دعا رئيس الجمعية الجزائرية لقدماء المحكوم عليهم بالإعدام مصطفى بودينة مساء أمس السبت إلى إقامة جسر للصداقة بين المجتمعين المدنيين الجزائري و الفرنسي الوحيدين القادرين على إخراج العلاقات الجزائرية-الفرنسية من المأزق الذي توجد به.
و بفضاء لو سيبر-لهارماتين أين يلتقي المثقفون و الفنانون أكد أحد المحكوم عليهم بالإعدام سابقا و الذي يقيم بمدينة فور مونتلوك (ليون) أنه شرع منذ بداية الشهر الجاري في جولة بفرنسا انطلاقا من ليون إلى باريس ليحمل رسالة و يقول أنه " يجب تعزيز الحوار مع المجتمع المدني حول حقيقة الاحتلال بهدف السماح للشعبين الفرنسي و الجزائري للاحتماء من الخطابات الانتخابية للمدافعين عن فكرة الجزائر فرنسية"حسب قوله.
و اعتبر نفس المتحدث أن المجتمعين المدنيين في البلدين وحدهما كفيلان بالعمل على إرساء جسر للصداقة بين الشعبين معتبرا أنه " يتعين تدعم هذا المكسب".
من جهة أخرى صرح بودينة قائلا " نريد البقاء بعيدا عن الخداع السياسي و قربين من الواقع. فنحن الضحايا و لا نريد أن يجبرنا أحد على العفو في الوقت الذي لم يبد فيه الطرف الآخر ندمه" مضيفا أن المجتمع المدني " هو الذي سيفرض مستقبلا على قادته إبداء هذا الندم و إلا فإننا سنستمر في العيش في جو الكراهية" يقول المتحدث.
و أمام حضور مكون من أعضاء في الحركة الجمعوية من البلدين و مثقفين و صحافيين ذكر مؤلف كتاب " ناج من المقصلة" الذي عرضه على الجمهور أنه كان شاهدا على الأعمال الشجاعة للمواطنين الفرنسيين الذين " تعاطفوا مع القضية الوطنية و دعموها بل و ضحوا من أجلها".
و صرح و كله تأثرا " لا يمكنني أن أنسى الشجاعة و التضحية اللتين تحلى بهما فرناند ايفتون و موريس أودين و الملازم الأول ماي و آخرون من أجل القضية الوطنية. و عليه يجب العمل على أن لا تذهب دماء هؤلاء و أولئك هدرا".
في نفس الإطار دعا الكاتب بصفته ضحية و حامل رسالة إلى إنشاء اتحاد إرادات الحركة الجمعوية بالبلدين من أجل تكثيف اللقاءات و العمل من أجل واجب الحقيقة".
و برأي بودينة فإنه " لا يمكن نسيان لا شبكة حاملي الحقائب و لا العصاة الذين رفضوا التوجه إلى الجزائر و لا حتى رجال الثقافة و النقابيين الذين شاركوا معنا في تحرير وطننا من المحتل. و باسم هذا التضامن المعبر عنه أرى أنه بإمكاننا بناء المستقبل بين شعبينا إذ يتعين فقط أن تتوطد علاقاتنا مع النسيج الجمعوي".
و في نهاية اللقاء تم تنظيم بيع بالإهداء لكتابه " ناج من المقصلة" الذي قام بنشره الوكالة الوطنية للنشر و الإشهار علما أن مقدمته من كتابة علي هارون حيث يسرد الأوقات المأساوية لرفقاء السلاح و خلية المعدومين من طرف الجلادين موريس الأب و الابن.
و يذكر أنه تم ما بين سنتي 1956 و 1962 إعدام قرابة 2000 شخص في أروقة الموت بالجزائر و فرنسا فيما تم إعدام 207 آخر بالمقصلة.