خلفت وفاة الرئيس السابق لمولودية وهران قاسم ليمام أول أمس حزنا شديدا لرحيل أحد أهم الرجال الذين تولوا رئاسة الحمراوة على مدار سنوات طويلة مرصعة بالألقاب والإنجازات بشهادة حتى أولئك الذين اختلفوا معه سواء من اللاعبين القدماء أو المسيرين والأنصار، حيث عبروا للشروق عقب الإعلان الرسمي عن الوفاة عن بالغ حزنهم و ألمهم.
جباري: "الله وحده يعلم كم تمنيت أن يعود بيننا"
عبر يوسف جباري عن حزنه وألمه الكبير وهو يودع رجلا خدم المولودية لسنوات طويلة على الرغم من الخلافات الكبيرة بينهما، وقال جباري بأن ما كان يفرقها هو مجرد كرة القدم، أما خارج الميدان فقد كان بليمام أخا عزيزا عليه، ولم يتمن يوما أن يصيبه أي مكروه حسب قوله، مضيفا بأن الله وحده يعلم كيف كان يتألم وهو يرى قاسم يعاني من المرض ويموت ببطء شديد فوق سرير مستشفى.
محياوي: "ضغوط الموسم الماضي كانت سببا في وفاته"
صرح محياوي للشروق بأنه قد فقد فعلا أخا عزيزا عمل معه على مدار 30 سنة مضت من أجل النهوض بكرة القدم على مستوى الجهة الغربية، وأضاف محدثنا بأن وهران ودعت فعلا رجلا كبيرا بكل ما تحمل الكلمة من معنى، إلا أن الضغوط الكبيرة التي تعرض لها الموسم الماضي واقتراب المولودية من السقوط كانت السبب الأول في إصابته بالمرض الذي فشل الأطباء في علاجه حتى سلم الروح لبارئها.
حفيظ بلعباس: "طلبت منه أن يسامحني وأنا سامحته أيضا"
تحدث حفيظ بلعباس للشروق قائلا أنه وعلى الرغم الخلافات الكروية التي كانت بينهما، إلا أنه حرص في العديد من المناسبات على زيارة بليمام وهو على فراش المرض سواء بالبيت أو حتى عندما ساءت حالته الصحية، وأضاف بأنه طلب من الرئيس السابق للحمراوة أن يسامحه إن هو أخطأ في حقه، وبادله بليمام بنفس الشعور قائلا له انه يعتبر الجميع بمثابة أولاده وإن اختلف معهم في أمور الكرة، قبل أن يفترق الرجلان على كلمة "السماح بيناتنا".
شريف الوزاني: "كان مثالا في الإخلاص والتفاني في خدمة المولودية"
سي الطاهر مدرب الحمراوة لم يجد الكلمات المعبرة عن حزنه الشديد لوفاة الرئيس السابق للحمراوة وقال بأن سماعه لخبر الوفاة هز مشاعره بعنف، إذ لم تبق سوى الذكريات الجميلة مع هذا الإنسان الطيب في الداخل وإن كان يحاول إظهار نوعا من الصرامة والقساوة في إدارته لشؤون الفريق، وقال شريف الوزاني بأنه يعرف بليمام عن قرب سواء كلاعب أو مدرب، فكان فعلا مثالا للإخلاص والوفاء وحب المولودية إلى حد النخاع، فلم يتخل عنها حتى في أصعب الأوقات وأفنى حياته في خدمة ناديه الذي كبر فيه وحقق معه ألقابا كثيرة.
بلومي: "كان بمثابة الأب والمعلم بالنسبة لي"
أكد بلومي للشروق بأنه لم يصدق بعد بأنه لن يرى قاسم بليمام ثانية بعد أن فارق الحياة أول أمس، معتبرا رئيسه السابق بمثابة الأب والمعلم الذي عاش برفقته سنوات طويلة وكان له الفضل الكبير في تألقه مع المنتخب الوطني سنوات الثمانينيات بفضل نصائحه وإرشاداته الحكيمة، وأضاف بلومي انه يضع في بليمام ثقة عمياء باعتباره صاحب كلمة والدليل انضمامه لصفوف الحمراوة بـ"الكلمة" فقط، ولم يخلف الراحل وعده معه أبدا مما جعله يحترمه كثيرا ويكن له الحب والتقدير.
