السلام عليكم
شرح بلوغ المرام من أدلة الأحكام
[center]( كتاب الصوم )
[b]إملاء فضيلة الشيخ
سليمان بن ناصر العلوان
(من قام رمضان ايمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه )
/
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من
قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ماتقدم من ذنبه ) .هذا الخبر متفق
عليه .
قال الإمام
البخاري رحمه الله حدثنا يحيى بن بكير قال أخبرنا الليث عن عقيل بن خالد
بن عقيل عن الزهري قال حدثني أبو سلمة بن عبدالرحمن عن أبي هريرة به.
وقال الإمام مسلم رحمه الله حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك عن الزهري عن حميد بن عبدالرحمن عن أبي هريرة به .
ورواه
النسائي في السنن الكبرى قال حدثنا قتيبة بن سعيد قال أخبرنا سفيان عن
الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وفيه ( غفر له ماتقدم من ذنبه وما تأخر
). وقد خولف بذلك قتيبة وخولف بذلك أيضاً سفيان فقد روى الحديث جمع من
الحفاظ عن سفيان ورواه آخرون كمعمر ومالك والليث ويونس رووه عن الزهري فلم
يذكروا ( وما تأخر ) فهي زيادة غير محفوظة .
قوله [ من قام ] .
(من)
اسم شرط جازم تجزم فعلين الأول فعل الشرط والثاني جوابه وجزاؤه قوله [قام]
هذا فعل الشرط ولايتم جواب الشرط إلا بتحقق فعل الشرط وفعل الشرط هنا مقيد
لمن قام رمضان ( إيماناً واحتساباً ) .
فإن وجد الإيمان ولم يوجد الإحتساب أو العكس لم يحصل على المغفرة والرضوان .
والمراد بالقيام هنا قيام الليل، وفي رواية في الصحيحين ( من صام رمضان إيماناً واحتساباً ) .
و
( إيماناً ) أي تصديقاً بوعد الله وتصديقاً بثوابه فإن الإيمان في اللغة
يطلق ويراد به التصديق كما في قول الله جل وعلا { وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ
لَنَا} أي بمصدق لنا، أما في الشرع : فإنه قول باللسان واعتقاد بالجنان
وعمل بالأركان . خلافاً للجهمية فإنهم يزعمون أن الإيمان هو المعرفة
وخلافاً للأشاعرة فإنهم يدعون أن الإيمان هو التصديق فقط وخلافاً للمرجئة
فإن الإيمان عندهم قول باللسان واعتقاد بالجنان ويخرجون الأعمال عن مسمى
الإيمان .
قوله [ احتساباً ] .
أي
طلباً للأجر والثواب وطلباً لمرضاة الله فلا يريد من الناس مدحاً
ولاثناءاً ولا جزاءً ولاشكوراً قال تعالى : { وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ
ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114)}
( النساء ) .
قوله [ غفر له ماتقدم من ذنبه ] .
ذهب جمهور العلماء إلى أن المراد بالمغفرة هنا غفران الصغائر دون الكبائر فإن الكبائر عندهم لاتكفر إلا بالتوبة .
وقد
جاء في صحيح الإمام مسلم من حديث العلا بن عبدالرحمن عن أبيه عن أبي هريرة
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( رمضان إلى رمضان والجمعة إلى الجمعة
مكفرات لما بينهن مالم تغش الكبائر ) .
وذهب
الإمام أبو العباس شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه إلى أن الحديث يعم
الصغائر والكبائر، ورجح رحمه الله أن بعض الأعمال الصالحة لا يقتصر
تكفيرها على الصغائر فقط بل تكفر حتى الكبائر، وذكر رحمه الله في كتاب
الإيمان عشرة أوجه مؤيداً بها قوله فلتراجع .
والحديث
يدل على فضيلة قيام رمضان والإحتساب في ذلك وفي الحديث ( ومن قام مع
الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ) رواه أحمد وأبو داود وغيرهما وإسناده
حسن .