أعطى رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين الضوء الأخضر للشروع في إنجاز المشاريع الرياضية الكبرى لاحتضان نهائيات كأس العالم 2018 لكرة القدم. وقدرت الحكومة الروسية تكاليف تلك المشاريع ما بين سبعة مليارات وعشرة مليارات دولار.
تنحصر هذه المشاريع في الجزء الأوروبي من البلاد، وتسعى الحكومة الروسية إلى الانتهاء من إنجاز المنشآت اللازمة قبل سنة من موعد انطلاق مونديال 2018 . وأعلن بوتين أن حكومته تخطط لتشييد مئات الملاعب الجديدة في كامل أرجاء البلاد، على أن يتوافق قسم منها مع معايير الاتحاد الدولي لكرة القدم ( الفيفا ) ، إذ لا يوجد في روسيا حتى الآن سوى ملعب واحد مطابق لمقاييس الفيفا وهو ملعب لوجينسكي في العاصمة موسكو .
علاوة على بناء الملاعب، ترى الحكومة الروسية أنه من الضروري إعادة تهيئة وتحسين المنشآت القاعدية بما فيها الطرقات والمطارات والفنادق وإنشاء المراكز اللازمة لتدريب الفرق. ومن ذلك تشغيل مصنع مؤخرا في مدينة أوليانوفسك لإنتاج تجهيزات الملاعب، التي كانت البلاد تستوردها من الخارج .
وكانت أكثر هذه المشاريع ضمن مخططات الحكومة قبل اختيار روسيا لاستضافة كأس العالم 2018، كجزء من البرامج النهضوية الشاملة التي ينتهجها بوتين منذ ظهوره على مسرح روسيا السياسي كرئيس للبلاد ثم كرئيس للوزراء.
وكشفت أحدث تصريحات الرجل، عن اعتزام حكومته الاستعانة بخبراء فرنسيين للاستفادة من التجربة الفرنسية في تنظيم المنافسات الرياضية الدولية الكبرى، وفي ذلك اعتراف وإعجاب واضحين بنجاح الفرنسيين في تنظيم نهائيات كأس العالم لعام 1998 . وناقش بوتين هذه الفكرة مع نظيره الفرنسي فرنسوا فيون الذي زار موسكو الأسبوع الماضي بمناسبة التئام اللجنة الروسية الفرنسية المشتركة .
وتنوي السلطات الروسية إضفاء صبغة خاصة على مونديال 2018، ليس من خلال التنظيم الباهر الذي تسعى إليه فحسب، ولكن أيضا من خلال استقطاب الملايين من عشاق المستديرة الساحرة. إذ أعلن الرئيس الروسي دميتري ميدفيدف عن اعتزام بلاده إلغاء التأشيرة على أي شخص يحمل تذاكر المباريات. وكان ألكسي سوروكين، المدير العام للجنة الملف الروسي لمونديال 2018، قد أعلن أثناء تقديم الملف الروسي في زيوريخ، أن أي مشجع يحمل بطاقة حضور لأي من المباريات يستطيع دخول الأراضي الروسية دون تأشيرة.
وينص الملف الروسي المقدم إلى الفيفا على إقامة مباريات المونديال في ثلاث عشرة مدينة، إلا أن القائمة النهائية للمدن الروسية التي ستحتضن المباريات ستضبط في شكلها النهائي في القادم من الأيام .
وتسعى اللجنة الروسية لحصر المباريات في مساحة جغرافية محدودة، تفاديا لإرهاق المشاركين بالتنقل بين مدينة وأخرى لشساعة مساحة البلاد. مع ذلك سوف تستضيف مدينتا موسكو وسان بطرسبورغ مباريات هامة بوصفهما أكبر مدينتين في روسيا الاتحادية وأجملهما على الإطلاق.
وفي سياق المشاورات الجارية حول المدن التي ستجرى فيها مباريات المونديال، لم يخف رئيس جمهورية الشيشان رمضان قاديروف رغبته في أن تفوز العاصمة غروزني بشرف استضافة إحدى مباريات المونديال، وفي حال كللت مساعيه بالنجاح، فإن ذلك سيكون إنجازا باهرا ليس للحكومة الشيشانية فقط، وإنما للحكومة المركزية في موسكو التي تحرص على تقديم صورة زاهية عن الوضع في شمال القوقاز .
ويدلل فوز روسيا الاتحادية باستضافة مونديال 2018، على مستوى الاستقرار الأمني والاقتصادي الذي بلغته البلاد في عهد بوتين حتى بات الأوروبيون يصفونها باسم "روسيا الجديدة". وقبل المونديال نجحت روسيا في استضافة الأولمبياد الشتوي في سوتشي عام 2014، وهي المنطقة التي حازت على قسط وفير من مخصصات الحكومة من أجل التنمية، وما ذلك إلا دليل على البحبوحة المالية التي تعيشها روسيا الاتحادية في ظل ارتفاع أسعار المحروقات .