مازالت ردود الفعل تتوالى داخليا وخارجيا على قرار الهيئة العامة لتنظيم الاتصالات بالإمارات بتعليق خدمة بلاك بيري بدءا من 11 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وتعددت تفسيرات مختلف الأطراف لأسباب اتخاذ هذا القرار.
فقد أكدت الهيئة أن القرار اتخذ نتيجة لعدم إحراز أي تقدم في المحاولات التي بذلت بشكل متواصل خلال السنوات الماضية مع شركة "رم" الكندية لجعل خدمات بلاك بيري تتوافق مع التشريعات التي تنظم عمل قطاع الاتصالات بالدولة.
وأضافت في رسالة كتابية خصت بها الجزيرة نت أن القرار يضمن حماية سرية معلومات ما لا يقل عن 500 ألف مشترك بالدولة، حيث تعد خدمات بلاك بيري "الوحيدة التي تقوم من خلالها مؤسسة تجارية أجنبية بتصدير وإدارة معلومات المستخدمين مباشرة إلى خارج الإمارات، و"يترتب على النظام الحالي عواقب خطيرة على الأمن الاجتماعي والقضائي والأمن الوطني".
ولم تعلق الهيئة عما إذا كانت الشائعات التي تم تداولها من خلال أجهزة بلاك بيري والتي خصت أحد المسؤولين بالدولة وأيضا الدعوة لمسيرة سلمية للاحتجاج على ارتفاع أسعار البنزين كانت وراء إصدار القرار، بينما نفى المدير العام للهيئة محمد الغانم في تصريحات إعلامية سابقة أن "لا علاقة للرقابة بالقرار، مضيفا أن "ما نتحدث عنه أن التعليق جاء لضعف الالتزام بتشريعات هيئة الاتصالات الإماراتية".
يُذكر أن الإمارات أطلقت خدمة بلاك بيري عام 2006، قبل سنة من إصدار التشريعات التي تضمنتها رخصة السلامة والطوارئ والأمن الوطني عام 2007.
وردا على سؤال للجزيرة نت حول ما إذا تم استفتاء آراء مستخدمي الخدمة من قبل الهيئة قبل اتخاذ القرار، أشارت الهيئة إلى دراسة قامت بها شركة "إنتجرل ريسيرش" أبدى فيها 75% من مستخدمي خدمات ”بلاك بيري“ قلقهم إزاء تخزين بياناتهم من شركة خارج الدولة، وأن 58% من مستخدمي الخدمة متخوفون كونهم لا يملكون الحق القانوني لمقاضاة من يخترق خصوصياتهم.
قضية نفوذ
بينما يرى المحامي هارون تهلك أن الأمر لا يتعلق بسيادة دولة أو حماية الأمن القومي والوطني كما تتذرع الجهات الرسمية، وإنما القضية هي برأيه نفوذ بعض الشخصيات التي دفعت لإصدار القرار.
ويعتبر تهلك في حديثه للجزيرة نت أن القرار خرج بشكل غير مدروس، مؤكدا أن الخدمة لا تتعارض مع قوانين تنظيم قطاع الاتصالات بالدولة، التي تكفل حماية المزود وحماية خصوصية العملاء، متسائلا عن الحماية التى يكفلها قرار التعليق؟
<!-- TOKEN --> <!-- /TOKEN -->
"
هارون تهلك:
الذريعة التي اتخذتها الهيئة بادعاء حماية الأمن الاجتماعي وسيادة الدولة تكون بتثقيف مستخدمي هذه الخدمة، وترك حرية الاستخدام أو المقاطعة في يد المستخدم، وليس تعليق الخدمة التي تخدم قطاعا كبيرا من رجال الأعمال بالدولة
" ويرى أن الذريعة التي اتخذتها الهيئة بادعاء حماية الأمن الاجتماعي وسيادة الدولة تكون بتثقيف مستخدمي هذه الخدمة، وترك حرية الاستخدام أو المقاطعة في يد المستخدم، وليس تعليق الخدمة التي تخدم قطاعا كبيرا من رجال الأعمال بالدولة.
وتساءل تهلك عن توقيت هذا الجدل حول الخدمة الذي كان يجب أن يتم –كما يقول- قبل إدخال الخدمة وليس بعد مرور سنوات عدة عليها!! مضيفا أنه لا يمكن استخدام مبدأ سيادة الدولة كذريعة لقطع التواصل بين الشعوب باستخدام تلك الآليات.
أسلوب للقمع
وفي استطلاع لآراء بعض مستخدمي الخدمة، رفض العديد تعليق الخدمة وإن اختلفت منطلقات هذا الرفض.
فذكر أحمد منصور أنه توقع صدور هذا القرار، مشيرا إلى أن الحملة الإعلامية الشرسة التي مارستها وسائل الإعلام المحلية ضد بلاك بيري كانت تذهب في اتجاه تعليق الخدمة.
واعتبر منصور أن تعليق الخدمة أحد أساليب قمع حرية التعبير والحصول على المعلومة، وأن الهدف وراء القرار "أمني بحت".
بينما رأى محمد آل رحمة، وهو مستخدم آخر للخدمة، أن أكثر من ظلم نتيجة لقرار التعليق هم رجال الأعمال الذين شكلت لهم بلاك بيري وسيلة تواصل عالمية توفر الوقت والجهد، مؤكدا أن البدائل المزمع طرحها لن تغطي احتياجات رجال الأعمال.
وأضاف أن القرار يظهر الإمارات وكأنها واحدة من أعداء التكنولوجيا في العالم، بعد أن كانت من أول من تطلق الخدمات التكنولوجية الجديدة على المستوى العربي.
وأشار إلى أن القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات شهدتها الدولة منذ عام 2009 تؤكد تراجع حرية التعبير بالدولة، مما يثير علامات استفهام عديدة بحسب قوله.
انخفاض المبيعات
في حين توقع أحد موظفي خدمة العملاء بالقسم الإلكتروني بأحد مراكز التسوق الكبرى بأبو ظبي تأثر مبيعات بلاك بيري بالقرار، وإن كانت نسبة الانخفاض-بحسب قوله- ستتوقف على كفاءة البدائل التي ستطرحها شركات الاتصال خلال الفترة المقبلة، متوقعا في الوقت ذاته ألا تعادل بلاك بيري في سرعته وتوفيره للوقت والجهد.
وذكر الموظف أن مبيعات بلاك بيري شهدت انخفاضا تراوح ما بين 20-30% منذ شهور قليلة، عندما قامت الهيئة المنظمة للاتصالات بقطع الخدمة الدولية عن أجهزة بلاك بيري العاملة بالدولة، موضحا أن أكثر من تضرر بالقرار ساعتها رجال الأعمال وأيضا زوار الدولة الذين اشتروه كهدايا.