آيسلندا جزيرة تقع جنوبي الدائرة القطبية الشمالية مباشرة في المحيط الأطلسي الشمالي، وتَبْعُد نحو 320كم، إلى الشرق من جرينلاند، و 1050كم تقريباً إلى الغرب من دولة النرويج.
ويُطلق على آيسلندا أحياناً اسم أرض الصقيع والنار، وذلك لأنها تتميز بوجود أنهار جليدية ضخمة تقع مجاورة للينابيع الحارة المتصاعد منها البخار والبراكين. وقد أطَلق على آيسلندا هذا الاسم أحد المستوطنين الأوائل، الذي أدهشه منظر الجليد في المياه الساحلية، وهو يكاد يبتلع الجزيرة بعد نزوح شتاءٍ طويل بالغ الزمهرير. بيد أن آيسلندا لم تبلغ من قسوة البرد مبلغ معظم البلاد المماثلة لها بوصفها بقعة في أقصى الشمال. ويقوم تيار الخليج بتدفئة معظم الساحل الآيسلندي، وآيسلندا هي أيضاً أرض شمس نصف الليل، فهي مضيئة 24 ساعة تقريباً في اليوم خلال شهر يونيو، ويكتنفها الظلام مثل تلك الفترة في شهر ديسمبر.
ويعيش الغالبية العظمى من الآيسلنديين في المدن الساحلية، وكثيرون منهم يكسبون رزقهم من البحر، إما بصيد الأسماك، أو بالعمل في مصانع تعليبها. وتكاد تقتصر كل صادرات آيسلندا على السمك أو منتجاته.
وقد استوطنت شعوب من النرويج، ومن مستعمرات الفايكنج، والقراصنة من سكان الجزر البريطانية، آيسلندا بداية من سنة 870م. كما بسطت النرويج سلطانها عليها سنة 1262م. وبعد سنة 1380م، وقعت آيسلندا تحت حكم الدنمارك، وفي أواخر القرن التاسع عشر، استعادت الحكومة الآيسلندية السيطرة على الشؤون الداخلية في البلاد. وبحلول عام 1918م، أصبحت آيسلندا مملكة تتمتع بالحكم الذاتي في اتحاد مع دولة الدنمارك، ثم مالبثت أن نالتْ استقلالها التام سنة 1944م. العاصمة ريكيافيك، هي كُبرى المدن، وَيَبْلّغُ تعداد سكانها 99،623 نسمة.
نظام الحكم
الحكومة الوطنية. آيسلندا دولة جمهورية، والشعب ينتخب رئيسه لمدة أربع سنوات، ورئيس الجمهورية هو رأس الدولة الرسمي، غير أن سلطاته محدودة، ذلك لأن رئيس الوزراء في الحقيقة هو الذي يدير شؤون البلاد يساعده مجلس الوزراء الذي يقترح وينفذ السياسات الحكومية. وَيُعين هؤلاء رئيس الجمهورية بعد موافقة الألثينج، أي البرلمان الذي يسن القوانين للدولة. والشعب يختار بالانتخاب المباشر 54 عضواً من بين 63 عضواً من أعضاء البرلمان، أما المقاعد التسعة المتبقية فإنها تقسّم بين ممثلي الأحزاب المنتخبين للبرلمان بنسبة مماثلة لعدد الأصوات التي حصل عليها كل حزب في الانتخابات. ومدة العضوية في البرلمان أربع سنوات. والبرلمان يقسّم نفسه إلى 21 عضواً في المجلس الأعلى، و42 عضواً في المجلس الأدني. وبأيسلندا ستة أحزاب سياسية رئيسية هي: حزب الاستقلال، والحزب الاشتراكي الديمقراطي، وحزب تحالف قوى الشعب، والحزب التقدمي، وحزب المدنيين، ثم حزب تحالف النساء.
