السكري يصيب الصغار أيضاً
يعتقد معظم الناس أن مرض السكري من الفئة الثانية لا يصيب سوى البالغين، ويجب ألا نستغرب انتشار هذا الاعتقاد الخاطئ، لأن هذا المرض كثيراً ما كان يرتبط في الماضي بعملية التقدم في السن، وكان كثيراً ما يُطلق عليه اسم «مرض البالغين». غير أنه اتضح مؤخراً أن عدداً متزايداً من صغار السن مصابون بهذا المرض المزعج.
ويُعتبر مرض السكري من الفئة الثانية، مجموعة من الأمراض التي تشل قدرة الجسم على تحويل السكر الموجود في المواد الغذائية التي نتناولها إلى طاقة. ويتزامن هذا المرض مع ظاهرة البدانة التي يربطها الأطباء بسوء النظام الغذائي وقلّة المجهود البدني.
وقد يؤدي هذا المرض إذا لم تتم معالجته، إلى الإصابة بالفشل الكلوي وبتر الأعضاء والعمى وأمراض ونوبات القلب. وتشير الإحصائيات إلى ارتفاع نسبة صغار السن المصابين بالفئة الثانية من مرض السكري في الولايات المتحدة الأميركية، حيث تشير تقارير العيادات الطبية إلى أن نحو 30 في المائة من الأطفال الأميركيين مصابون بالبدانة.
وتقول الدكتورة سهيلة غريب، المديرة الطبية في مركز بريجهام الصحي ومستشفى النساء والأستاذ المساعد في مدرسة هارفارد الطبية في مدينة بوسطن بولاية ماساشوسيتس: «يمكننا مقارنة تلك الأرقام بدبي التي تُعتبر إمارة متقدمة جداً».
التشخيص المبكّر
تقول الدكتورة لوري لافيل، كبير الأطباء في وحدة أمراض الأطفال والمراهقين والباحثة في قسم علم الوراثة والأوبئة السارية في مركز جوستين لمرض السكري، وهو مستشفى تابع لمدرسة هارفارد الطبية في بوسطن، إنه من المهم جداً تشخيص إصابة صغار السن بالفئة الثانية من مرض السكري في موعد مبكّر.
وتقول الدكتورة لافيل إن صغر سن الأطفال يتيح وقتاً كافياً لتفادي الأضرار طويلة الأمد التي تصيب الخلايا المنتجة للأنسولين في المعثكلة (البنكرياس)، والتي تصيب الكثيرين من مرضى السكري من الفئة الثانية من البالغين. وتؤكد الدكتورة لافيل أن الأمر أكثر إلحاحاً لدى الأطفال، لأنهم إذا لم يحصلوا على الإرشاد والعلاج المناسبين، فإنهم قد يعانون من المضاعفات المدمّرة لمرض السكري في سن أبكر.
الوقاية أولاً
لسوء الحظ، ما زلنا نعرف القليل عن أفضل علاج ممكن للسكري لدى صغار السن. ولتطوير معلوماتنا حول العلاج الأفضل، يجري أكثر من 12 مستشفى رئيسياً في الولايات المتحدة الأميركية دراسة كبرى حول أكثر أنواع العلاج فعالية.
وتسعى التجارب التي أطلق عليها اسم «توداي» إلى مقارنة فعالية ثلاثة أنواع من العلاج، يتمثل أولها في العلاج باستخدام دواء واحد، ويقوم الثاني على العلاج باستخدام دواءين بينما يقوم الأسلوب الثالث على العلاج بمجموعة من الأدوية معزَّزة بتغيير جارف في نمط الحياة، يستهدف تخفيض الوزن وزيادة المجهود البدني. ومن المتوقع أن تستمر هذه الدراسة خمس سنوات.
من ناحية أخرى، تستطيع العائلات مساعدة أطفالها في الوقاية من الإصابة بمرض السكري أو تأخير تلك الإصابة، من خلال تشجيعهم على تناول الأطعمة الصحية وعلى بذل المجهود البدني بما في ذلك التمرينات الرياضية، إضافة إلى اختبار نسبة السكر في الدم مرة كل عامين اعتباراً من العام العاشر، بالنسبة للأطفال المصابين بالبدانة.
وتقول الدكتورة لافيل: «يُعتبر إجراء تغييرات صغيرة على دفعات في نمط حياة الأسرة بأكملها، أحد أعمدة نجاح طب الأطفال، لأن الأطفال يقلّدون ما يفعله ذووهم».
الأطفال البدينون معرضون للسكري
يتعرض حوالي 25 % من الأطفال البدينين للإصابة بالسكري وفقا لإحدى الدراسات الطبية التي أجريت في الولايات المتحدة الأميركية على مجموعة مكونة من 55 طفلا بدينا تتراوح أعمارهم بين 4 - 10 سنوات ومجموعة ثانية تتألف من 112 طفلا آخرين أعمارهم بين 11 - 18 سنة.
أظهرت النتائج ان 25% من المجموعة الأولى و 21 % من المجموعة الثانية مصابون فعلا باختلال التمثيل الغذائي للسكر وهي حالة مرضية تسبق الإصابة بداء السكري وأن 4 أطفال من المجموعة الثانية مصابون بداء السكري دون علمهم.
يلاحظ أن الإصابة بالسكري قبل سن العشرين يصاحبها ارتفاع نسبة الإصابة بمضاعفات السكري على الشرايين مثل جلطة الدماغ والقلب والعمى وبتر الأطراف. هذه الدراسة تؤكد على أهمية التغذية السليمة للأطفال وتجنب الأطعمة الدسمة وغير المفيدة مثل الوجبات السريعة المنتشرة في الأسواق وحث الأطفال على مزاولة التمارين الرياضية بقدر اكبر