لم ينس بعد، الشارع الكروي الجزائري، تلك المشاهد المروعة التي شهدها ملعب 5جويلية على هامش نهائي كأس شمال إفريقيا بين المولودية والنادي الإفريقي التونسي، حيث تسبب أنصار العميد في تحطيم آلاف الكراسي، التي ظلت تتساقط من المدرجات العليا والسفلى أمام أنظار كل الجزائريين الذين كادوا يذرفوا دموع الحسرة والأسف، طالما أن المباراة دولية شاهدها القاصي والداني وبُثت على المباشر،، كما أن تلك الأفعال طالت جوهرة الرياضة الجزائرية التي لا زلنا نتباهى بها بين الأمم والتي يبذل القائمون عليها قصارى جهودهم للحفاظ على سمعتها وتحضيرها لاحتضان مباراتي الخضر أمام تونس، يوم 9 فيفري المقبل، والمغرب في 25 مارس المقبل .
وتبعا للمقال الذي نشرناه في عدد أمس، حول تبعات تلك الأحداث، حاولنا من خلال هذا اللقاء الذي جمعنا بمدير المركب نور الدين بلميهوب بمكتبه صباح أمس، أن نطلع القراء والجماهير على أدق التفاصيل، حول ما حدث بالضبط ومستقبل العلاقة بين المركب وفريق المولودية الذي تسبب أنصاره في كل ما حدث .
3500 مقعد وعشرات الحنفيات حطمت
أكد السيد بلميهوب في مطلع حديثه أن حجم الخسائر التي لحقت بالملعب كبير وكبير جدا، وربما هي الأولى منذ أن فتح أبوابه سنة 1972 أن شهد مثل تلك الخسائر، حيث قدرها بمئات الملايين، وقد بلغ عدد الكراسي التي حطمت حوالي 3500، فضلا عن تحطيم عشرات الحنفيات ودورات المياه: "صراحة حجم الخسائر كبير جدا ولم يخطر ببال أحد، بدليل أن الخبراء الذين عاينوا طيلة يومي الأحد والإثنين الوضع اندهشوا، وقد دونوا كل شيء، وأخذوا صورا عما حدث، وسيقدمون في الساعات القليلة المقبلة الحصيلة النهائية للخسائر، قصد اتخاذ الترتيبات لتقديم التعويضات، وحتى المحضر القضائي موجود بعين المكان لمعاينة ما حدث وتدوين تقريره ".
وعن سؤال يتعلق بالقيمة المالية الإجمالية للخسائر، قال بلميهوب، إنه يتعذر عليه حاليا تقديم أي رقم طالما أن عملية المعاينة لم تنته بعد، مشيرا إلى أنه سيقدم الأرقام مباشرة بعد حصوله على الوثائق من خبراء التأمين، وهو - كما أضاف - متشبث بأي قيمة زهيدة كانت أو كبيرة، طالما أن المهمة الآن تتعلق بإعادة ترميم وإصلاح كل ما حطم .
أغلقنا الأبواب أمام المولودية مؤقتا
أما عن الخطوة المقبلة التي ستقوم بها إدارة المركب لإصلاح ما تحطم، قال لنا نور الدين بلميهوب: "نحن الآن في مرحلة المعاينة والتشخيص، وبعد الانتهاء منها سنمر إلى مرحلة الإصلاح التي ستأخذ في اعتقادنا وقتا أطولَ، حيث سنبدأ بالترميم بصفة تدريجية وفق الإمكانات المادية التي يتوفر عليها المركب ووفق قيمة التعويضات التي سنستلمها من شركة التأمين، وهو السبب الذي جعلنا نغلق أبواب الملعب مؤقتا أمام فريق المولودية في المنافسات الوطنية، وبعدها سنعيد فتح الأبواب مجددا".
وعن العلاقة بين إدارة المركب والمولودية، رد بلميهوب "أن ثمة مشكل ديون فقط يعود للسنوات الماضية، والمولودية - على حد قول مسيريها - أعلنت أنها لا تملك الأموال لتسديد تلك الديون، لكنهم بالمقابل أعلنوا استعدادهم لتسديدها لدى دخول الأموال، وأنا كإطار أدافع عن مصلحة المركب الأولمبي، ومن واجبي السعي لحل هذه المشاكل واسترداد الدين، بينما رحيل المولودية للرويبة - كما قال فليس - أن هناك مشاكلَ بين الطرفين، بل لأسباب تقنية كما قلت من قبل تتعلق بحالة الملعب" أضاف السيد يبموهوب.
اتحاد شمال إفريقيا تنازل عن حصته من المداخيل
وبخصوص مداخيل المباراة التي وصفها نور الدين بلميهوب بالزهيدة جدا، فقد أكد من جانب آخر أن هذه الحصيلة ستقسم بدورها على الجهات المعنية على غرار المولودية، واتحاد شمال إفريقيا، والمثلج للصدر قليلا - قال مدير ملعب5 جويلية - إن اتحاد شمال إفريقيا أعلن لإدارة الملعب تنازله عن حصته من المداخيل والتي لن تكون كبيرة تقارب الـ70مليون، طالما أن الحصة الإجمالية للمداخيل تقارب الـ300مليون سنتيم، وحصة المولودية هي الأخرى ليست كبيرة .
وعن سؤال حول إن كان رئيس اتحاد شمال إفريقيا قد أعلن استعداده لمساعدة إدارة المركب بحصة مالية أخرى لترميم الملعب، أكد مدير الملعب أن لا شيء حدث في هذا المجال، لكنه لن يرفض ذلك في حال إقدام محمد على هذه المبادرة، خصوصا وأنه على علم بالوضعية المالية للمركب الأولمبي، ومرحبا بأي مساعدة من رئيس اتحاد شمال إفريقيا .
