الدخل مصطلح في الاقتصاد يُعَرَّف عادة على أسس الاستهلاك والثروة، وعلى هذا يكون الدخل هو مجموع قيمة السلع والخدمات التي يمكن أن يشتريها شخص خلال فترة معينة دون أن تنقص ثروته. وتتكون الثروة من أصول مثل الاستثمارات والممتلكات. والدخل يشمل ما يحصل عليه الشخص من عمله أو ماله، ويقدر عادة بالنقود ويطلق عليه حينئذ الدخل النقدي، ولكن الدخل ليس بثروة في حد ذاته.
ويمكن أن يتحقق في شكل دخل محتسب مثل السكن والإعاشة المجانية أو المواد الغذائية التي تنتج في الدار. هذه المقالة تُعالج أساسًا الدخل في شكله النقدي. ومن المعروف أن استهلاك شخص يخلق دخلاً لشخص آخر، سواء كان ذلك في مجتمعات صغيرة أو أمة بأسرها، وعندما يشتري مستهلك كمية معينة من السلع والخدمات، فإن البائع يحصل على ما دفعه المشتري كدخل، والبائع بدوره يستخدم تلك النقود لمشترياته وبذلك يخلق دخلاً لشخص آخر.
أنواع الدخل
اعتاد الاقتصاديون تصنيف الدخل بطرق مختلفة. فمثلاً الدخل الشخصي هو مجموع الدخل الذي تحصل عليه الدولة خلال فترة زمنية معينة، ما عدا دخل الشركات أو المؤسسات. فهو يضم دخل الأفراد والمؤسسات التي لا تعمل من أجل الربح ومشاريع الأعمال من غير الشركات.
أما دخل الأعمال التجارية فهو مجموع الدخل الذي تحصل عليه الشركات خلال فترة محددة في القطر. وأما الدخل القومي فهو مجموع المداخيل الذي تحصل عليه الدولة خلال فترة معينة، ويُحسب على أساس خصم تكلفة (الاستهلاك، هبوط القيمة) أي انخفاض قيمة الأصول الرأسمالية بسبب استخدامها في الإنتاج وبعض الضرائب على الأعمال التجارية من الناتج الوطني الإجمالي. إن الناتج الوطني الإجمالي هو جملة قيمة السلع والخدمات التي تنتجها الدولة خلال فترة زمنية معينة.
يقيس الاقتصاديون الدخل في بعض الأحيان عن طريق مقارنة الدخل القومي مع الدخل الصافي والدخل النقدي مع الدخل الحقيقي. فالدخل الإجمالي هو الدخل قبل خصم الضرائب أو النفقات الأخرى. والدخل الصافي هو ما يتبقى بعد خصم تلك النفقات. والدخل النقدي هو قيمة الدخل مقيسة بعملة البلد. أما الدخل الحقيقي فيقيس القوة الشرائية؛ أي مقدار السلع والخدمات التي يمكن شراؤها بدخل نقدي معين، ولذا فإن الدخل الحقيقي يتغير تبعًا للتغيرات في الدخل النقدي أو أسعار السلع والخدمات أو الاثنين معًا. وإذا حدث خلال فترة التضخم أن ارتفعت الأسعار بمعدلات أسرع من ارتفاع الدخل النقدي، فإن الدخل الحقيقي ينخفض بحيث يشتري مبلغ معين من المال سلعًا أقل.
مصادر الدخل
يُقسِّم الاقتصاديون مصادر الدخل إلى مجموعتين على أساس الدخل المكتسب والدخل غير المكتسب.
مصادر الدخل المكتسب. تتكون أساسًا من الأجور والرواتب. والدخل المكتسب يُحصل عليه كعائد على العمل. والأجور عادة تُدفع على أساس ساعات العمل أو كمية العمل التي أنتجت، أما الرواتب فإنها تظل ثابتة لفترات زمنية معينة كالسنة مثلاً.
