متجر جيد التخطيط يتم عرض محتوياته من البضائع في نسق جذاب، كأحد عناصر التصميم الداخلي، ولتكون في متناول المشترين. وتتباين فيه الوحدات الزخرفية والألوان الفاقعة مع بساطة العمارة الداخلية.
مطبخ في بيت ريفي. صمم هذا النوع من المطابخ في أوروبا وأمريكا الشمالية في الفترة ما بين القرنين السابع عشر والثامن عشر الميلاديين ليلائم الأسلوب المعيشي المتقشف للحياة البسيطة في تلك المناطق.
مطعم خاص بالطعام المكسيكي، صُمِّمت مساحته الداخلية على نهج الأثاث والعمارة المكسيكية. وتنمُّ مقاعده الخشبية المخروطة، والتبليط الخشن لجدرانه، عن الجو الخاص للمطعم في المكسيك.
الزَّخْرَفة الداخلية وتُسمَّى أيضًا التصميم الداخلي أو الديكور. هي فنُّ تصمـيم الغـرف والـفراغـات الداخلية لتتصف بالجاذبية والقدرة على توفير الراحة وتحقيق الغايات التي أنشئت من أجلها، إضافة إلى الإضاءة والطلاء وزينات الجدران والعديد من الأشياء الأخرى. تضفي البُسُط والستائر والأثاث الكثير على المساحة الداخلية، ويتم اختيار المكونات اللازمة في دقة تامة لتلائم الأغراض والنسق العام المطلوب.
والزخرفة الداخلية من أقدم الفنون، إذ درج الناس قديمًا على تزيين الأماكن التي تؤويهم. فزيّن المصريون القدماء حجراتهم بتصاوير جدارية ضخمة. وزخرف الرومان أرضياتهم بالفسيفساء زاهية الألوان. ونشأت منذ ذلك الحين طُرُزُُ زخرفية عديدة، بعضها تميز بالبساطة والرقة، واتسم بعضها بالأبهة والمغالاة.
ترتبط الزخرفة الداخلية في أذهان الكثيرين بتزيين حجرات البيوت فقط. لكنَّ فريقًا من أرباب المهنة يطلق عليهـم مصمـمـو الداخــل أو مهندسو الديكـور يقومـون بوضع التصاميم الداخلية للفنادق الكبيرة والصغيرة، والمستشفيات، والمكتبات العامة، والمدارس والحوانيت، كما يصمِّمون الأبهاء الداخلية للمصارف، والمسارح، ومرافق المواصلات. و يقوم فريق منهم، من ذوي الخبرة، بتصميم الأجزاء الداخلية للطائرات والسيارات والسفن.
يفضّل أغلب المهنيين تسمية تخصصهم التصميم الداخلي وليس الزخرفة الداخلية، ليؤكدوا فعاليتهم في التصميم الشامل، غير المحدد بالزينات والزخارف. ولكن مازال كثير من الناس يستعملون الاسم القديم الديكور. وسواء أكان المصمم مهنيًا مؤهلاً يقوم بتصميم بهو استقبال في فندق أم فردًا عاديًا يرتِّب حجرة استقبال منزلية، فالجهد في كلتا الحالتين بحثٍ عن حلٍ لمشكلة. وفي مراحل تطوير التصاميم للمساحات الداخلية، يجب على المصمم أن يحدّد بوضوح، في المسقط الأفقي للتصميم، كل الأنشطة التي سيحتويها المكان.كما يجب أن يأخذ في الاعتبار الأفراد المنتفعين بالمبنى، والسمة العامة التي تميز المكان، فلكلِّ مساحة داخلية مشكلاتها الخاصة. وعلى سبيل المثال، فإن ما يجب مراعاته عند تصميم حجرة الطعام لسفينة هو أن يكون أثاثها ثابتًا عندما تبحرالسفينة. ويراعى في تأثيث الحجرة المدرسية الرونق والبهاء لزيادة إقبال التلاميذ، وأن تكون الأثاثات متينة الصنع لتعمّر طويلاً.
وعلى هذا، فإن الديكور وثيق الصلة بـ العمارة الداخلية من حيث الشكل والملامح الخاصة والطراز.وعلى سبيل المثال فإنَّ النافذة البارزة (المشربية) أو الممر المعقود، أو السُّلم، أو المدفأة، قد تكون جزءًا من عمارة المساحة الداخلية. وعندما لا تتلاءم بعض هذه العناصر مع مخطط التصميم، يستعين المصمم بالأثاث أو الألوان، أو بأيِّ شيء ضمن المخطط، وذلك لإخفائها أو لجذب الانتباه بعيدًا عنها. من ناحية أخرى، قد يوظّف مخطط التصميم لتركيز الانتباه على أحد الملامح المعمارية. ويجتهد المصممون في مواءمة تصاميمهم بالعمارة الداخلية. ففي غرفة يتشكل سقفها من دعامات أفقية من الخشب المكشوف، يلجأ المصمم إلى توظيف عناصر الأثاث لتلائم التأثير الذي أحدثه الشكل المعماري.
