في الوقت الذي ألقت فيه الأزمة الاقتصادية العالمية بظلالها على جميع أنشطة الحياة في مختلف المجالات ومنها سوق انتقالات اللاعبين كان حال نادي ريال مدريد الأسباني لكرة القدم على النقيض تمام فكان الاستثناء المثير للجدل في هذه الأزمة العصيبة.
واستهل فلورنتينيو بيريز فترته الثالثة في رئاسة النادي الملكي بإنفاق 80 مليون جنيه استرليني (94 مليون يورو) على التعاقد مع اللاعب البرتغالي كريستيانو رونالدو من فريق مانشستر يونايتد الإنجليزي محطما بذلك الرقم القياسي لأكبر صفقة لانتقال أي لاعب عبر التاريخ والتي كانت مسجلة بالنادي أيضا لتعاقده مع الفرنسي زين الدين زيدان قبل سنوات.
كما أنفق بيريز 5ر67 مليون يورو للتعاقد مع البرازيلي كاكا من ميلان الإيطالي.
وتعاقد بيريز مع لاعبين آخرين مثل المهاجم الفرنسي كريم بنزيمة ولاعب خط الوسط الأسباني خافي ألونسو مقابل نحو 35 مليون يورو لكل منهما والمدافع راؤول ألبيول مقابل 15 مليون يورو ليتجاوز إجمالي ما أنفقه في سوق الانتقالات قبل بداية الموسم الكروي الحالي 200 مليون يورو.
واحتشد نحو 85 ألف من مشجعي النادي الملكي في مدرجات استاد "سانتياجو برنابيو" لمتابعة مراسم الإعلان عن التعاقد مع رونالدو وتقديمه لوسائل الإعلام والجماهير.
وبرر بيريز هذا الإسراف في سوق انتقالات اللاعبين بأن ذلك سيكون استثمارا للنادي.
ورغم ذلك ، لم يلق هذا الإصراف ترحيبا من الكثيرين ومنهم الفرنسي ميشيل بلاتيني رئيس الاتحاد الأوروبي للعبة (يويفا) حيث قال "لا يمكنني أن أتفهم إنفاق 90 مليون يورو على لاعب واحد. يزعجني ذلك".
وفي المقابل ، كانت بعض الأندية الأوروبية الكبيرة الأخرى ، ومنها برشلونة المنافس التقليدي العنيد لريال مدريد ، أكثر تحفظا في سوق انتقالات اللاعبين.
وتعاقد برشلونة مع المهاجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش في صفقة تبادلية مع انتر ميلان الإيطالي الذي حصل في المقابل على المهاجم الكاميروني صامويل إيتو من فريق برشلونة.
وكان الاستثناء الوحيد هو نادي مانشستر سيتي الإنجليزي الذي نجح من خلال أموال البترول التي يمتلكها مالكوه في إنفاق نحو 120 مليون يورو على عدد من اللاعبين الدوليين ومنهم الأرجنتيني كارلوس تيفيز والتوجولي إيمانويل أديبايور مقابل 30 مليون لكل منهما.
ولكن برشلونة كان الأبرز على أرض الملعب خلال الموسم الماضي حيث فاز الفريق بلقب دوري أبطال أوروبا بعد الفوز في المباراة النهائية للبطولة بالاستاد الأولمبي في العاصمة الإيطالية روما على مانشستر يونايتد الإنجليزي بهدفين نظيفين سجلهما إيتو والأرجنتيني ليونيل ميسي.
وأضاف برشلونة هذا اللقب الأوروبي إلى لقبيه المحليين اللذين حصل عليهما في دوري وكأس ملك أسبانيا.
ويدين برشلونة بالفضل الكبير في بلوغ نهائي دوري الأبطال إلى لاعبه أندريس إنييستا الذي سجل هدفا في الوقت بدل الضائع من مباراة الغياب أمام تشيلسي الإنجليزي في الدور قبل النهائي ليقود برشلونة إلى النهائي.
وشهدت المباراة أمام تشيلسي مطالبة لاعبي الفريق الإنجليزي بأكثر من ضربة جزاء ولكن الحكم النرويجي توم هينينج أوفربو الذي أدار اللقاء تغاضى عن هذه المطالب.
كما فرض اليويفا بعدها عقوبة بالإيقاف على كل من المهاجم ديدييه دروجبا والمدافع جوزيه بوسينجوا نجمي تشيلسي بسبب السلوك غير الرياضي وسط هذه الاحتجاجات المشتعلة من قبل فريقهما.
وضاعف الاتحاد الدولي للعبة (فيفا) من أزمة تشيلسي عندما أصدر قرارا بحرمان النادي من إبرام أي تعاقدات حتى عام 2011 بسبب إغراء اللاعب الفرنسي الشاب جايل كاكوتا على فسخ عقده مع لنس الفرنسي.