الحكومة المحلية. يتولى حاكم مدني معين من قِبل الحكومة الوطنية، مع ممثلين من أهل القرى، حكم كل مقاطعة. تحكم المدن مجالس تنتخب لمدة أربع سنوات. وتتولى هذه الحكومات المحلية مهمة تقديم الخدمات مثل التعليم، الصحة، الطرق، برامج تنفيذ القانون. كما تمتلك بعضُ الحكومات المحلية قوارب صيد، أو تدير شؤون المال، مثل مصانع تعليب الأسماك.
السكان
استوطن آيسلندا منذ أكثر من 1100 سنة أناس من النرويج ومن مستعمرات الفايكنج، في الجزر البريطانية، وتزوج بعض هؤلاء المستوطنين من السلت، وبعضهم اتخذ عبيدًا من السلت. وفي عصرنا الحاضر يشبه الآيسلنديون سكان شمال النرويج، وأيرلندا وشمال أسكتلندا. ويكاد يعيش كل الآيسلنديين الآن مثل أسلافهم قرب الساحل، ويسكن ما يقارب نصف السكان في ركيافيك أو قريباً منها، أما البقية فتسكن في القرى والمدن الصغيرة حول الجزيرة.
ويتحدث الآيسلنديون لغة إسكندينافية تسمى الآيسلندية، وهي لغة أقرب شبهًا بالنرويجية القديمة، وهي اللغة الأصلية لأسلافهم، التي يستطيع أحفادهم اليوم أن يقرأوا بها، بسهولة ويسر، القصص والأشعار التي كُتبت في القرنين الثاني عشر، والثالث عشر الميلاديين. كما ويجيد معظم الآيسلنديين التحدث بلغتين أجنبيتين أو أكثر وهي عادة اللغات الدنماركية والإنجليزية والألمانية والسويدية.
وليس للآيسلنديين اسم عائلة، بل إن للواحد منهم اسماً أول مثل: “أسجير” أو “إنجا”، واسماً ثانياً يربط الاسم الأول للأب بالابن بالمقطع، والاسم الثاني للأنثى، وهكذا؛ فلو كان اسم والد أسجير، وإنجا هو جونز فإن اسم أسجير هو أسجير جونز الابن واسم إنجا هو ¸ إنجا جونز الابنة·. ولأنه لاتوجد أسماء عائلة فإن جميع الآيسلنديين ينادي بعضهم بعضًا بالاسم الأول، وهذا سليم لا خطأ فيه. ولأنه لايوجد أسماء عائلة، فإن المرأة لا تُغير اسمها عند الزواج. وهكذا نجد أن للكثير من الآيسلنديين الاسم نفسه، إلى حد أن قائمة الأسماء في سجل الهاتف يدوَّن فيها مهنة كل فرد، إضافة إلى اسمه أو اسمها مع العنوان.
ريكيافيك العاصمة وكبرى مدن آيسلندا، تقع على الساحل الجنوبي الغربي للبلاد. والصورة لأحد الميادين العامة في قلب المدينة.
أنماط المعيشة. يلبس الآيسلنديون، وبخاصة الشاب منهم في المدن الكبيرة الزي الغربي، لكن ماتزال بعض النساء الأكبر سناً يرتدين ثيابًا سوداء طويلة، ويلبسن أحذية متينة، وفي الأعياد ربما ارتدت بعضهن ثيابا تقليدية سوداء موشاة بخيوط ذهبية، أو فضية.
ويتناول الآيسلنديون في طعامهم لحم الضأن والسمك، أكثر مما يأكل الناس في البلاد الأخرى. وهم يفضلون السمك المملّح أو المجفّف، وبخاصة مايُسمى الحدوق والقد. وتتضمن الأطعمة الآيسلندية المقانق المكونة من لحم الضأن، ورأس الخروف. أما الحلوى المفضلة عندهم، فإنها من صنف يسمى سكاير وهو يصنع من اللبن الخاثر ( أو الرايب)، وهو أشبه ما يكون باللبن الزبادي، ويُقدم عادةً بالسكر والقشدة.