هناك كثيرٌ من المهنيين يصفون الزَّخرفة الداخلية بأنها فنُّ تشكيل البيئة الداخلية. وكما لا تتوافق بيئة معينة مع فصيلة معينة من الفصائل الحيوانية، فإن بيئة بعينها قد لا تناسب جميع الناس. وما يميز التصميم الداخلي الجيد هو مراعاته لحاجات المنتفعين بالمبنى إلى المساحة الجذابة المريحة التي تفي أغراضهم وتشبع رغباتهم.
عناصر التصميم
الشكل في التصميم الداخلي يشير إلى كلٍّ من الشكل ومواد الهيكل الإنشائي للفراغ، إضافة إلى قطع الأثاث. يجب أن تتجانس الأشكال المختلفة، وأن تلائم السمة المطلوبة للفراغ ووظائفه. في بهو ميناء وصول الطائرات (إلى اليمين) يشكل الأثاث جزءًا من العمارة وتصاغ مختلف الأشكال في إطار انسيابي موحد. يعكس إحساسًا بالتحليق. ويتسم أثاث المكتبة (إلى اليسار) بالبساطة التي تتسق مع النمط المعماري الحديث للفراغ الداخلي. وتنجح الأشكال فيها في تحقيق مناخ هادئ للقراءة.
يشتمل كل فراغ داخلي، سواء أكان في البيت أم في المكتب أم في مصرف أم داخل سيارة على مقومات أساسية ومؤثرة للتصميم الداخلي. وأهم هذه المقومات هي: الطراز؛ القالب أو الهيئة؛ اللون والضوء؛ المقياس التناسبي؛ الوحدة النمطية (الزخرفية)؛ الملمس. ويمكن توظيف كل منها بطرق متنوعة ينجم عنها مختلف التأثيرات. على سبيل المثال، قد يترك استعمال الوحدات النمطية الرأسية الخطوط في ورق الحائط، إحساسًا بأنَّ السقف أكثر ارتفاعاً مما لو كان تكرارًا رتيبًا لوحدة زخرفية نباتية مثلاً.
لا تخضع خيارات التطبيق لهذه المقوِّمات لمعايير الخطأ والصواب. لكن الطريقة التي يسلكها أي شخص لاختيار أي منها قد تمليها الأغراض الوظيفية للتصميم، أو لإحداث تأثير معين في ظل النمط المعماري السائد.لكن هذا الشخص يجب عليه الاهتمام بالكيفية التي سيتم بها امتزاج هذه العناصر بعضها ببعض.
الطراز الانتقالي في التصميم الداخلي نتاج للمواءمة بين الأسلوبين التقليدي والحديث في العمارة والأثاث. تجمع حجرة المعيشة هذه، بنجاح بين الأثاث الحديث المعاصر الذي يمثله كل من: المصباح، المقعد الجلدي، الأريكة وبين الأثاث التقليدي الذي ينتمي إلى فترات تاريخية، ويمثله الصندوق الأثري الفرنسي والسجادة الشرقية.
الطراز. يقترن بالأنماط السائدة للأثاث والعمارة في فترات تاريخية معينة. على سبيل المثال، طراز لويس الرابع عشر يعيد إلى الأذهان الأثاث الدقيق التفاصيل ذا الطابع الرسمي في القصور الفرنسية إبان حكم الملك لويس الرابع عشر (1643- 1715م). وقد كان الطراز الأمريكي الأول المعروف خلال القرنين السابع عشر والثامن عشر تقليدًا للطرَّز السائدة بالمستعمرات الأمريكية، إذ كانت العمارة وقطع الأثاث قوية وخالية من النقوش والزخارف. ويصف بعضهم التصميمات الداخلية التي تم تنفيذها على أساس النهج التاريخي بأنها طرز تقليدية، وكل التصميمات الأخرى بأنها طرز معاصرة أو حديثة. انظر: الأثاث.
للطراز مدلول آخر أكثر اتساعًا من مجرد ارتباطه بالأثاث والعمارة التاريخية. هذا المدلول الواسع أفرزته التأثيرات التي أحدثها الاتجاه لتجميع مجمل المكوِّنات في حيز فراغي واحد. ويعتقد كثير من المصممين أن الطراز والوضع السائد للمكان هو النتاج الطبيعي لرغبات الأفراد المنتفعين بمساحة الفراغ في ظروف العمارة الداخلية. لكن هؤلاء المصممين لا يركنون إلى تقليد طراز بعينه، بل يجنحون إلى المواءمة بين القديم والحديث من الأثاث والمفروشات لتتواءم مع الوضع الخاص بالمساحة الفراغية. هذا النهج من المواءمة هو ما يُطلق عليه بعض المصممين اسم الانتقالي.