مصادر الدخل غير المكتسب. تشمل الفوائد والأرباح والريع. والدخل غير المكتسب يعود من استخدام موارد غير العمل. فالفائدة ـ في النظم التي تعمل بها ـ تُدفع للمُقْرضين على استخدام أموالهم، والمصارف وغيرها من المؤسسات المالية تدفع فوائد ربوية على حسابات الادخار، والشركات والحكومات تدفع فوائد ربوية على السندات. وتحصل الأعمال التجارية على الربح بعد خصم كل تكلفة الإنتاج. وأما الريع فيُحْصَل عليه من استخدام المباني أو غيرها من الممتلكات.
هناك أنواع أخرى من الدخل غير المكتسب؛ مثل الهدايا، والميراث، والمدفوعات التحويلية التي تشمل إعانات البطالة والضمان الاجتماعي والمنح، ولكنها لا تتضمن إنتاجًا للسلع والخدمات.
توزيع الدخل
يوزع الدخل الشخصي عمومًا بقدر أقل من التساوي في الأمم الفقيرة منه في الأمم الثرية. وبين البلاد المتقاربة في الثروة، فإن توزيع الدخل يكون عمومًا أكثر مساواة في بعض الدول أكثر من دول أو مجتمعات أخرى. إن توزيع الدخل الشخصي الكلي في كل الأمم يتسم بعدم المساواة. وفي العديد من البلاد تعيد الحكومة توزيع الدخل لصالح أصحاب الدخول المنخفضة وكبار السن من خلال المدفوعات التحويلية التي تُحول عن طريق الضرائب التي يدفعها أصحاب الدخول المرتفعة، وتقدم الحكومة هذه المدفوعات التحويلية في شكل نقدي أو بطاقات غذائية وخدمات طبية مجانية أو قليلة الثمن.
يؤثر التضخم على توزيع الدخل، خاصة على الأشخاص الذين يعيشون على دخول ثابتة مثل المعاشات أو رواتب التقاعد أو الإعانات الحكومية أو غيرها. فعندما ترتفع الأسعار فإن هؤلاء الناس لا يستطيعون شراء نفس المقادير السابقة. وعندما ترتفع الأجور، فإن الدخول الثابتة تمثل نسبة أقل من الدخل القومي.
استخدامات الدخل الشخصي
يستخدم الناس الدخل لشراء السلع والخدمات ولدفع الضرائب التي أهمها ضرائب الدخل وللقيام بالاستثمارات. ويدفع معظم أصحاب الدخول المرتفعة في الدول الصناعية المتقدمة نصيبًا أكبر من دخلهم كضرائب.
ما تبقى من دخل بعد دفع الضرائب والرسوم الحكومية يسمى دخل الإنفاق أو الدخل المتاح. ويُنفق معظم الناس في الدول الغنية 90% من دخلهم المتاح على المأكل والملبس والمسكن. وما يتبقى من دخل بعد الإنفاق على هذه الحاجات الأساسية يُسمى الدخل الاختياري. ويُنفِق الناس دخلهم الاختياري على الترفيه والتعليم، وكلما ارتفع الدخل زاد حجم الاستهلاك والاستثمار. يتمتع أصحاب الدخول المرتفعة بدخول تقديرية أكبر، ولذلك فهم يستثمرون جزءًا أكبر من دخلهم مقارنة بأصحاب الدخول المنخفضة.
نمو الدخل
يتيح نمو الدخل مستوى معيشيًا أفضل لأُناس كثيرين من خلال الزيادة في الإنتاج والاستهلاك. ولكن له أيضًا آثار ضارة. ففي حالات كثيرة، على سبيل المثال، أدى نمو الدخل عن طريق الصناعة إلى تلوث البيئة وتدمير جمال الطبيعة وتهديد الحياة. ويعتقد بعض الناس أن نمو الدخل يجب أن يصبح بطيئًا أو حتى يتوقف. ويشيرون إلى أن الزيادة في الاستهلاك ربما لا تمنح سعادة أكبر، في حين يرى بعضهم الآخر بأن الآثار الضارة للصناعة يمكن السيطرة عليها من خلال تقنية أفضل.