وينفق الآيسلنديون قسطًا كبيراً من دخولهم على العناية بمنازلهم، يمدونها بأجهزة التلفاز المستوردة، والثلاجات، والمطابخ الكهربائية، واللوازم الأخرى. وكانت البيوت في الماضي تُبنى بالعشب وجذوره وبالحجارة في القرى، أما في المدن فبالخشب. وحاليًا تُبنى غالبية البيوت بالخرسانة، التي ليس من السهل تدميرها بفعل الزلازل، أو الرياح العاتية، التي تكتسح السواحل عادة. ويقوم كثير من الناس بطلاء واجهات البيوت بالبويات الملونة. ويُستخدم ماء الينابيع الحارة، الذي يُحمل في أنابيب في طول البلاد وعرضها في تدفئة المباني، والبيوت المحمية، حيث تُزرع الفاكهة والخضراوات، والأزهار.
والمعيشة في آيسلندا باهظة التكاليف، لأن العديد مما يبتاعه الآيسلنديون ـ من السيارات حتى الورق ـ يُستورد من الخارج، ولذلك تحتاج الأسر إلى مضاعفة دخلها ضعفين أو أكثر. ومعظم النساء يشتغلن خارج بيوتهن، وكثير من الرجال يشغلون أكثر من وظيفة. والحكومة تولي أطفال الأبوين العاملين الرعاية الكاملة.
يعيش كثير من الشبان والشابات المخطوبين معاً تحت سقف أهل الفتى أو الفتاة قبل الزواج، وقد تمتد تلك المعيشة سنوات طويلة، إذ يعملان ويدخران مالاً من أجل تدبير منزلهما. وفي تلك الأثناء ربما يُنجبون طفلاً أو طفلين. وأكثر من 60% من الأبناء البكر في آيسلندا يُولدون بطريقة غير شرعية أي قبل أن يتم زواج آبائهم. ومعظم الشباب لايتزوجون إلا بعد أن يُعدوا أنفسهم اقتصاديًا، كذلك فإن بعضًا من المتزوجين يقرنون مراسم الزواج بتعميد أبنائهم وتنصيرهم.
الترويح. يهوى الآيسلنديون الرياضة، وبخاصة السباحة، وهم يسبحون طوال الشتاء في أحواض داخل بيوتهم أو خارجها مزودة بماء الينابيع الدافئة. يمارس الآيسلنديون كرة السلة، وكرة اليد، أو التزلج على الجليد، أو اللعب بكرة القدم، ونوعًا من المصارعة يسمى جليما وكثير من الناس يلعبون الشطرنج، والبريدج. والآيسلنديون مولعون بالشعر قديمه وحديثه وكذلك النثر. ويوجد في ريكيافيك مسرحان، وفرقة للموسيقى.
الدين. الغالبية العظمى من الآيسلنديين يدينون بدين الدولة الرسمي، وهو الديانة البروتستانية اللوثرية. وبعضهم ينتمي إلى الكنائس اللوثرية الحرة، والكنائس البروتستانتية الأخرى، أو إلى الكنيسة الرومانية الكاثوليكية.
التعليم. تلزم الحكومة الأطفال من سن السابعة حتى سن الخامسة عشرة للالتحاق بالمدارس، فيما عدا أولئك الذين يسكنون في أماكن نائية. وفي الأماكن القروية، يتخذ الأطفال الحافلات للذهاب إلى مدارسهم، أو يلتحقون بالمدارس الداخلية. أما في بعض المناطق المعزولة، فإن المدرسين ينتقلون من مزرعة إلى أخرى لبضعة أسابيع لتعليم الأطفال. وبعد ست سنوات يقضيها التلاميذ في المدارس الابتدائية، وثلاث في المدارس الثانوية، يُلحقون بالمدارس الثانوية الخاصة لفترة أربع سنوات لتعلم خمس لغات أجنبية على الأقل.