القالب أو الشكل. يشير إلى السمات الشكلية التي تميز مساحة الفراغ، إضافة إلى خصائص الإنشاء المعماري، وما تحتويه المساحة من أثاث ومفروشات. وفي التصميم الجيد، تتواءم المفروشات مع العمارة الداخلية، فنجد الشكل الانسيابي للأثاث الدائم التركيب، في صالات المطارات منسجمًا مع الشَّكل الانسيابي للبناء.
يتحتم أيضًا أن يتوافق القالب الذي يُصمَّم به الأثاث مع وظائفه. فهيئة المقاعد المصنوعة من أنابيب الصلب والبلاستيك، مثلاً، أكثر ملاءمة لصالة المطالعة في المكتبات العامة الحديثة. ذلك لأن بساطتها تنسجم مع القالب الحديث للمساحات، كما أن صلابتها تجعلها أكثر مقاومة للتلف مع ما تتعرّض له من كثرة استعمال من الكبار والصغار. وقد لا تتناسب هذه المقاعد ـ شكلاً وقالبًا ـ مع جلسات الاسترخاء المنزلية أمام التلفاز، لأنها لا تحقق الراحة في الجلسات الطويلة.
عنصر اللون عامل مساعد في إضفاء جو عام مريح على المساحة الفراغية. يمكن توظيف اللون بطرق عديدة ومنوعة لتحقيق قدر كبير ومتنوع من التأثير. فالنهج المبتكر لاستعمال الألوان الأسود والأحمر والأسمر المصفَر في المطبخ مثلاً (إلى اليمين) يترك أثراً قويًا ومثيرًا. وفي الحجرة الصغيرة (إلى اليسار) تتفاعل الألوان الصفراء الزاهية للجدران، وستارة النافذة والأريكة، مع الألوان الداكنة الحُمرة للحشايا، وصورة الوجه (بورتريه)، والسجادة الشرقية، لإضفاء جو من الدفء والارتياح إضافة إلى الأثر الطيب للأزهار والنباتات وألوان الأخشاب الطبيعية للصندوق والأدراج والمقعد.
اللون والضوء. يُوظفان معًا لإحداث العديد من التأثيرات المختلفة. تقوم الجدران الداكنة في الغرفة بامتصاص قدر كبير من الضوء الساقط عليها ولا تعكسه، فتبدو الحجرة معتمة لكن القدر نفسه من الضوء، في حجرة شاحبة الألوان يجعل الإضاءة ساطعة نتيجة لأن الألوان الشاحبة تعكس الضوء. ويشعر الناس بكثيرٍ من الاسترخاء عندما يكون هناك قدر من التنوع في اللون والضوء. وقد تضفي الإضاءة الموحّدة جوًا عمليًا في أنحاء المكتب لكنها تكون باعثة للسأم، حينما يكون الاسترخاء أو تناول الطعام هو الغاية.
وللألوان خاصية الإيهام بأن الغرف واسعة أو ضيقة. فالجدران ذات الألوان الداكنة والفاقعة، على السواء، تجعل فراغ الغرفة يبدو أصغر حجمًا، فتبدو الجدران أقرب إلى مركز الحجرة مما هي عليه في الواقع. وفي المقابل، تدفع الألوان الشاحبة إلى الإيهام بأن الغرف أكثر اتّساعًا وتهوية، وبأن جدرانها بعيدة عن مركز الفراغ.
المقياس التناسبي في التصميم الداخلي لإدراك تناسُب أشياء عديدة داخل غرفة وإدراك علاقتها التناسبية مع حجم الغرفة نفسها. كل من المساحتين متناسبة طردياً، لأن نسب قطع أثاثها متقاربة، فلا تبدو كبيرة جدًا أو صغيرة جدًا بالقياس إلى حجم الغرفة. ويبدو أثاث غرفة المعيشة (إلى اليمين) بنسبه الدقيقة، خفيفًا منعشًا. ويدعم هذا الشعور الألوان الفاتحة. النسب الرئيسية للأثاث في غرفة الدراسة ( إلى اليسار) التي تميل إلى الضخامة ستجعل أي كرسي من غرفة المعيشة يبدو مختل التناسب، ويزداد هذا التفاوت بتأثير الألوان القاتمة.