حدو: "لن أنس فضله علي"
التأثر البالغ كان واضحا في نبرة صوت حدو مولاي الذي لم يتمالك نفسه وهو يتحدث إلينا عن فقدان قاسم بليمام، و ال بأن فضله عليه كبير ويكفي أنه هو الذي جلبه لصفوف الحمراوة وجعله يطرق أبواب المنتخب الوطني.
قرباج:
"فقدنا أحد أعمدة الكرة"
قال رئيس شباب بلوزداد محفوظ قرباج بأن "الجزائر ودعت أمس أحد أعمدة الكرة الجزائرية، فليمام قدم الكثير للجزائر"، وأضاف قرباج "في عهد ليمام كانت المولودية الوهرانية في أوج عطائها وكانت دائما تتنافس على المراكز الأولى، كما شرفت الجزائر في المحافل الكروية الإفريقية والإقليمية، وسر نجاح المرحوم عشقه لفريقه وحبه للكرة الجميلة واللعب النظيف، وعلاقة ليمام دائما طيبة بجل الأندية الجزائرية، ونحن على الأخص في بلوزداد تربطنا علاقات جد وثيقة مع مولودية وهران التي فقدت رجلا لا يعوض. إنا لله وإنا إليه راجعون".
الشروق تكشف وصية بليمام وما كان يتمناه قبل وفاته
حلم بزيارة بيت الله الحرام قبل لقاء ربه وأوصى خيرا بالمولودية وهو على فراش الموت
لم يكن سهلا على أنصار المولودية ولا أحباب قاسم بليمام لا حتى نحن الصحفيين الذين قضوا معه السنتين الأخيرتين من رئاسته للحمراوة تقبل خبر رحيل أكبر رئيس في تاريخ هذا النادي العريق، لأنه وبشهادة الجميع كان رجلا صلبا لا تهزه الأزمات ولا المشاكل وطالما كان حاضرا في الأوقات الصعبة في تاريخ عميد أندية الغرب ولعل أبرز تلك الفترات هو تسلمه مفاتيح الرئاسة سنة 2008 وهو يقول في الندوة الصحفية التي أعقبت فوزه بأغلبية الأصوات خلال أشغال الجمعية العامة: "أنا هو المنقذ وسأعيد المولودية إلى القسم الأول وبعدها سأموت وضميري مرتاح".
لم تكن هذه العبارة مجرد كلام. بل وفّى بليمام بوعده وأعاد الحمراوة مرة أخرى لمصاف الكبار بعد موسم شاق في القسم الثاني، لكن بفضل خبرته وحنكته الكبيرة في التسيير تغلب على كل المصاعب التي واجهته ليركب صيف 2008 ظهر جواد الصعود، مرتديا برنوس الزعامة وحاملا في يده بارودة الانتصار لتبقى تلك الصورة خالدة في أذهان الحمراوة على مر التاريخ. وما يزيد من تعلق الحمراوة بهذا الرجل متابعته لكل كبيرة وصغيرة تخص ناديه وحضوره الدائم للحصص التدريبية، حيث كان ملتزما بمتابعتها أكثر من التزام اللاعبين في حد ذاتهم، وكم كان يستاء من كثرة الغايابات دون مبرر، ويقول "من لا يلتزم بالعمل طوال الأسبوع لن يصل بعيدا في مشواره كلاعب كرة قدم ولن أنتظر منه الكثير"..