توجد الجامعة الآيسلندية في العاصمة ريكيافيك. وتوجد كليات لتدريب المعلمين، وكليات تجارة، ومدارس لتعليم مختلف الفنون والحرف، والزراعة والاقتصاد المنزلي والهندسة البحرية والتمريض ومدرسة للعلوم البحرية ومعهد للموسيقى.
السطح
تُغطي هضبة عريضة معظم أراضي آيسلندا، غير أن تلك الأرض تنحدر انحدارًا شديداً نحو الأراضي الساحلية المنخفضة التي تكسوها الأعشاب.
الأراضي المنخفضة. المنطقة الوحيدة التي تمد الناس بحاجاتهم المعيشية في آيسلندا، فالعشب ينمو هناك فيُمكّن الناس من تربية الأغنام، وزراعة بعض المحاصيل الغذائية. ويجري بعض من تيار الخليج الدافئ حول الساحلين الجنوبي، والغربي، وبعض أجزاء من الساحل الشمالي، ليمنح المنخفضات الساحلية الدفء، فتكون الموانئ خالية من الجليد، وصالحة للاستعمال على مدار العام. والصيف هنا معتدل لطيف، والشتاء بارد يتراوح متوسط درجة الحرارة في ريكيافيك بين 11م ْ في شهر يوليو، ودرجة واحدة تحت الصفر في يناير. وتصل فيه كمية المطر السنوي إلى 76سم.
الهضبة الداخلية. هضبةٌ جرداء وعرة المسالك، ترتفع بمقدار 762م فوق مستوى سطح البحر، ويجري صدع، أي انكسار في القشرة الأرضية عبر آيسلندا جاعلاً من الهضبة بقعة من عجائب الطبيعة، تنتشر فيها البراكين، والينابيع الحارة، والينابيع التي يتصاعد منها البخار، والأنهار الجليدية، وحقول الحمم البركانية المتوهجة المتألقة وعادة ما تهز الزلازل الأرض هزًا.
وقد ثار في آيسلندا أكثر من مائتي بركان؛ ناشرة الحمم والصخور على الهضبة. وبعض البراكين لا تزال نشطة بجانب بركان ماونت هكلا الذي حدث أول ثوران له في عامي 1947 و1948م. وهناك براكين نشطة تقع تحت ماء البحر بالقرب من الشواطئ الآيسلندية، ثار أحدها سنة 1963م في جنوب آيسلندا وكون جزيرة جديدة أطلق عليها اسم سيرتسي. وفي سنة 1973م ثار بركان كان خامدًا لأكثر من خمسة آلاف عام، على سطح جزيرة هيماي، ولم يَصُبَّ حممه إلا على المدينة الوحيدة في الجزيرة “فيستما ناييجار” مما اضطر 5300 من سكانها إلى ترك مساكنهم فجأة والهجرة إلى أماكن آمنة.
تُوجد في آيسلندا الينابيع الحارة وبخار الكبريت وبعض من هذه الينابيع الحارة هو من النوع المسمى الحمة الفوارة الذي يطلق قنوات من الماء في الهواء. وهي من أشهر الينابيع الحارة في آيسلندا التي تطلق الماء في الهواء بارتفاع يناهز 59م.
وتغطي المثالج ثُمن مساحة الأرض، وهذه الكتل الجليدية يبلغ سمكها 1.2كم في بعض الأماكن، وأكبر المثالج هو فاتنا جوكول الذي يقع في الجنوب الشرقي، الذي يكسو 133,8كم²، أي مساحة جميع المثالج في القارة الأوروبية مجتمعة. وحفرت هذه المثالج عُمقًا حتى القاع في كثير من الفيوردات، ومداخل طويلة ضيقة تقع في البحر، محدثة مرافئ طبيعية جيدة في أكورايري و وايزفيوردور. وحفرت تلك المثالج حُفراً في الأرض، حتى أنك ترى الريف وقد انتشرت فيه البحيرات الصغيرة وأكبرها بحيرة ثنجفالافاتن الواقعة في جنوب غربي البلاد.
