الذي أعجزَ واليــه ,,,
عندما نقلب صفحات تاريخنا المجيد , نجد بعض القصص التي يكون فيها من الحكم والعبر الشيء الكثير .. اليوم سوف نخبركم عن قصة حدثت في زمن من الأزمان .. ولمعرفة المزيد دعونا ننقلكم إلى الدولة العباسية ...
الزمان :العصر العباسي الأول.
المكان :دار الخلافة - بغداد
الحارس: السلام عليك أيها الوالي
الوالي: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الجارية: السلام عليك يا والينا
الوالي : وعليكِ السلام ورحمة الله .. يا غلام .. إني لا أرى شاعراً يستحق مالاً مقابل كُليمات معسولة الهدف منها نيل بعض المال
الحارس: صدقت يا مولاي
الوالي : إذن أعلن للناس جميعاً أن الوالي سيعطي مبلغاً من المال لكل قصيدة لم يسمعها قط ويكون مقابل ما كُتبت عليه ذهباً
أعلن الحارس الخبر للجميع فسمع الشعراء الأمر وأعدوا عدتهم لذلك
الخليفة: من بالباب؟
الحاجب :شاعر يطلب الإذن!
الخليفة:أدخلوه!
يدخل الشاعر فيسلم ويستأذن لإلقاء قصيدته التي قضى الليل ينقحها ويحسنها!
الشاعر:
فويلٌ لمن لم تشقه الحياة *** من صفعة العدم المندثر
كذلك قالت لي الكائنات *** وحدثني روحها المستتر
ودمدمت الريح بين الفجاج *** وفوق الجبال وتحت الشجر
الخليفة:أنا أعرف هذه القصيدة,ثم يعيد عليه قصيدته كاملة.
الشاعر المسكين يكاد يفقد صوابه .. انه لم يسمعها أحد من قبل ،كيف حدث هذا؟
الخليفة: عندي غيري ممن يعرفها ،تعال يا غلام .. يأتي الغلام ويعيد القصيدة فقد سمعها مرتين من الشاعر ومن الخليفة. ثم تأتي الجارية وتعيدها.
ثم يخرج الشاعر تلو الشاعر خاسرا كاسفا.
بعد ذلك يجتمع الشعراء في أحد طرقات بغداد يندبون حظهم ويفكرون بما يحل إشكالهم , وبينما هم في همهم وغمهم إذ يمر بهم الأصمعي الأديب العباسي الألمعي
الأصمعي: ما بكم يا معشر الشعراء؟
فيخبرونه بأمرهم مع الخليفة , فكّر قليلاً ثم تركهم ومضى ..
الحاجب:يا أمير المؤمنين ،شاعر أعرابي ملثم على ناقته يطلب الإذن.
الخليفة :أدخلوه
يدخل الأعرابي وقد لبس ثيابا أعرابية بالية .
الخليفة :ما عندك يا أعرابي ؟
الأعرابي:قصيدة أريد عليها الجزاء منكم!
الخليفة :وهل تعرف شرطنا؟
الأعرابي :نعم ولكن هل لي من شرط؟
الخليفة : وما شرطك؟
الأعرابي :ان كانت من قولي أعطيتني مثل وزن ما كتبت عليه ذهبا.
الخليفة :ولك ما شرطت!
وبدأ الأعرابي :
صـوت صــفير الـبلبـلي *** هيج قـــلبي الثمــلي
المـــــــاء والزهر معا *** مــــع زهرِ لحظِ المٌقَلي
و أنت يا ســـــــــيدَ لي *** وســــــيدي ومولي لي
فكــــــــم فكــــم تيمني *** غُـــزَيلٌ عقــــــــــيقَلي
قطَّفتَه من وجــــــــــنَةٍ *** من لثم ورد الخــــجلي
فـــــــقال لا لا لا لا لا *** وقــــــــد غدا مهرولي
والخُـــــوذ مالت طربا *** من فعل هـــذا الرجلي
فــــــــولولت وولولت *** ولـــــي ولي يا ويل لي
فقلت لا تولولـــــــــي *** وبيني اللؤلؤ لــــــــــي
قالت له حين كـــــــذا *** انهض وجــــــد بالنقلي
وفتية سقــــــــــــونني *** قـــــــــهوة كالعسل لي
شممـــــــــــتها بأنافي *** أزكـــــــى من القرنفلي
في وســط بستان حلي *** بالزهر والســـــرور لي
والعـــود دندن دنا لي *** والطبل طبطب طب لـي
والسقف سق سق سق لي *** والرقص قد طاب لي
شـوى شـوى وشــــاهش *** على ورق ســـفرجلي
وغرد القمري يصـــــيح *** ملل فـــــــــــي مللي
ولــــــــــــو تراني راكبا *** علــــى حمار اهزلي
يمشي علــــــــــــى ثلاثة *** كمـــــشية العرنجلي
والناس ترجــــــــم جملي *** في الســوق بالقلقللي
والكـــــــــل كعكع كعِكَع *** خلفي ومـــن حويللي
لكـــــــــــن مشيت هاربا *** من خشـــية العقنقلي
إلى لقاء مــــــــــــــــلك *** مــــــــــعظم مبجلي
يأمر لي بخـــــــــــــلعة *** حمـــراء كالدم دملي
اجــــــــــــر فيها ماشيا *** مبغــــــــــددا للذيلي
انا الأديب الألمــعي من *** حي ارض الموصلي
نظمت قطــــعا زخرفت *** يعجز عنها الأدبو لي
أقول في مطلعــــــــــها *** صوت صفير البلبلي
بدا القلق واضحاً على الخليفة .. يدير رأسه إلى غلامه :
يا غلام أسمعت القصيدة ؟
الغلام : والله ما مرت بسمعي قط يا أمير المؤمنين!
الخليفة:يا جارية أسمعتي بها؟
الجارية:لا والله!
الخليفة:أين ما كتبت عليه قصيدتك يا أعرابي حتى نكافئك !
قال : ورثت عمود رخام من أبي وقد كتبتها عليه ، لا يحمله إلا عشرة من الجند.
فأحضروه فوزن الصندوق كله ..
الخليفة: أمط لثامك يا أعرابي
فأزال الأعرابي لثامه فإذا به الأصمعي
منقووول وشكرا