قال وزير المجاهدين محمد شريف عباس، اليوم الأحد، أن الإعلان عن تأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية في الـ19 سبتمبر 1958 دليل على استمرارية المنهجية الثورية وتعبير واضح عن نضج سياسي كبير وصلت إليه الدبلوماسية الجزائرية التي كللت بإنشاء هذه الحكومة المؤقتة التي ترأسها المرحوم فرحات عباس.
واعتبر وزير المجاهدين في كلمة بمناسبة الندوة الوطنية حول المرحوم فرحات عباس أول رئيس للحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية التي نظمت إحياء للذكرى الـ 52 لتأسيسها بالنادي الوطني للجيش ببني مسوس، أن فرحات عباس رجل بطل فذ وظف خبرته السياسية وحنكته الدبلوماسية لخدمة الثورة الجزائرية.
و قال الوزير أن الحكومة المؤقتة لحظة تاريخية يميزها نضج سياسي ووعي نضالي جدير بالدراسة، حيث استطاعت فرض نفسها في كل المحافل الدولية، معتبرا أن تاريخ الجزائر هو كتاب مفتوح ملئ بالمحطات التي صنعها رجال ونساء أصبحوا جزءا من هذا التاريخ ببطولاتهم وتضحياتهم من أجل استقلال الجزائر.
إنشاء الحكومة المؤقتة تتويج لكفاح بطولي كبير
ومن جانبه اعتبر الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين سعيد عبادو، أن الثورة الجزائرية أدركت بعد حوالي أربع سنوات من اندلاعها أنه آن الأوان لتأسيس حكومة مؤقتة، موضحا أن إنشاء هذه الحكومة كان تتويجا لكفاح بطولي كبير أجبر فرنسا للجلوس على طاولة المفاوضات ونيل الاستقلال.
وأضاف سعيد عبادو أن فرحات عباس تحمل مسؤولية قيادة الحكومة المؤقتة وهو يدرك بحكم تجربته النضالية الطويلة ثقل تلك المسؤولية وما يتحتم عليها مواجهته في ضوء واقع استعماري، موجها رسالة إلى جيل الاستقلال حاثهم على الاهتمام أكثر بالبحث والدراسة فيما يخص هذه المرحلة الهامة من تاريخ الجزائر.
تأسيس مدرسة وطنية تهتم بالتاريخ
و أضاف عبادو أن الوقت الراهن، أصبح تأسيس مدرسة وطنية تهتم بالتاريخ على أساس موضوعي وواقعي أكثر من ضروري، بهدف تبليغ هذا التاريخ إلى الأجيال الصاعدة حتى تكون على إطلاع بالتضحيات التي قدمت من أجل تحرير الجزائر، موضحا أن الظروف أصبحت مهيأة أمام ذوي الاختصاص من الكفاءات الوطنية للإسهام العلمي والمباشر في تحقيق هذا الطموح الوطني الكبير.
و أفاد أن “واقع الحال يفرض علينا اليوم في إطار مسعانا لكتابة تاريخنا الوطني اعتماد المناهج العلمية الحديثة و تكييفها مع الواقع والمعطيات الوطنية خاصة و أن تاريخنا -كما قال -قد تعرض عبر العصور إلى حملات تزييف وتشويه في محاولة للتقليل من أهمية ما تميز به من أمجاد و بطولات”.
وأكد عبادو أنه لكتابة التاريخ على أسس صحيحة ومتينة يجب الرجوع إلى المصادر الأساسية وهي الشهادات الحية للمجاهدين الدين عايشوا الأحداث والدين صنعوها، مشيرا إلى أن الوثائق وحدها لا تكفي بحكم أن الثورة كانت شعبية تعتمد على السر كما أن بعض الوثائق تتلف في بعض الحروب حتى لا تقع في يد العدو.
وأضاف عبادو أن هذه الشهادات تكمل بالوثائق والوسائل الأخرى، مؤكدا أن المادة موجودة لكتابة التاريخ سواء في المتاحف ومركز الدراسات ووزارة المجاهدين والمنظمة الوطنية للمجاهدين.
وفي هذا الخصوص، ناشد الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين أساتذة التاريخ والباحثين والمختصين إلى الاهتمام بتاريخ الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر، مشددا أن تاريخ الحركة الوطنية وثورة أول نوفمبر يجب أن تحتضنه الجامعة.
وأضاف عبادو أن كتابة التاريخ تمكن من الرد على كل التساؤلات والدفاع عنه ضد التيارات التي تظهر هنا وهناك من اجل تزييف التاريخ والطعن في الحركة الوطنية وتاريخ الكفاح المسلح.
دعوة إلى اعتبار 19 سبتمبر 1958 يوم ميلاد الدولة الجزائرية
من جانبه قال عبد الحميد مهري وزير سابق في الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية مكلف بشؤون شمال إفريقيا في مداخلة ألقاها بالمناسبة، أنه عند انضمام المرحوم فرحات عباس أول رئيس للحكومة المؤقتة الجزائرية إلى لجنة تنسيق وتنفيذ الثورة ابتعدت هذه الأخيرة عن الأهداف التي سطرتها في بدايتها والتي كانت تدعو في مجملها إلى الاندماج مع فرنسا.
وأوضح مهري أنه مع مجئ فرحات عباس سطرت اللجنة هدفين أساسيين الأول يتمثل في الاهتمام بالماضي السياسي لفرحات عباس الذي كان يتميز بآرائه المعصرنة التي تؤكد أمام الرأي الفرنسي والرأي العالمي أن الكفاح هو السبيل الوحيد لاستعادة السيادة الوطنية، أما الهدف الثاني يتمثل في قدرة فرحات عباس على تحقيق وحدة الصف داخل هيئات الثورة ودحر كل الخلافات بين رؤساء هذه الهيئة، مشيرا إلى أن التجنيد الوطني للمرحوم فرحات عباس في قلب الثورة كان صادقا وكاملا.
وقال عبد الحميد مهري خلال مداخلته، أنه لا بد من اعتبار يوم 19 سبتمبر 1958 هو يوم ميلاد الدولة الجزائرية.