ويسقط نحو 457سم من المطر سنويًا في بعض المناطق الجليدية. ويكون ماء المطر والمثالج الذائبة إلى أنهار تندفع بسرعة مكونة شلالات جميلة، كما يجري أطول الأنهار ـ ثجورسا وطوله 241كم عبر جنوب آيسلندا وقد أقيمت محطات الطاقة الكهرومائية على ضفاف نهري لاكسا و سوج سريعي الجريان.
وأجمل الشلالات في آيسلندا هي جالفوس، في الجنوب و ديتيفيوس في الشمال.
الاقتصاد
ليس في آيسلندا من الموارد الطبيعية إلا النزر اليسير، فالأرض الصالحة للزراعة فيها تشكل نحو 1% فقط من مساحتها. أما مياهها الساحلية فغنية بالأسماك التي يعتمد عليها اقتصاد البلاد. وتعتمد آيسلندا اعتمادًا كليًا تقريبًا على مبيعاتها من الأسماك ومنتجاتها في شراء ماتحتاجه من الفاكهة، والخضراوات والأجهزة والمعدات الثقيلة والمواد الخام التي يتم استيرادها من الدول الأخرى. وتقيم آيسلندا تجارتها مع الدنمارك وألمانيا وبريطانيا والنرويج وروسيا والسويد والولايات المتحدة الأمريكية.
وأصبحت آيسلندا عضوًا في اتحاد التجارة الحرة الأوروبي منذ سنة 1970م.
تعليب الأسماك أهم الصناعات في آيسلندا، يوفر فرص عمل لكثير من العمال في تلك الدولة.
صناعة صيد الأسماك. يقوم مايقارب سُبع القوى العاملة في آيسلندا بصيد الأسماك لاستهلاكهم المحلي، أو يعملون في مصانع تعليب الأسماك. وتتخذ فرق صيد السمك قوارب صيد خاصة لشد شبكات الصيد بطول قاع المحيط، كما تستخدم عادة حبالاً طويلة للصيد، موجهة من زوارق بخارية صغيرة وزوارق مفتوحة، وقد يبلغ طول بعض الحبال 16كم وقد يشتمل الحبل على 20,000 صنارة. أهم أنواع الأسماك التي يصيدونها الكبلين، والقد، والحدوق والرنجة.
يُعد تعليب السمك أهم الصناعات في آيسلندا، وتقع على السواحل مصانع تعليب صغيرة، وثمة مصانع تبريد كبيرة الحجم في ريكيافيك، وسيجلوفيوردور، حيث يجفف معظم السمك ويملَّح، أو يجمد بسرعة ليُباع في الدول الأخرى، كما أن بعض السمك الطازج يُحفظ في الثلج ويُشحن إلى بريطانيا وألمانيا.
الصناعة. توجد بآيسلندا صناعة نشر مزدهرة وناجحة. ومن الصناعات كذلك صناعة الإسمنت، والملابس، والأجهزة الكهربائية، والأسمدة، والمنتجات الغذائية. ويلاحظ أن حوالي ثلث العاملين في الصناعة من النساء.
وتُنَمي حكومة آيسلندا صناعاتها بمساعدة الدول الأخرى. ففي سنة 1968م أتمت شركة أمريكية إقامة أحد المصانع لاستخلاص ما يسمى دياتورمايت، وهو مادة معدنية تُستخدم في المرشحات الصناعية، من قاع بحيرة ميفاتن. كما بدأ في أوائل السبعينيات صاهر الألومنيوم، وهو فرن للصهر مصنع في سويسرا، بإنتاج معدن الألومنيوم.
الزراعة. يشكل المزارعون نحو 5% من سكان آيسلندا حيث يوجد في الجزيرة قرابة 4200 مزرعة، منتشرة في الأراضي المنخفضة. ويربي معظم الفلاحين الأغنام من أجل صوفها، ولحومها، وجلودها، وكذلك الماشية لمنتجات الألبان، كما يقوم المزارعون كذلك بتربية الخيل الآيسلندية الصغيرة.
