دعا صندوق النقد الدولي إلى إصلاح أوسع في النظام المالي العالمي قصد دعم دائم لنمو اقتصادي مستقر و منتظم مشيرا إلى انه يبقى اتخاذ الكثير من القرارات سواء على الصعيد الوطني أو الدولي.
و أكد صندوق النقد الدولي في حصيلته الأخيرة التي تحمل عنوان “تقاسم النظام المالي الجديد” أن الأزمة الاقتصادية و المالية التي شهدتها سنة 2008 أعطت حقا انطلاقة إصلاح حقيقي لقانون النظام المالي و لكن يبقى “لزاما على المجتمع الدولي أن يتقدم في هذا مجال قصد تحديد احتمالات و خطورة حدوث أزمة ما و تبديد الشكوك القانونية”.
و تندرج هذه الحصيلة في إطار الجهود التي يبذلها صندوق النقد الدولي من اجل ترقية تصور عالمي لإصلاح القوانين وتحديد توجهات النظام المالي التي يكون لها تأثير كبير على عمل السلطات العمومية و دراسة التداخلات مع سياسات الاقتصاد الكلي قصد تبني إجراءات أكثر نجاعة مستقبلا.
كما لاحظ صندوق النقد الدولي أن المجتمع الدولي تجند في بداية الأزمة لمواجهتها و لكن بات اليوم من الضروري بدل جهد عالمي من اجل تصور “إصلاحات ناجعة على الصعيد الوطني و منسجمة على الصعيد الدولي”.
و ترى مؤسسة بروتن وودز انه يجب أن يكوم الرد السريع و المدعم الذي واجهت به الدول هذه الأزمة بمثابة إدراك بان جزء من هذه التكاليف يعود إلى “الضعف القانوني للنظام و عدم قدرة الهيئات على مراقبة المخاطر الكبيرة التي عرض النظام الخاص نفسه لها ولا التحكم فيها”.
و في هذا الصدد اعتبر صندوق النقد الدولي أنه “سيكون لإصلاح واسع يتم الاتفاق عليه و ينفذ بحذافيره انعكاسات كبيرة على النظام المالي و الاقتصادي العالميين”.
و أضاف أنه لا يمكن لهذا العمل أن ينحصر في التحكم في المخاطر المرتبطة بالبنوك فحسب و إنما يجب أن يتوسع لتشمل المؤسسات غير المصرفية و النظام المالي في مجمله مشيرا إلى أن الاقتراح الأخير للجنة بالي حول المراقبة المصرفية يعتبر تحسنا كبيرا من حيث الكم و النوع بالنسبة للأموال الخاصة و لكن لا تطبق هذه المعايير الصارمة إلا على البنوك و ليس على المؤسسات المصرفية.
و ذكر خبراء النقد الدولي بأن “مهمة المكلفين بالضبط ليست بناء النظام المالي و إنما التأثير على تقدمه من خلال تقديم القواعد والتحفيزات المناسبة”.
و على أساس هذا التحليل حدد صندوق النقد الدولي خمس أهداف من المحاور الأولوية للإصلاح الذي يجب أن تباشره الدول.
و أكد صندوق النقد الدولي في هذا الصدد أن الأمر يتعلق أولا بالسهر على أن تكون قواعد اللعبة هي نفسها بالنسبة للجميع موضحا أن التنسيق العالمي بات ضروريا من اجل إبراز مزايا المالية العالمية و ترقية المنافسة.
كما أوصى صندوق النقد الدولي بتعزيز فعالية المراقبة أي فرض مراقبة أكثر صرامة من أجل تفادي التعرض إلى مخاطر كبيرة، وينبغي أن تكون المراقبة مكثفة و تركز أكثر على المخاطر العابرة للحدود.
كما حث على وضع آليات منسجمة على الصعيد الوطني و بالنسبة للمؤسسات المالية الدولية.
و أوضح بهذا الشأن انه بالنظر إلى النطاق الواسع الذي يميز المؤسسات المالية ينبغي وضع ترتيبات عابرة للحدود تكون اكثر صرامة و متانة بالنسبة للمؤسسات التي تواجه صعوبات قصد الحفاظ على استقرارها المالي.
و يقترح أولا السهر على جعل هذه الترتيبات عملية بالنسبة لعدد صغير من البلدان التي يوجد فيه معظم المؤسسات المالية الدولية لا سيما من اجل معالجة مشكل المؤسسات ذات الأهمية التي كان يخشى إفلاسها.
كما اقترح صندوق النقد الدولي ضرورة وضع ترتيبات احترازية واسعة من اجل تعزيز قوة المؤسسات المالية تكون مرفوقة بقوانين احترازية فعالة قادرة على تعزيز النظام المالي.
أما الهدف الخامس والأخير فيتعلق بتوسيع مجال العمل حيث اعتبر صندوق النقد الدولي انه يجب على الإصلاحات أن تركز على الالتزامات و المخاطر التي تظهر في مجموع النظام المالي و ليس في البنوك فقط.
و خلص إلى أن “الخطر موجود عندما نرى أن المنتوجات التي تمثل خطر تتوجه نحو فروع الأنظمة التي لا تتوفر على قوانين كافية لتسيرها أو تفتقرها تماما”.