بليمام كان يستغل فرصة جلوسه مع الصحفيين خلال التدريبات ليكشف عما يتمناه ويحلم برؤيته سواء على المستوى الشخصي أو ما يصبو إليه كرئيس للحمراوة ويتكلم بفخر عن إعادته للنادي الذي نشأ فيه إلى مكانه الطبيعي في القسم الوطني الأول ومن بين الأمور التي رددها كثيرا هو أنه قد تقدم في السن ولا يستطيع تحمل الضغط والعصبية الزائدة للأنصار، لذا قال لي بالحرف الواحد وأنا أجلس إلى جانبه "أريد أن أرى بيت الله الحرام للمرة الأخيرة، فكم أنا مشتاق لزيارة قبر الرسول وبعدها سأتفرغ لحياتي وسط عائلتي وأحفادي بعيدا عن هموم الكرة ومشاكلها التي لا تنتهي"، لكن بليمام رحل دون أن يحقق أمنيته بزيارة مكة المكرمة نتيجة تدهور حالته الصحية بشكل مفاجئ نهاية الموسم الماضي، ومن بين ما أذكره عن الرئيس الراحل حنينه الكبير إلى الألقاب والتتويجات سواء على المستوى المحلي أو القاري والإقليمي وهو الذي ألف ذلك سنوات التسعينيات وكم كان يؤلمه تخبط الحمراوة في قاع الترتيب وعجز المولودية عن إنجاب لاعبين كبار لتدعيم صفوف الفريق الوطني أمثال بلومي، ،شريف الوزاني، علي مصابيح، بن ساولة وغيرهم، وصرح لي في احدى المرات بأنه يحلم فعلا أن يمتطي الطائرة مرة أخرى كما كان يفعل سابقا للمشاركة في كأس عربية يحقق لقبها الرابع بعد التتويج بها سنوات 97 / 98 / 99 على التوالي، لكنه كان يعرف في قرارة نفسه بأن تحقيق هذه الأمنية على المدى القصير صعب للغاية وسط كم هائل من الأزمات المالية الخانقة وانعدام قاعدة تكوينية هامة في مدرسة المولودية.
كثيرون ممن زاروا بليمام على فراش المرض كشفوا عن وصيته الأخيرة التي حملها لكل واحد طرق بيته للاطمئنان على صحته بالقول "نصيحتي للأجيال التي ستأتي من بعدي هي المحافظة على اسم هذا النادي الكبير، فهي أمانة في رقابكم، فلا تضيعوها من بين أيديكم وليس كل من هب ودب يستطيع أن يلعب فيها أو يرأسها"، هذه الكلمات تعطي صورة واضحة عن تعلق الراحل بالنادي الأكثر شعبية على مستوى الغرب وظل يكرر هاته العبارات حتى أدخله المرض العضال في غيبوبة لم يسلم منها وأدت إلى وفاته أول أمس.
يحب جمع المقالات الصحفية التي تتحدث عنه، يملك ألبوما نادرا للصور ورفض التخلي عن المقر القديم للنادي
المقربون من قاسم بليمام يعرفون جيدا تعلقه الشديد بالظهور في وسائل الإعلام والحديث عن النادي الذي أفنى فيه حياته و ن بين هواياته المفضلة جمع كل المقالات الصحفية التي تتحدث عنه، معتبرا إياها إرثا ثمينا سيتركه لأبنائه وأحفاده حتى يعرفوا مدى عظمة النادي الذي ترأسه في العديد من المرات، كما كان يصر على المصورين الصحفيين لجلب صوره في المباريات والمناسبات الهامة وأكد بليمام أنه يملك ألبوما يضم صورا نادرة للغاية تعود لسنوات الستينيات، ولغاية يومنا هذا فالصور حسب رأيه تعبر عن ذاكرة أبدية لأي إنسان تذكره بالإنجازات التي حققها ومما يدعو للإعجاب بشخصية بليمام إصراره على البقاء في مقر النادي القديم الكائن بشارع عبان رمضان بوسط المدينة رغم الحالة المهترئة التي كان يوجد عليها، رافضا التقدم بطلب للسلطات المحلية للحصول على مقر جديد واكتفى بترميم المقر القديم، لأنه يعتبره إرثا لا يجب التفريط فيه.