والمحصول الزراعي الرئيسي هو التبن الذي يستخدمه الفلاحون علفًا لحيواناتهم. وهم يستطيعون زراعة محصولين أو ثلاثة من التبن كل عام، وذلك لهطول الأمطار بغزارة، ولطول ساعات إشراق شمس الصيف الساطعة. ويزرع المزارعون النباتات الجذرية مثل اللفت والبطاطس. ومنذ الثلاثينيات من القرن العشرين، أقام بعض المزارعين البيوت المحمية بالقرب من الينابيع الحارة. فالماء الدافئ يعمل على تدفئتها، ويستطيع الفلاحون زراعة الطماطم والخضراوات الأخرى، والأزهار والعنب، وحتى الموز.
النقل والاتصالات. لايوجد في آيسلندا خطوط حديدية، ولذا يتخذ السكان الحافلة والسيارة والطائرة في تنقلاتهم. وفيما عدا الشوارع الرئيسية في المدن، فإن الطرق في آيسلندا يعلوها الحصى والحصباء.
ويتمتع أهل آيسلندا بسيارة لكل اثنين من المواطنين تقريبًا. ويقدم الطيران الآيسلندي، الخدمات المنظمة إلى أوروبا وعبر الأطلسي. وفي ريكيافيك وكيفلافيك ميناءان جويان دوليان، وأهم موانئ آيسلندا البحرية أكرانيس وأكورييري وهافنا رفيوردور وإيسافيوردور وكيفلافيك، وسيجلوفيوردور. والغالبية العظمى من الأسر في آيسلندا تتمتع بخدمات الهاتف وجهاز تلفاز وجهاز مذياع في الأقل.
وتتصل آيسلندا ببقية أرجاء العالم بوسائل الاتصال الحديثة مثل البرق والهاتف الراديوي.
نبذة تاريخية
التاريخ الباكر. استوطن إنجولفور أرناسون الذي هرب من النرويج، مع أتباعه، جزيرة آيسلندا عام 870م. وقد ساعد مستوطنون آخرون من النرويج ومن مستعمرات الفايكنج في الجزر البريطانية، على زيادة تعداد السكان في آيسلندا إلى مايقارب 25,000 نسمة في السنوات الستين التالية. وبحلول عام 930م أقام المستوطنون المجلس النيابي المسمى ألثينج وكان أول برلمان في العالم. وكان من بين المستوطنين الأوائل إريك الأحمر، الذي عاش في آيسلنـدا بضـع سنين قبل أن يبحر إلى جرينلاند سنة 982م.
وتعد سنوات القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين، العصر الذهبي للأدب في آيسلندا. وفي غضون تلك الفترة دوَّن سنوري سترلسون قصص الساجاس عن الآلهة والأبطال من أيام القبائل الجرمانية الأولى.
واستعرت نار حرب أهلية في أوائل القرن الثالث عشر الميلادي. ولكي ينهي الألثينج تلك الحرب وافق سنة 1262م على قبول ملك النرويج حاكمًا على آيسلندا. وعندما اتحدت النرويج والدنمارك في سنة 1380م وقعت آيسلندا تحت الحكم الدنماركي.
كوارث جسيمة. نزلت بآيسلندا بين القرنين الخامس عشر الميلادي ومنتصف القرن التاسع عشر الميلادي نوازل ومصائب، إذ قضى نحو ثلثي السكان نحبهم من جراء المرض المسمى الموت الأسود، أو الطاعون الدبلي، الذي اجتاح الجزيرة في سنة 1402م. ودُمرت معظم المحصولات والمزارع والماشية بفعل الحمم والمقذوفات البركانية عندما ثارت البراكين في نهاية القرن الثامن عشر الميلادي. ولم يبق للسكان من الطعام مايسد رمقهم، ومات الكثيرون منهم جوعًا في الفترة 1783 إلى 1790م. وحيال هذه الكوارث اضطرت آيسلندا إلى استيراد الطعام لتوفيره للشعب. وفي أوائل القرن السابع عشر، والقرن الثامن عشر فرضت الدنمارك قيودًا صارمة على التجارة في آيسلندا، إذ كان التجار الدنماركيون يشترون السمك من الآيسلنديين بثمنٍ بخس ثم يبيعونهم الطعام بثمنٍ باهظ، وكانت نتيجة ذلك أن عاش كثير من الآيسلنديين في فقر مُدقع. وإبان حروب نابليون في أوائل القرن التاسع عشر لم تتمكن السفن المحمّلة بالطعام من الوصول إلى آيسلندا فمات العديد من الناس جوعًا.