المقياس التناسبي. هو من دلائل إدراك التفاوت النسبي بين أحجام الفراغ الداخلي وقطع الأثاث من ناحية وبين أحجام الأفراد المنتفعين بالمبنى من ناحية أخرى. من ثم، يكون التصميم متناسبًا حينما يكون هناك تناسب قياسي بين أحجام الفراغ والأثاث والبشر. ويكون المقياس التناسبي مختلاً حينما يبدو أي شيء أكبر أو أصغر مما هو عليه، أو أشد ثقلاً أو خفة. مثالُ ذلك منضدة من الصلب والزجاج على جانب من الرقة والشفافية قد تبدو غير متناسبة بالقياس إلى قطع أثاث خشبية غليظة تزخر بها غرفة.
وللمقياس التناسبي للفراغ الداخلي وأثاثه تأثيره النفسي الواضح. في بعض المباني، يكون للارتفاعات الشاهقة للسقف تأثير طيِّب على النَّفس، وفي حالات أخرى يصبح الارتفاع الشاهق للغرف المنزلية شيئًا غير مريح، ذلك لأن هذا الارتفاع لا يتناسب وأغراض الحياة اليومية. ولا يشعر الناس بالارتياح أيضًا عندما تبدو قطع الأثاث والمفروشات مختلة التناسب. فينتاب أغلب الرجال ذوي القامات الفارعة الممتلئة بعض الضيق، حين يجلسون على مقاعد دقيقة القوائم، ولكنهم يشعرون بالارتياح حين يجلسون على مقاعد وثيرة، كبيرة الحجم. ويشعر الصبي بكثير من الرضاء والارتياح في غرف للعب أثاثها مناسب للصغار.
مكتب حديث. تُستغل المساحات المفتوحة، والألوان الفاقعة والأشجار الصناعية في هذا المكتب، لإضفاء جو من الانفتاح على العمل. تولد الفواصل الجدارية المكشوفة إحساسًا بالانطلاق، حين تتوافر المساحات الخصوصية اللازمة للعمل.
الوحدة النمطية والملمس. (الوحدة الزخرفية) تشير إلى تصميمات المنسوجات وأغطية الأرضيات كما تشير إلى أشياء أخرى في مساحة الفراغ الداخلي. ويشير الملمس إلى مظهر السطح وإدراك طبيعته الخاصة بقوام السطوح دون حاجة الأفراد إلى لمس جزء معين فيه. وللوحدة الزخرفية والملمس سمات متقاربة، إذ تقوم الوحدات الزخرفية في بعض المنسوجات وأغطية الأرضيات والجدران بالإيحاء بتنويعات فيما يتعلق بالملمس. كما يوحي ملمس السطوح، كالأسطح الخشبية مثلاً، بنسق واضح من الوحدات الزخرفية يحدثها التموج الناشئ من التجعد الطبيعي للخشب.
قد تفتقر المساحات الداخلية إلى التنوّع في الوحدات الزخرفية والملمس، أو قد تزخر هذه المساحات بفائض منها، فيترك ذلك أثره النفسيّ. ومثال ذلك غرفة تنحصر زخرفتها الداخلية في مواد بيضاء وأسطح ناعمة، قد تبعث على السأم وأخرى تتم زخرفتها بلا تخطيط، بمنسوجات ذات ملمس متباين ووحدات زخرفية متنافرة، الأمر الذي قد يسبب هياجًا ذهنيًا.
وللملمس تأثير على اللون والضوء، فالمسطحات الملساء تعكس الإضاءة بكثافة عالية كالمرايا، على حين أنَّ المسطحات الداكنة تقوم بامتصاص الضوء وتشتيته. لذلك فقد يبدو السجاد الأبيض الخشن الملمس أقل بياضًا من جدار أبيض مصقول السطح.
وتتقارب الوحدة الزخرفية والملمس مع المقياس التناسبيّ، فالجدران المشيَّدة من وحدات خرسانية كبيرة الحجم، مخزّزة بخطوط غائرة في سطحها، قد تتناسب طردياً مع الفراغ الضخم لقاعة عامة، ولكنها قد لا تناسب المساحة الصغيرة لحجرة منزلية.
تطوير مخطط المسقط الأفقي
يجب على المصمم أن يأخذ في الاعتبار عدة أشياء قبل الشروع في تطوير مخططات المساقط الأفقية للتصميم. وسواء أكان المصمم من ذوي التأهيل المهني أم كان دون ذلك، يصبح لزامًا عليه، منذ البداية، أن يكون مدركًا لوظيفة المساحة الفراغية، والأسلوب المعيشي للمنتفعين بها، والميزانية المتاحة.