وفي وقت سابق من عام 2009 ، أقال تشيلسي مديره الفني البرازيلي لويز فيليبي سكولاري وأسند المهمة بشكل مؤقت إلى المدرب الهولندي جوس هيدينك الذي شغل المنصب بجوار عمله في منصب المدير الفني للمنتخب الروسي.
وتعاقد تشيلسي قبل بداية الموسم الحالي مع المدرب الإيطالي كارلو أنشيلوتي.
وكانت إقالة سكولاري مجرد حلقة واحدة من سلسلة طويلة لإقالة أو استقالة المدربين في بطولات الدوري الكبيرة على مدار عام 2009 .
في ألمانيا ، فشل يورجن كلينسمان في استكمال الموسم الماضي مع بايرن ميونيخ الذي استعان بمدرب مؤقت حتى نهاية الموسم ثم تعاقد مع المدرب الهولندي لويس فان جال قبل بداية الموسم الحالي لقيادة الفريق بعد فوز فان جال مع الكمار بلقب الدوري الهولندي.
وفي نفس الوقت ، ترك المدرب فيليز ماجات فريق فولفسبورج بعدما حقق معه المفاجأة وأحرز لقب الدوري الألماني (بوندسليجا) لينتقل إلى تدريب شالكه.
وانتهى عام 2009 في ألمانيا بحادث مؤلم اثر انتحار حارس مرمى هانوفر والمنتخب الألماني روبرت إنكه في تشرين ثان/نوفمبر الماضي.
وعلى المستوى المحلي في أوروبا ، شهد عام 2009 موسما ناجحا آخر لمانشستر يونايتد الذي توج بلقب الدوري الإنجليزي للموسم الثالث على التوالي كما شهد موسما ناجحا لانتر ميلان الذي توج بلقب الدوري الإيطالي للموسم الرابع على التوالي.
وعلى المستوى القاري ، أصبح شاختار دونيتسك أول فريق أوكراني يفوز بلقب كأس الاتحاد الألماني اثر تغلبه على فيردر بريمن الألماني 2/1 في المباراة النهائية للبطولة والتي شهدت وقتا إضافيا.
وانصب التركيز في معظم فترات هذا العام على التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم 2010 بجنوب أفريقيا والتي شهدت أوقاتا عصيبة لبعض المنتخبات الكبيرة في عالم اللعبة.
وعانى المنتخب الأرجنتيني كثيرا في التصفيات قبل أن يحجز مقعده في النهائيات من خلال الجولة الأخيرة في التصفيات ولكن ذلك لم يزيل علامات الاستفهام الدائرة بشأن مدربه دييجو مارادونا أسطورة كرة القدم الأرجنتيني الذي فقد مساندة المشجعين بعد هذه المسيرة المهتزة للفريق في التصفيات.
كما فرض الفيفا عقوبة بالإيقاف لمدة شهرين على مارادونا بسبب تصريحاته البذيئة بعد المباراة التي فاز فيها على منتخب أوروجواي 1/صفر في تشرين أول/أكتوبر الماضي والتي حسمت تأهل الفريق لنهائيات كأس العالم.
وواجه الفيفا العديد من القضايا في أواخر هذا العام ومنها التحقيق في فضيحة التلاعب بنتائج المباريات في تسع من بطولات الدوري المحلية بأوروبا بالإضافة لموضوع إمكانية تجربة فكرة الاعتماد على حكمين إضافيين في كل مباراة يتولى كل منهما مراقبة خط أحد المرميين وذلك بعدما ساهمت لمسة يد من المهاجم تييري هنري المنتخب الفرنسي في تسجيل هدف تأهل به لنهائيات كأس العالم 2010 على حساب أيرلندا.
وعلى ساحة كرة القدم الدولية ، نجح المنتخب البرازيلي في تحويل تخلفه بهدفين إلى فوز ثمين 3/2 على نظيره الأمريكي في المباراة النهائية لبطولة كأس القارات 2009 بجنوب أفريقيا.
ونجح المنتخب الأمريكي خلال الدور قبل النهائي للبطولة نفسها في إيقاف نجاح المنتخب الأسباني حيث تغلب عليه لتكون الهزيمة الأولى للماتادور الاسباني بعد 35 مباراة حافظ فيها على سجله خاليا من الهزائم.
ورغم وجود بعض المشاكل المنطقية ، مرت بطولة كأس القارات بنجاح مثلما أكد السويسري جوزيف بلاتر رئيس الفيفا لتكون بذلك بروفة جيدة لكأس العالم.
ولكن بطولة كأس القارات أكدت أن كأس العالم ستسفر عن ضوضاء غير معتادة حيث ستشهد بطلة كأس العالم في منتصف عام 2010 استخدام كثير من نفير الفوفوزيلا الذي كان أحد السمات المميزة لكأس القارات والذي أزعج كثيرا لاعبي ومشجعي الفرق المنافسة.