تحسنت الحياة في آيسلندا في نهاية القرن التاسع عشر. ذلك أن كل شيء دمر في بداية القرن التاسع عشر الميلادي تمت إعادة بنائه بحلول عام 1843م. وفي عام 1874م مكنت الدنمارك الآيسلنديين من إصدار دستور خاص بهم، كما سمحت لهم بالتصرف في شؤونهم المالية وأصبحت المملكة تتمتع بحكم ذاتي. وفي عام 1918م اتحدت أيسلندا مع الدنمارك.
الاستقلال. في الحرب العالمية الثانية استولت الجيوش الألمانية على الدنمارك. ولما كان الدنماركيون عاجزين تمامًا عن حماية آيسلندا، فقد نزلت القوات البريطانية في أرض آيسلندا سنة 1940م، لمنع ألمانيا من الاستيلاء على الجزيرة، ثم حلت القوات الأمريكية محل القوات البريطانية بعد ذلك.
بدأ الآيسلنديون يطالبون أثناء الحرب العالمية الثانية بمزيد من الحرية في السيطرة على الحكم في بلادهم. وفي سنة 1944م، صوّت 97% من الشعب الآيسلندي بقطع كل الروابط السياسية مع الدنمارك. ونالت آيسلندا استقلالها التام بصفة رسمية في 7 يونيو 1944م.
التطورات الحديثة. انضمت آيسلندا إلى هيئة الأمم المتحدة عام 1946م، وإلى حلف شمال الأطلسي عام 1949م.
ولا تملك آيسلندا سوى قوة صغيرة لحراسة السواحل. وبمقتضى اتفاق أُبرم مع حلف شمال الأطلسي احتفظت الولايات المتحدة بقوة عسكرية صغيرة في قاعدة جوية بالقرب من كيفلافيك.
وبين عامي 1958 و 1972م، قامت آيسلندا بمدّ حدود مياهها الإقليمية، كما منعت الدول الأخرى من الصيد داخل هذه الحدود. وقد اعترضت بريطانيا على هذه الإجراءات في المياه الإقليمية ولكن ما لبثت أن ارتضتها. وفي سنة 1975م، عادت آيسلندا فمدت حدودها إلى 370كم، عند ذلك اندلع النزاع مرة أخرى يين آيسلندا وبريطانيا وهو المعروف باسم، حرب سمك القد، حيث أطلقت قوارب الدورية الآيسلندية النار على بعض قوارب الصيد البريطانية وقطعت شبكات صيدها، لكنه بحلول عام 1977م عُرِض النزاع على المحكمة الدولية، وتم التوصل إلى تسوية تعهدت بريطانيا بمقتضاها ألا تصطاد في حدود آيسلندا البالغة 370كم. انضمت آيسلندا إلى اتحاد التجارة الحرة الأوروبي عام 1970م. تخلت بعض الدول عن عضويتها في اتحاد التجارة الحرة الأوروبي والتحقت بالسوق الأوروبية المشتركة التي أصبحت تعرف منذ عام 1993م باسم الاتحاد الأوروبي. واقتصرت عضوية اتحاد التجارة الحرة الأوروبي على آيسلندا والنرويج وسويسرا ولختنشتاين إذ لم تنضم هذه الدول حتى ذلك الوقت إلى الاتحاد الأوروبي.