*الصفات العامّة،و الخاصّة للحروف*
للعربية تفرّد في مجال الأصوات يشهد لها به أهلها، و الأجانب، و قد أفصح علماؤها الأوائل عـن كثير من جوانب هذا التفرّد،و ألوانه،و خاصّة في مجال ذوق الحروف المفردة،و تركيب الكـلمات، و العبارات منها.و المراد بـالحرف لغة :حدّ الشيء،و حدّته.أمّا اصطلاحا: فلقد قيل فيه :الـحرف هو وحدة تصنيفية يقول بها دارس اللّغة حين يقسم العدد الأكثر من الأصوات إلى العدد الأقـلّ من الحروف إذ قد يشمل الحرف الواحد على أكثر من صوت واحد.
فالحرف إذن حزمة من الصفات الذاتية. أمّا المراد بـالصوت؛ فـلغة: يقصد به مصدر صات الشيء، يصوّت صوتًا فهو عام غير مختصّ. أمّا اصطلاحًا: فلقد عـُرِّفَ بتعريف دقـيـق كما يلي: هو تذبذب ذرّات الهواء المحيط في شكـل موجات تنتشر في الهواء بسـرعة 340 مترا في ثانية نتيجة وجود جسم متذبذب حتّـى تصل آلة التلّقي التي تكون آلة طبيعية كالأذن، أو اصطناعية تقوم بوظيفة الأذن. و هو في عُرف العـلماء عملية حركية ذات أثر سمعي من أداء المتكلّم في نشاطه الـلـّغوي العادي اليومي. *صفات الحروف* و معنى الصفة في الاصطلاح أنّها كيفية تعرض للحرف عند حصوله في المخرج من الجهر، و الرّخاوة، و الشدّة، و الهمس، و نحو ذلك، وهذه الصفات لازمة للحروف لا تنفكّ عنه أبدًا. تعطي الطرق المختلفة لنطق الأصوات الصامتة صفاتها الرئيسية كالجهر،و الهمس،و الإطباق، و نحو ذلك، و قد ذكر أحد القرّاء المعاصرين أنّ أكثر القرّاء اعتدّوا سـبع عشرة صفة منها عشرة متضـادّة،و سبعة غير متضادّة،و أهمّ ما يدرسه المحـدثون من صـفات النـطق ما يتعلّق بحركة الوترين الصوتيين، و حركة اللّسان. *1*صفات لها أضداد: أوّلا / أ* الجـهر: معنى الحرف المجهور؛أنّه حرف قوي منع النَفَسَ أن يجري معه عند النّطق به لِقوّته، و قوّة الاعتماد عليه في موضع خروجه، و من جهة أخرى فإنّ النّطق مع وجود ذبذبة في الوترين الصوتيين يولـّد صفة الجهر، و الأصوات العربية التي تتصّــف بهذه الصفة هي ب – م – ج – د – ذ – ر – ز – ض – ظ – ع – غ – ل – ن – و – ي ). ب* الهمس: هو جريان النّـَفَسِ عند النّطق بالحرف لضعف الاعتماد على مخرجه،و هو من صفات الضعف، و يتحققّ الهـمس بإخراج نَـفَـسٍ مع كلّ حرف من حـروفه العشرة المجموعة في قولك فـحـثـه شـخـص سـكـت )، و من جهة أخرى فإنّ النّطـق مع عدم وجود ذبذبة في الوترين الصوتيين يولّد صفة الهمس،و هو أقلّ ورودًا في الكــلام من الجهر. ثانيا / أ* الشــدّة: هي امتناع جريان الصّوت عند النّطق بالحرف لقوّة الاعتماد على مخرجه، و حروفها ثمانية مجموعة في قولك أجــدك قــطــبــت ). ب* الرخاوة: هي جريان الصّوت عند النّطق بالحرف لضعف الاعتماد على مخـرجه، و حروفها خمسة عشر حرفا ث – ج – خ – ذ – ز – س – ش – ص – ض – ظ – غ – ف – هـ – و – ي ). ج* التوّسط: هو صفة بين الرخاوة، و الشدّة، و حروفها خمسة مجموعة في قولك: ( ل.ن ع.م.