ساهمت شبكات التواصل الاجتماعي وتقنيات الإنترنت الحديثة في تغيير المعالم الأساسية للمشهد الإعلامي. فبعد أن كانت عملية إيصال الرسائل الأساسية للشركات تتم عبر نشر أخبارها في وسائل الإعلام التقليدية والإلكترونية، التي تخضع لرقابة صارمة، أصبحت منتجات هذه الشركات وخدماتها وعلاماتها التجارية الآن في مواجهة مباشرة مع آراء المستخدمين السلبية والإيجابية، لاسيما مع ظهور أدوات وتطبيقات حديثة مثل المدونات الشخصية وشبكات التواصل الاجتماعي وغيرها.
وبما أن مصدر هذه التقنيات والشكبات الاجتماعية كان غربياً كالعادة، فقد سارعت الشركات الأجنبية إلى ابتكار أدوات متقدمة لرصد ما ينشر على الإنترنت في المدونات ومواقع الشبكات الاجتماعية لإتاحة الفرصة للشركات للرد على السلبية منها وتفادى كوارث وأزمات قد تكبدها خسائر مادية كبيرة.
وقدمت الشركات المتخصصة العديد من الأدوات الذكية التي أطلقت عليها اسم "أدوات رصد وسائل الإعلام الاجتماعية" Social Media Monitoring Tools، لتوفر للشركات أدوات فاعلة لرصد ما ينشر عنها وعن منتجاتها من خلال تقارير مفصلة تمكنها من معرفة ما يقال عنها في وسائل الإعلام الاجتماعية. كما تتيح لها الاطلاع على الكثير من التفاصيل التي باتت ضرورية بالنسبة لها، بما في ذلك المصدر، والبلد، واللغة، ولهجة التعليق، وإيجابيته أو سلبيته، واحتواؤه على الرسائل الأساسية للشركة أم لا، وغيرها من مؤشرات الأداء العام.
وكعادتها، بدأت هذه الأدوات والتقنيات تصل إلى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تدريجياً، خصوصاً بعد ازدياد انتشار وسائل الإعلام الاجتماعية والإقبال عليها من قبل المستخدمين في المنطقة. وقد واجهت هذه الشركات صعوبات كبيرة في تطويع هذه الأدوات لرصد ما ينشر على الإنترنت باللغة العربية وتحليله واستخراج تقارير منه.
وبحسب آراء العديد من العاملين في هذا المجال، فإن الكثير من الشركات في المنطقة حالياً تعتبر الاستثمار في مثل هذه الأدوات ضرباً من الترف والمبالغة، وأرى شخصياً أنه بعد أقل من عام واحد ستتحول هذه الأدوات إلى ضرورة حتمية لقطاع الأعمال في المنطقة. فإذا لم تطلع الشركات على ما ينشر في وسائل الإعلام الاجتماعية حول منتجاتها وخدماتها، فإنها بلا شك لن تكون قادرة على تقييم سمعتها الإلكترونية ولن تدرك أنها ربما تكون في مأزق حقيقي في بعض الحالات من الممكن أن يكبدها خسائر فادحة.
وعلى الرغم من مسارعة بعض الشركات المطلعة في المنطقة إلى تطوير تطبيقات تتناسب مع واقع المنطقة من حيث ثنائية اللغة (عربي، إنجليزي)، إلا أن هذه الأدوات لا تزال تفتقر إلى الكثير من الدقة والسهولة في التعامل، لاسيما لدى التعامل مع النص العربي.
وأجزم تماماً من وجهة نظري أن أدوات الرصد الخاصة بوسائل الإعلام الاجتماعية ستصبح ضرورة حتمية لكافة الشركات العاملة في المنطقة في غضون أقل من عام واحد، لحماية علامتها التجارية وصيانة سمعتها على شبكة الإنترنت وتطبيقاتها الاجتماعية.