجة عن القانون، لكن نصرة الفريق الوطني تتحدى القانون، من فضلكم اتركونا نبيع في هذين اليومين وبعدها افعلوا ما شئتم... اتركونا نحتفل مسبقا لتشجيع فريقنا الوطني، همّ كل الجزائريين تحول اليوم إلى أنغولا، والحلم الذي يراودنا في النوم واليقظة هو عودة رفقاء زياتي بالكأس الإفريقية .. "
أما بعض تجار أكشاك الهاتف ومحلات التبغ وبعض محلات الأكل السريع فقد جمعوا بين تجارة الإثنين معا، حيث يزاولون خدماتهم بشكل عادي ويعرضون في آن واحد الألبسة الرياضية والأشرطة والقبّعات والأعلام الوطنية لجني أكبر قدر ممكن من الأموال، ففي هذا الصدد أكّد لنا بعضهم بشارع حسيبة بن بوعلي بالعاصمة أن أرباحهم اليومية تضاعفت بنسبة 50 بالمائة، وعلّق أحد التجاّر بشارع محمد بلوزداد قائلا "نحن تجار المناسبات نعمل كالحرباء، ففي المولد النبوي ننصب طاولات لبيع المفرقعات، وخلال الدخول المدرسي بعنا المآزر والأدوات المدرسية، والآن نفسح المجال لبيع كل ما يرتبط بفريقنا وبالألوان الوطنية ".
معظم الجزائريين غير مهتمين بالأرضية
المقاهي والمطاعم تتنافس لاستقطاب زبائنها من أنصار الخضْر
إجراء المباريات في النهار والجو الماطر يمنع التفرج في الساحات العمومية
لم يعد يشغل الجزائريين منذ ست سنوات مستوى وحالة المنتخب الوطني في المواعيد الكبرى مع اقتراب المنافسة بقدر ما يشغلهم البحث عن الوسائل الكفيلة بمتابعتهم هذه المباريات خاصة والجزائر الآن معنية بتظاهرة كروية شتوية كبرى، هي كأس أمم إفريقيا وأخرى صيفية هي كأس العالم، وإذا استثنينا الذين اقتنوا بطاقة "الجزيرة" التي ستقدم كل المباريات والتحاليل وعددهم قليل ضمن عشاق اللعبة الأكثر شعبية، فإن بقية الشعب بدأ يصاب بالدوار منذ نهاية الأسبوع الماضي وهو في رحلة غير متوقفة مع التقنيين المختصين في تركيب الهوائيات المقعرة وفي أسواق الأجهزة الكهرومنزلية بحثا عن السبل التي تقيه تضييع مشاهدة كأس أمم إفريقيا.. خاصة أن الجزائريين منذ أن ظهرت الفضائية الجزائرية الثالثة وكنال ألجيري وموجة التواصل مع "البرابول" استغنوا نهائيا عن القناة الأرضية والهوائي القديم الذي يمكن من خلاله متابعة البرامج الوطنية مادامت متوفرة في فضائيتي الجزائر.. وحتى مباريات تصفيات كأس العالم جميعها لم تجعل الجزائريين يعودون إلى القناة الأرضية, خاصة في المباراة الأخيرة التي شاهدوها عبر الفضائية الثالثة وكنال ألجيري وحتى الفضائية الأمازيغية التي هي في مرحلة التجريب,إضافة إلى أن الجزيرة الرياضية تكرمت ببثها عبر فضائيتها غير المشفرة وبتعليق حفيظ دراجي الجزائري كطعم لاصطياد المشاهدين الجزائريين الذين اشتروا كل بطاقات الجزيرة المعروضة في السوق, وكما قال أحد الزبائن: "مافائدة جهاز التلفاز دون مباريات كرة القدم؟"، وقال آخر : " أفضل اكتساب تلفاز صغير وبطاقة بمليون سنتيم على اكتساب شاشة عملاقة بقناة واحد " ، كما أن مباريات الخضر الأخرى في التصفيات قدمتها الأرضية ولكن رفقة الفضائية الأمازيغية وكنال ألجيري ..
والغريب أن إمكانية متابعة الأرضية عبر الفضائيات غير ممكن للجميع وهذا حسب نوعية "الديمو"، لأجل ذلك تثاقلت مشاكل عشاق الكرة، ناهيك عن أن الأرضية التي لن توفر سوى عشر مباريات كأقصى تقدير، وهو رقم مجهري مقارنة بالعرس الكروي الإفريقي الكبير الذي تشارك فيه 16 دولة تلعب كل واحدة منها 3 مباريات في الدور الأول الذي سيشهد 48 مقابلة كاملة، إضافة إلى الثماني مباريات في الأدوار الأخرى، أي أن الجزائريين سيشاهدون أقل من 15 بالمائة من كأس أمم إفريقيا، طبعا لمن له إمكانية الاستفادة من خدمات القناة الأرضية، مع الإشارة إل أن مناطق في جيجل وسكيكدة يتعذر عليهم التقاط القناة الأرضية منذ زمن بعيد .. !
وأدى هذا الوضع إلى دخول المقاهي التي جهزت نفسها ببطاقات "الجزيرة" في سباق مع الزمن لأجل توفير الأجواء التي تعيد لهم الزبائن وتمكنهم من تسويق الكثير من المأكولات والمشروبات والمشمومات "الشيشة" طيلة الأسابيع الثلاثة، وربما أياما قبل وبعد التظاهرة الإفريقية الكروية, كما صارت المطاعم أيضا تلجأ لهذه الوسائل,وتبعتها مطاعم فاخرة صارت تقدم "بطاقة الزيارة" وتركز فيها على أن قاعتها فيها تلفاز يلتقط كل القنوات الرياضية المشفرة، وهي دعوة لمتابعة مباريات الخضر في أجواء عائلية مقابل وجبة غداء في لقاء مالاوي أو طبق بيتزا أو عشاء في لقاء مالي الثاني، الذي سيلعب مساءً، عكس مواجهة مالاوي التي تلعب بعد الزوال، والجديد في كأس أمم إفريقيا أن البلديات ومديريات الشباب والرياضة لا يمكنها أن توفر الشاشات العملاقة كما دأبت على فعل ذلك خلال التصفيات المونديالية منذ لقاء البليدة في السابع من شهر جوان، لسببين هامين، أولهما أن اللقاء الأول مثلا يجري نهارا وليس ليلا مما يفقد الصورة وضوحها, والثاني هو الأحوال الجوية الماطرة والمثلجة التي تميز الجزائر من شرقها إلى غربها، مما يمنع المتابعة في الهواء الطلق, كما حدث في اللقاء الرمضاني أمام زامبيا والأخير أمام مصر في القاهرة ثم في السودان.. أما المعضلة الكبرى فهي تزامن المباراة الأولى مع يوم دراسي ستجد المؤسسات التعليمية نفسها مجبرة على توعية التلاميذ خاصة في الطورين التكميلي والثانوي من عدم المغامرة بالغياب، خاصة أن اليتيمة لا يمكنها أن تعيد المباراة ليلا, وكان الإثنين إلى غاية الموسم الماضي نصف عطلة مسائية، ولكنه هذا العام هو ثاني أيام الأسبوع، والدراسة فيه صباحية ومسائية كما كان معمولا به سابقا.. ويبقى حضور الجامعيين إلى مقاعد الدراسة خلال مواجهة الجزائر لمالاوي من سابع المستحيلات.. بل إن بعض الطلبة في بعض الفروع في العلوم الانسانية قرروا منح أنفسهم عطلة ويبقون في مساكنهم وقراهم أومدنهم إلى غاية نهاية كأس أمم إفريقيا .