ر ). ثـالثا / أ* الإطباق: هو تلاصق كلّ من اللّسان، و الحنك الأعلى عند النّـطق بالحرف، و هو صفة من صفات القوّة، و حروفه أربعة هي ص – ض – ط – ظ )، و ينتج الإطباق قيمة فنّية هي التّفخيم. ب* الإنفتاح: و هو تجافي كلّ من اللّسان،و الحنك الأعلى عن الآخر حتّى يخرج النَفَس عند النّطق بالحرف من بينهما، و حروفه أربعة و عشرون بعد حذف حروف الإطباق. رابعا / أ* الاستعلاء: هو ارتفاع اللّسان إلى الحنك الأعلى عند النّطق بالحرف، و هو صـفة من صفات القوّة، و حروف الاستعلاء هي حروف التّفخيم، و عددها سبعـة مجموعة في قولك خص ضغط قظ )،و يجعل ابن جنّي الحروف المستعلية في قسمين؛ الأولى فيها إطباق مع استعلاء، و هي ص – ض – ط – ظ )، و الثانية لا إطباق فيها مع استعلائها، و هي خ – غ – ق ). ب* الانخفاض: هو انخفاض اللّسان عن الحنك الأعلى عند النّطق بالحرف، و هو صفة من صـفات الضعف، و حروفه هي المتبقيّة بعد حـذف حروف الاسـتعلاء، و سميّت مستفلـّة لأنّ اللّسان يستفل بها إلى قاع الفمّ عند النّطق بها على هيئة مخارجها. خامسا / أ* الإذلاق: هو خفّة النّطق بالحرف لخروجه من طرف اللّسان،أو الشفة،و هي صفة بين القوّة، و الضعف، و حروفه ستّة مجموعة في قولك فـر من لـب )، و سميّت بالحروف المذلقة إذ هي من طرف اللّسان،و هي أخّف الحروف على اللّسان، و أكثر امتزاجـًا بغيرها. ب* الإصمات: و هو ثقل الحرف ثقلا يؤدّي إلى الامتناع عن انفراد حروفه أصولاً في الكلمة الرباعية، و الخماسية، و لا بدّ حينئذ من أن يكون في الكلمة الرباعية، أو الخماسية حرف مذلق أو أكثر حتّى تكون عربية.و حروف الإصمات هي الحروف الإثنان، و العشرون المتبّقية من حروف الهجاء بعد حذف حـروف الإذلاق. *2*صفات لا ضدّ: 1* الصفير: هو صوت زائد يشبه صوت الطائر يخرج من بين الشفتين مــلازما لحروفه، و سبب الصفير ضيق الانفتاح حين نطق هذه الأصوات الرّخوة،و حروفه هي ص – ز – س ). 2* القلقلة: و هي إظهار نبرة للصوت ناتجة عن اضطراب في المخرج عـند النطق بـأيّ حرف من حروفها إذا سكن،و ذلك لما في حروفها من الجهر،و الشدّة،و حروفها هي قطب جد ). 3* اللـــّين: هو خروج الحرف من غير كلفة على اللّسان، و هو صفة للواو، و الياء الساكنتين المفتوح ما قبلهما، و للألف التي لا تكون إلاّ ساكنة، و قبلها مفتوح. 4* الانحراف: هو ميل الحرف عن مخرجه حيث يتصّل بمخرج غيره، و حروفه اثنان هما: ( ل – ر )، و سميّ هذين الحرفين بذلك لأنّهما انحرفا عن مخرجهما حتّى اتّصلا بمخرج غيرهما، و عن صفتهما إلى صفة أخرى. 5* التكرير: هو ارتجاف رأس اللّسان عند النّطق بحرف ( الراء )، و التكرار في حـرف الراء عيب يجب تجنّبه لا فعله.و الرّاء تتكررّ على اللّسان عند النّطق لارتعاد اللّسان، فكأنّما يطرق طرف اللّسان حافة الحنك طرقـًا ليّنـًا يسيرًا مرّتين، أو ثلاثا لتتكوّن الرّاء العربية. 6* التفشي: هو صفة لـلشين تشير إلى كثرة انتشار الهواء بين اللّسان، و الحنك، لأنّ منطقة الهواء في الفمّ عند النّطق بالشين أوسع منها عند النطق بالسين، و لذلك لا يُسمع لخروج الهواء حين النّطق بالشين ذلك الصفير الملحوظ حين النطق بالسين. 7* الاستطالة: و هي امتداد الصوت من أوّل إحدى حافتي اللّسان إلى آخرهما،و ذلـك عند النطق بحرفه الوحيد،وهو ( الضاد ). و نتمنّى لكلّ باحث، أو دارس، أو قارئ أن يتذوّق ما قاله القدامى بصبر، و تأنّ ٍ ليصل إلى نتائج المحدثين.