ولذلك، فإن كثيرًا من المصممين يبدأون بحصر وتحديد الأنشطة التي ستخصص المساحة من أجلها، وذلك حتى يتاح لهم تهيئة الجو الملائم، والمقومات الضرورية لكل نشاط من هذه الأنشطة في المخطط النهائي. وقد تطرأ الحاجة الملحة إلى تخصيص جزء من غرفة النوم الرئيسية، مثلاً، ليكون مكتبًا للعائلة، هذا مع أن الغاية التقليدية لغرفة النوم معروفة ويتحتم حينئذ إمداد هذه المساحة بمكتب وكرسي وبإضاءة تناسب الطبيعة العملية للمكاتب.
ومن ناحية أخرى، فالإلمام بالأسلوب المعيشي للأفراد، كالإلمام بوظيفة الفراغ، يمهِّد لتهيئة الجو الملائم في مخطط التصميم، وتوفير أدوات بعينها لكل نشاط من الأنشطة. على سبيل المثال، يحتاج الأطفال جزءًا من المساحة لألعابهم، بحيث يتوافر لهذا الجزء لمسات متألقة وأثاث متين الصنع ليقاوم نزقهم وخشونتهم. ويفضل كثير من ذوي الميول التلقائية العيش في حجرات ذات أثاث بسيط لا يتسم بالمغالاة أو بالطابع الرسمي. وقد تشكل الميول الفردية للألوان، والاهتمامات الرياضية والهوايات، عوامل أخرى تساعد على بلورة مخططات التصميم.
كذلك تمثل الميزانية عاملاً مساعدًا للمصمم للإفادة القصوى من الرصيد النقدي المتاح للمشروع. فيركن بعضهم إلى إعادة الانتفاع بالأثاث القديم، أو السجاد والستائر أو الأشياء الأخرى في التصميم الجديد،وذلك ليوجهوا الفائض النقدي من ميزانية التصميم إلى أشياء أخرى. ومن الممكن أن توفر الميزانية النفقات لإجراء دراسةٍ تحليلية سابقة على التصميم، للعمارة الداخلية. وإذا توفرت الموارد الكبيرة، أصبح بإمكان المصمم أن يغير من حجم المساحة وشكلها، وذلك بإزالة الحوائط وإضافة فواصل جدارية وخزانات دائمة التركيب.
وفي الواقع، فإنّ مجمل المداولات السابقة للتصميم تساعد في بلورة ما يطلق عليه المهنيون مفهوم التصميم، هذا المفهوم قد يكون التصور العام للشَّكل المطلوب للفراغ، أو أحد مكوِّنات التصميم بوصفها وحدة زخرفية أو ملمسًا، أو بوصفها قطعة أثاث مفضّلة، أو لوحة فنية أثيرة. ومن ثم يقوم المصمم بعملية الاختيار لكل مكوِّنات التصميم المتجانسة مع المفهوم العام، فيتم بها الشكل النهائي المتكامل للمخطط.
عند القيام بتخطيط غرفة يلجأ أغلب المصممين إلى الاستعانة برسوم المساقط الأفقية بالغرفة. وتبين الصورة. تظهر قطع الأثاث بالصورة الفوتوغرافية في مجموعة واحدة ناحية المدفأة. وينشأ تناغم لوني تحدثه المقاعد الملونة التي تؤطِّرها خلفية من الأرضية الخشبية والسجاد بلونه الداكن. ويظهر ترتيب الأثاث في الرسم الكروكي في شكل مجموعتين: رئيسية قرب المدفأة، وأخرى صغيرة قرب النافذة. وتدعم السجادة الكبيرة وحدة الفراغ، كما يدعمها أيضًا الانسجام اللوني الأصفر والبرتقالي الذي يتكرّر في أرجاء الغرفة.
التخطيط على الورق. تساعد الاستعانة برسم المسقط الأفقي المصممين المهنيين وغيرهم في اختيار أنجح الطرق لترتيب قطع الأثاث في مساحة الحجرة. وقد يعتمد المصمم مقياسًا للرسم يعادل فيه كل سنتيمترين مترًا واحدًا. وبذلك يتمُّ رسم المساحة لغرفة أبعادها 4×5 أمتار بما يعادل 8 ×10سم.كما يجب أن توضح مواقع الجدران وسمكها وكذلك النوافذ، والأبواب، والخزانات وجميع المكوِّنات دائمة التركيب. كما يجب توضيح مواقع وحدات التدفئة والتبريد ومخارج شبكات التيار الكهربائي.
وبعد دراسة وافية لمخططات المسقط الأفقي، يتمكن المصمم من تعيين الأجزاء المناسبة من المساحة لتوزيع قطع الأثاث، والأجزاء التي يجب تركها مفتوحة. فلا يجوز مثلاً أن ترصَّ قطع الأثاث الضخمة بالقرب من منافذ التدفئة والتبريد لكي لا تعيق تدفق الهواء، ولا يجوز كذلك أن تشغل الفراغات المؤدية إلى الأبواب، لكي لا تعطل حركة الدخول والخروج من الغرف.
