السعادة مطلب لجميع البشر، فصنف منهم يبحث عنها في
المال، وآخر في الشهرة، وثالث في الشهادات، ولكن هل تراهم عثروا على ما بحثوا؟
-لا ريب أن ثمة موانع كثيرة للسعادة تحول دون الوصول إليها والتنعم بالعيش
فيها.
* وإليك أهم تلك الموانع:
1- الكفر: يقول الله تعالى: ( ومن يرد الله
أن يضله يجعل صدره ضيقاً حرجاً كأنما يصعد في السماء ) هكذا يصور القرآن التعاسة
والشقاء تصويراً دقيقاً.
2- عمل المعاصي والآثام والجرائم: ولن أستشهد على
هذا الأمر فهو واضح جلي.
3- الحسد والغيرة: وأمر الحسد خطير، حتى إن الله
تعالى يأمرنا بالاستعاذة من شر الحاسد، قال تعالى: ( ومن شر حاسد إذا حسد ). وقال
الله تعالى: ( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله )..
- وقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم موجهاً أمته: ( لا تحاسدوا ، ولا تباغضوا ، ولا تجسسوا ، ولا
تحسسوا ، ولا تناجشوا.. وكونوا ، عباد الله إخوانا ) صحيح مسلم.
4- الحقد
والغل: قال تعالى في سورة الحشر: ( ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا )، فجعل من
صفات المؤمنين الابتهال بهذا الدعاء؛ لأن الغل من موانع السعادة.
5- الغضب:
لا شك أن الغضب من حواجب السعادة والانشراح، ولذلك امتدح الله المؤمنين قائلاً
عنهم: ( وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ), ويقول الرسول عليه الصلاة
والسلام: ( ليس الشديد بالصرعة ، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب ) صحيح
البخاري.
6- الظلم: فإن الظلم مرتعه وخيم وعاقبته سيئة إلى أبعد الحدود،
ومن الأمثلة المعاصرة التي تصور عقبى الظلم ومآل الظلمة، رجل تجبر وتكبر وبلغ به
التجبر والطغيان إلى حد أنه كان يقول للمؤمنين وهو يعذبهم حينما يستغيثون بالله
يقول: أين إلهكم لأضعنه في الحديد.... فكان جزاؤه العاجل أن تصطدم سيارته بشاحنة
تحمل حديداً، فدخل الحديد في جسمه من أعلى رأسه إلى أحشائه، وعجز المنقذون أن
يخرجوه إلا قطعاً. هكذا أهلكه الله بالحديد وهو الذي يقول: إنه سيضع الله في الحديد
تعالى عما يقول الظالمون.
7- الخوف من غير الله عز وجل: إن الخوف من غير
الباري سبحانه يورث الشقاء والذلة، ولذلك قال الله: ( أولئك ما كان لهم أن يدخلوها
إلا خائفين ). وقال إبراهيم لقومه كما ورد في القرآن: ( ولا أخاف ما تشركون به ).
8- التشاؤم: فقد كان المصطفى صلى الله عليه وسلم يعجبه الفأل ويكره
التشاؤم؛ لأنه سبب في التعاسة والمتاعب.
9- سوء الظن: فالله سبحانه
يقول: ( يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ). ويقول
الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إياكم والظن ، فإن الظن أكذب الحديث ) صحيح البخاري.
10- الكبر: المتكبر يعيش في شقاء دائم وتعاسة أبدية، وإن تغطرس وتعالى على
الناس وغمطهم حقوقهم.
11- تعلق القلب بغير الله: كتعلق قلب العاشق
بمعشوقته، ويكفي لتصوير خطورة الأمر أن نقرأ قصة مجنون ليلى لنعلم كيف عاش هذا
الرجل شريداً طريداً حتى جن، ومات وهو عاشق، فيا لها من خسارة دنيوية وأخروية.
12- المخدرات: إن كثيراً من الناس يتوهم أن السعادة تجتلب بمعاقرة المخدرات
والمسكرات فيقبلون عليها قاصدين الهروب من هموم الدنيا ومشاغلها وأتراحها، وإذا بهم
يجدون أنفسهم كالمستجير من الرمضاء بالنار؛ لأن المخدرات في الحقيقة مجلبة للشقاء
واليأس والانحلال والدمار.
* والآن بعد عرفنا موانع السعادة فلنعد إلى طريق
الفكاك والتخلص من تلك الموانع..
أسأل الله أن يحيينا حياة السعداء
ويمتنا ميتة الشهداء، ويحشرنا مع زمرة الأنبياء، هذا وصلى الله وبارك على نبينا
محمد وعلى آله وصحبه