مزورو التذاكر قُدموا للعدالة
وعلاوة على أعمال الشغب والتحطيم التي تعرضت لها منشآت ملعب5جويلية، كشف لنا المدير العام للمركب أيضا عن ضبط عدد من مزوري تذاكر الدخول، وهي العملية التي بدأت تأخذ في اعتقادنا أبعادا خطيرة، طالما أن نفس تلك الممارسات حدثت في بعض مباريات المنتخب الوطني، والوضع بدأ ينذر بالخطر: "فعلا لقد ضبطت مصالح الأمن الخميس الماضي عددا من مزوري التذاكر، وقد أحالتهم على العدالة وسيحاكمون في الأسابيع المقبلة مثلما كان الحال في المناسبات السابقة، حيث تكون المحاكم مصير كل من تضبط بحوزتهم تذاكر مزورة" علما -كما أضاف ضيف الشروق - أن العدد الإجمالي للحاضرين في المدرجات وصل إلى حوالي19 ألف متفرج، في حين بيعت رسميا11ألف تذكرة، بمعنى أن حوالي 8 ألاف متفرج دخلوا الملعب بطرق غير شرعية .
24 شابا ضبطوا وهم يحطمون .. وسيحاكمون مطلع فيفري
وكشف محدثنا أيضا أن الشبان الذين ضبطوا متلبسين في أعمال تحطيم المقاعد بالمدرجات العليا، قدر عددهم بـ24 شابا، أحيلوا يوم الجمعة، على وكيل الجمهورية، ومصالح الأمن قامت بعملها واستمعت لأقوالهم، وقد أطلق سراحهم مؤقتا، ومن المقرر أن يحاكموا هم أيضا خلال الأسبوع الأول من شهر فيفري المقبل، والقوانين واضحة في مثل هذه الأحداث .
لم نتلق أي مكتوب من روراوة بشأن مباريات الخضر
ولا شك أن ما حدث الخميس الماضي، من تحطيم لهياكل الملعب وتجاوزات في حق شخص رئيس الفاف محمد روراوة، وما قد ينجر عنها من مخاوف، سيما بخصوص مباراتي الخضر أمام كل من تونس والمغرب، قد تفرض نفسها في الواقع، غير أن المسؤول الأول على المركب كان صريحا إلى أبعد الحدود، معلنا أنه لا يتمنى أن يرى الخضر يغادرون ملعب5 جويلية، لأن ذلك قد يؤثر سلبيا في سمعة الملعب، وقد يحرم المؤسسة من مداخيل مالية معتبرة، مشيرا إلى أن ما حدث كل من فعل مجموعة من الشبان الصغار المتهورين، ولم يسبق أن شهد الملعب أعمال شغب من هذه الدرجة.
ونفى المتحدث في ذات السياق أن تكون لديه أي نية للإتصال برئيس الفاف لمطالبته بما يدور في ذهنه، بخصوص هذه النقطة، طالما أنه لا يملك أي شيء ملموس، وينتظر التحرك في حال إبلاغه كتابيا بأي قرار أو سماعه أي معلومة من مسؤولي الفاف، لكن طالما أنه لا يوجد أي شيء رسمي، فمباراتا الخضر ستجريان في5 جويلية .
كما أعلن محدثنا أن روراوة هو المسؤول الأول على الفاف، وهو حر في اختيار الملعب الذي يراه مناسبا لاحتضان مباريات المنتخب الوطني، والمكان الأنسب لتمكين النخبة الوطنية من الفوز واللعب بكل راحة .
وفي ذات السياق، قال المتحدث إن كل الظروف جاهزة بالملعب لاحتضان مباراتي المنتخب الوطني، وما جرى الخميس الماضي لن يؤثر في قدرة الملعب على احتضان المواجهتين .
أرضية الميدان ليست كارثية وستكون أحسن مستقبلا
أما بخصوص حالة أرضية الميدان حاليا، فأكد مدير مركب5 جويلية أنها جيدة ولا يوجد أي مشكل بشأنها، مؤكدا أنها كانت عادية الخميس الفارط، ولم تعرقل اللاعبين، كاشفا أن الأمطار تهاطلت بغزارة يوم المباراة وقبلها طيلة الأسبوع الماضي، "كما لم نشاهد خلال التسعين دقيقة بركا مائية، مما يعني أن لا يوجد أي مشكل في هذا الشأن ".
واستغل محدثنا الفرصة لمطالبة الجزائريين بإجراء مقارنة بسيطة بين حالة الأرضية الموسم الماضي، ولا شك أنهم لاحظوا تحسنا كبيرا بفضل عمليات المعالجة التي تخضع لها والعناية الفائقة التي تحظى بها من قبل المهندسين في الاختصاص الذين يشتغلون بالمركب، لافتا الانتباه إلى وجود مراحل يمر بها عشب الملعب، ففي بعض الأحيان لا ينبت بسرعة، لكنه يسترجع حالته العادية فيما بعد .
وأكد المسئول الأول على المركب الأولمبي أيضا، أن "اللجنة التي أوفدت من أجل معاينة مشاكل أرضية 5 جويلية، فقد أدت دور المخبر، وقد أنهت عملها بمنحنا شبه وصفة عن طرق علاج الأرضية فقط، ونحن بصدد اتباع تلك الطرق والنتائج، تحسنت كثيرا وستتحسن أكثر مستقبلا"