الرسم الكروكي ترتيبين لأثاث الغرفة نفسها
ُُتقطع نماذج من الورق في شكل قطع الأثاث التي يراد ترتيبها فى المساحة، ويقوم المصمم بتحريكها فوق رسم المسقط الأفقي، على سبيل الاختبار. ويجب أن تكون هذه النماذج الورقية في مقياس الرسم نفسه الذي رُسم به المسقط الأفقي. والواقع أنَّ أغلب المصممين يقومون بإعداد مُخطَّطين أو أكثر لتوزيع الأثاث، وذلك حتى يتسنى لهم مقارنة التأثيرات المختلفة لكل مُخطَّط. ويستطيع من ينوي شراء أثاث جديد اختبار أنماط عديدة من أشكال الترتيب. وسيعاني من يكتفي بإعادة استعمال الأثاث القديم قلة تنوّع الأشكال، لكنه يستطيع أن يختبر عدة طرق لترتيب أثاثه. وعندما يشمل التصميم غطاء الأرضيات، يقوم المصمم بعدّة ترتيبات للأثاث بحسب السجاد الذي يغطي جزءًا من الأرضية، أو يجعل ترتيبه للأثاث متسقًا مع البسط الثابتة التي تغطي كل مساحة الأرضية.
قد يكون لتوزيع الأثاث أثره في تكييف الأنماط الحركية أي المسارات التي يتخذها الأفراد في تنقُّلهم من مكان إلى مكان داخل حجرة والخروج منها. فإذا تم توزيع الأثاث على الحافات، انحصرت الحركة في منتصف الحجرة. أما إذا تم هذا الترتيب في شكل مجموعة بمنتصف الحجرة، فإن حركة الأفراد تتحول إلى الحافات. والحجرات التي تُخصّص لأكثر من نشاط قد تحتوي على مجموعتين أو أكثر من الأثاث. فتشتمل حجرة العائلة، مثلاً، على مجموعة أثاث تناسب مشاهدة التلفاز، أو على مجموعة للألعاب، أو على مجموعة أخرى للمطالعة. وقد تحتوي حجرة نوم الأطفال على مجموعات للأثاث تناسب النوم والدراسة واللعب.
تنسيق المخططات اللونية
الاستعانة بالألوان. توفّر الألوان أيسر الأساليب وأقلها تكلفة لإضفاء سمة التشويق على الفراغ الداخلي. وقد يضفي تبديل لون طلاء الجدران على حجرة ما جوًا مختلفًا. وفي الحقيقة، فإن مصادر التنويع في ألوان الطلاء والمنسوجات وأغطية الأرضيات والجدران والمفروشات تكاد تكون موفورة بغير حدود. كما يسهل غسل مواد الطلاء الحديثة والمنسوجات والمواد الزخرفية الأخرى، مما يجعل استعمال أي لون من الألوان أمرًا عمليًا. ويتأثّر انتقاء الألوان بالاختيار الشخصي كما يتأثّر بكمية الضوء ونوعه، وبنمط العمارة الداخلية، وبالأنشطة الخاصّة بالحجرة.
المخطَّطات اللونية. يشمل المخطط اللوني مجموعة الألوان المختلفة، أو الدرجات المتفاوتة للّون الواحد في الفراغ الداخلي. ويشيع استعمال ثلاثة مخططات لونية نابعة من علاقات الألوان المختلفة في دائرة الألوان. وهذه المخططات المتقاربة، المتجانسة ما بين الألوان المتجاورة في الدائرة اللونية كالألوان الصفراء والبرتقالية أو الألوان الزرقاء والخضراء تركن إلى التآلف في رفق ونعومة. وتجمع مخططات الألوان المتكاملة، المتباينة، ما بين الألوان المتقابلة من أطراف دائرة الألوان.يبرز التأثير القوي لمخططات الألوان المتضادة في الغرف التي يجمع تزيينها بين اللون الأزرق والبرتقالي أوالأحمر والأخضر. وتؤسس مخططات الألوان الأحادية على تنغيمات متفاوتة للون واحد، كالدرجات المتعددة للون الأزرق، مثلاً، لتوليد إحساسٍ بالتوحُّد. وقد يحتوي المخطط الأحادي على تشكيل مساحات صغيرة من الأسود والأبيض.
لا يلزم الأمر أن يكون هناك تحديد للاختيارات من بين مجموعات الألوان المتجانسة أو المتباينة أو الأحادية. بل يجب أن يُترك أمر اختيار المخطط اللوني للذوق الخاص بالأفراد المنتفعين بالفراغ. ويفضّل بعضهم تزيين معظم أنحاء الغرفة بدرجات لونية محايدة، كاللون الشاحب للجلود الطبيعية، أو الأبيض المشوب بسمرة، أو الأبيض الناصع، وذلك مع تطعيمها بمساحات لونية صغيرة للتشويق. ويبرع بعضهم في تجميع عدة ألوان فاقعة. على حين أن بعضهم الآخر يقوم بتكرار نسق من لون أو لونين في أنحاء البيت لترسيخ نوع من التوحد بين الحجرات. ويطور كثير من الناس مخططاتهم اللونية على النسق اللوني للوحة فنية أثيرة، أو قطعة أثاث مفضّلة، أو أداة من الأدوات الأخرى سيتم الانتفاع بها في المساحة.
اللون المتضاد كالمساحة الصغيرة من اللون الأحمر التي تتباين مع الأزرق في حجرة النوم هذه، بإمكانه إضفاء عنصر للتشويق على المخطط الأحادي السائد. كما ينجح تكرار الوحدات والألوان في تكريس وحدة المساحة. ويضفي الأثاث الخشبي، والأرضية، وإطار الصورة إحساسًا بالدفء على الغرفة.
توزيع الألوان. يتساوى توزيع الألوان المختلفة داخل المساحة الفراغية، في الأهمية، مع ألوان مُخطَّط التصميم نفسها. وتبدو بعض الألوان جذابة في كميات صغيرة، لكنها تفقد هذه الجاذبية عندما تغطي مساحات كبيرة على الجدران أو المفروشات الضخمة التي تغطّي الأرائك. ويمكن الحصول على نماذج جاهزة من المنسوجات أو أصباغ الطلاء من المحال التجارية بغرض اختبار تناسقها في فراغ الغرفة. ولأن الألوان قد تبدو مختلفة مع اختلاف مجال رؤيتها من الضوء الطبيعي إلى الضوء الصناعي، فإنه يجب اختبار هذه النماذج في إضاءة الفراغ للشكل نفسه. وقد تبدو بعض الألوان الفاقعة بالغة الشدة في ضوء الشمس الساطع، لكنها تصير مقبولة في ضوء صناعي هادئ.
وعن طريق توزيع الألوان، يمكن زيادة التركيز على مكوِّنات العمارة الداخلية أو الأثاث أو الأشياء الأخرى للمساحة، أو التقليل منه، إذ يمكن تركيز الانتباه على الأثاث والمفروشات دون العمارة الداخلية بطلاء الجدار بدرجات من لون محايد فتقوم الجدران عندئذ بإبراز وتحديد إطارالنسق اللوني للمفروشات، وأغطية الأرضيات، والكماليات. كما أنّ تباين لون الستائر مع لون الجدار يلفت الانتباه إلى شكل النوافذ، وعندما تتجانس ألوانها مع لون الستائر تندمج النوافذ مع الجدران وتتآلف معها.
وبتوزيع الألوان أيضًا، يمكن خداع البصر بتغيير شكل العمارة الداخلية والأثاث. فقد يبدو سقف غرفة مثلاً، أكثر ارتفاعًا عما هو عليه عند طلائه بلون ذي درجة فاتحة قياسًا إلى الجدران. كما أن طلاء جدار واحد من أربعة جدران بدرجة فاتحة من لون مشترك بينها يضفي على الغرفة عمقًا فراغيًا إضافيًا. ويحدث التأثير نفسه عندما يتوحد طلاء ثلاثة جدران، ويخصص الجدار الرابع للوحة جدارية. ويمكن أن يُبطن جدار بأخشاب فاتحة اللون، وتُبَّطن بقية الجدر بأخشاب داكنة. وقد يبدو حجم المقعد الكبير، صغيرًا، وذلك بوضعه أمام حائط من نفس لونه، وذلك لأن المقعد يبدو مندمجًا مع الحائط.
التنويعات في الوحدة الزخرفية والملمس مصدرها الأثاث والعمارة الداخلية معًا كما يبدو في هذه الحجرة حيث الحشايا بزخرفها التربيعي المتصالب واتساقها مع الترتيب النمطي لوحدات البلاط الحجري في الأرضية. كما تتباين ملامس الجدران الحجرية الخشنة وتبليطها، مع الأسطح الناعمة للمناضد الملساء والمقاعد والكراسي.
اختيار الوحدات الزخرفية والملامس. تتساوى الوحدات الزخرفية والملامس مع الألوان في قدرتها على تركيز الانتباه، أو تشتيته، وذلك بالنسبة إلى العمارة والأثاث وغيرهما من فراغ الغرف، فتساعد الستائر ذات الوحدات الزخرفية القوية مثلاً، في جذب الانتباه ناحية النافذة. وهناك أصناف عديدة ومنوَّعة من المنسوجات وأغطية الأرضيات والجدران، مما يتيح توظيفها بأساليب متعدّدة لأغراض تركيز الانتباه أو التمويه البصري في المساحات الداخلية. وبالإمكان الاستعانة بالملامس الطبيعية لبعض مواد البناء، كالطوب لتركيز الانتباه على عنصر معماريٍّ. ويقوم الخشب والإردواز والرخام بإتاحة التنويع في الوحدات الزخرفية والملامس لبلاط الأرضيات وجذب الانتباه إليه.
يساعد في اختيار الملامس ووحدات الزخارف مقدار الاستعمال ونوعه اللذان ستتعرض لهما داخل المساحة الفراغية أو على المفروشات والأثاث. لكن تتعرَّض المواد الزخرفية عادة للاتّساخ، وإن كانت لا تبلى بسرعة مقارنة بالمواد ذات اللونية الواحدة. وعلى العكس، تحافظ المواد ذات الملامس الوبرية الخفيفة على مظهر نظيف لفترات أطول قياساً بالمواد ذات الأسطح الناعمة المصقولة. لكن التركيب الصناعي لكثير من المواد يكيّف مقاومتها للبلى وإمكان صيانتها. وقد تتشابه بعض المواد كثيرًا في مظهرها الخارجي، بوحداته الزخرفية ونسقه الملمسي، لكنها قد تختلف كثيرًا في متانتها وتكلفتها. ولهذه الأسباب، يجدر الإلمام ببعض المعلومات عن المواد المستعملة في 1- الأقمشة 2- أغطية الأرضيات 3- أغطية الجدران.
غرفة المائدة. نجحت تنويعات الملامس والوحدات الزخرفية في إضفاء عنصر التشويق على التصميم. اشتمل تنويع الزخارف على ورق الحائط وحشايا الكراسي وبلاط الأرضية. كما يتباين النسيج المفتوح في الستائر مع الأثاث الخشبي المصقول والرف.
الأقمشة. الأقمشة الرئيسية المستعملة في التصميم الداخلي تشمل المنسوجات المصنوعة من المواد الطبيعية كالصوف والقطن والكتان، كما تشمل الأنواع المصنوعة من الألياف الصناعيةكالأكريليك والبوليستر والألياف الزجاجية. أما المنسوجات الصوفية شديدة المتانة، فيتم تجهيزها بملمس خشن أو ملمس ناعم. وقد راج استعمال الصوف لفترات طويلة في صناعة قماش التنجيد، وذلك لمرونته في التشكُّل مع أيّ شكلٍ من أشكال الأثاث. والواقع أن أقمشة القطن أو الكتان لا تتوافر فيها المتانة المطلوبة للتنجيد، لكنّها مناسبة لعمل الستائر والمفارش وأغطية الأسرَّة، كما أنهـا قابلة للغـسل وتعمّر طـويلاً.
تشبه منسوجات الأكريليك والبوليستر الأقمشة الصوفية في المتانة وطول الاستعمال، ولكن ثمنها رخيص. وهي تشبه الصوف مظهرًا وملمسًا، وتحلّ محلّه في صناعة التنجيد، ويضاف إلى هذا سهولة تنظيفها. ويمتاز نسيج موداكريليك ـ أحد مشتقات الأكريليك ـ بقدرته على مقاومة الاحتراق. وتكتسب الأقمشة التي تدخل خيوط البوليستر في نسيجها المتانة ومقاومة التجعّد. وكثيرًا ما تخلط خيوط البوليستر بخيوط أخرى، كالقطن لإنتاج أقمشة الستائر وأغطية الأسرة. وتتميز المنسوجات المصنوعة من الألياف الزجاجية بتنوع وحداتها الزخرفية، بملامسها التي تماثل ملامس منسوجات القطن أو الكتان أو الحرير. كما تتميز منسوجات الألياف الزجاجية بسهولة العناية بها، وبقابليتها لمقاومة الاحتراق، وبرخص ثمنها. وبسبب ما تتركه من إحساس غير مريح بسبب الحكة الجلدية، فقد انحصر استعمالها في صنع الستائر.
أغطية الأرضيات. إذا دعت الحاجة لاستعمال أغطية للأرضيات، سينحصر الخيار بين البُسُط والسجاد، وبين الأغطية الصلبة المعروفة باسم الأرضيات المرنة. البُسُط والسَّجاد من شأنها إضفاء الإحساس بوحدة الحجرة ككُلّ. ويُوظَّف السجاد في إضفاء الوحدة بين قطع الأثاث. وتولّد كل من البُسط والسجاد إحساسًا بالدفء والارتياح. كما أنها تُخْفت الضوضاء،