يستعد عالم فورمولا وان لتبني سلسلة من "التعديلات الجذرية" التي قد تبدل خارطة بطولة العالم بشكل كبير في المواسم القليلة المقبلة.
تتراوح تلك "التعديلات" بين عودة دول إلى الساحة بعد فترة غياب، وإمكان اختفاء أخرى عن المشهد العام، واقتراب ظهور أخرى في الخارطة للمرة الأولى.
سباق اوستن
في أواخر أيار/مايو الماضي، أعلن البريطاني بيرني ايكليستون، مالك الحقوق التجارية لسباقات فورمولا وان ، أن مدينة اوستن، عاصمة ولاية تكساس الأميركية، ستستضيف إحدى جولات السلسلة عام 2012.
ونقل موقع فورمولا وان على شبكة الانترنت عنه قوله: "للمرة الأولى في تاريخ الفئة الأولى في الولايات المتحدة، سيتم تشييد منشأة من طراز عالمي تمهيدا لاستضافة الحدث".
وأشار الموقع نفسه إلى أن اوستن ستنظم السباق حتى عام 2021.
واعتبر ايكليستون أن حلبة انديانابوليس الأميركية تمثل المكان المثالي لاستضافة الحدث مجددا لكنه أكد في الوقت نفسه أنه جرى مقاربة المسألة بطريقة مختلفة عن السابق نتيجة عدم مبالاة الجمهور المحلي برياضة الفئة الأولى.
وغابت جائزة الولايات المتحدة الكبرى التي كانت تقام على حلبة انديانابوليس منذ 2000، عن روزنامة البطولة اعتبارا من 2008 بعد أن فشل القيمون عليها في التوصل إلى اتفاق مع ايكليستون الذي رأى الأخير أن حجم الأموال التي ستدفع من اجل تمديد عقد الاستضافة يعكس مدى اهتمام الأميركيين بهذه الرياضة الميكانيكية التي تعتبر بالنسبة لهم "هامشية".
ونادى ايكليستون بضرورة تخفيض أسعار التذاكر في انديانابوليس التي تستضيف إحدى مراحل بطولة العالم للدراجات النارية (موتو جي بي) حاليا، من اجل استقطاب عدد اكبر من الجمهور، خصوصا أن الأسعار مرتفعة هو ما برر تواجد 100 ألف متفرج فقط خلال نسخة 2007 من سباق فورمولا وان ، في حين أن سباق "اندي 500" يستقطب ثلاثة أضعاف هذا الرقم.
وكانت جائزة الولايات المتحدة تقام في مدينة فينيكس حتى 1991، ثم غاب الأميركيون عن روزنامة البطولة حتى 2000 عندما تحول السباق إلى حلبة "انديانابوليس سبيد واي" البيضوية التي تستضيف سباقات "ناسكار" و"اندي 500" أيضاً.
التوسع الآسيوي
بالتحول نحو القارة الآسيوية، نرى بأن ايكليستون لم يكتف بجلب فورمولا وان إلى الهند في إطار خطته لرفع عائدات البطولة اثر تعرض إعلانات التبغ لقرار بالحظر في أوروبا وتراجع نسبة المشاهدة التلفزيونية فيها، بل أنه وصل بها إلى كوريا الجنوبية التي تستضيف في العام الحالي الجولة السابعة عشرة من سلسلة 2010.
وكانت الرغبة الدائمة لدى المهندس الألماني الشهير هيرمان تيلكه تتمثل في بناء مضمار يجمع بين الطرق العامة والحلبة الرسمية.
وكانت أوّل محاولة لتحقيق هذه الرغبة في أبو ظبي بيد أنها فشلت بسبب المخاوف الأمنية التي منعته من تنفيذ فكرته، ما اضطره إلى إنشاء مضمار جديد بالكامل.
وعندما نال فرصة إقامة المضمار الكوري الجنوبي، أدرك تيلكه أنه يستطيع أن ينفذ رغبته أخيراً.
ورغم إقامة السباق في تشرين الأول/أكتوبر المقبل وذلك للمرة الأولى في كوريا الجنوبية، فإن المكاتب والمنازل الملحقة بمشروع المضمار ستبنى في وقت لاحق.
وقال تيكه الذي قام بتصميم عدد كبير من الحلبات الرائعة حول العالم: "بذل الكوريون جهدا كافيا لإقامة المضمار. المدينة التي ستقام من حوله ستبنى لاحقا"، علما بأن الاتحاد الدولي للسيارات (فيا) يضع قيودا وقواعد على ما يبنيه تيلكه والمهندسون الآخرون الذين يعملون في هذا المجال.
ويأمل الكوريون حاليا في استغلال السباق من أجل إنعاش الرياضات الميكانيكية في البلاد.
أقيم المضمار الجديد كليا على بعد 400 كيلومتر جنوب العاصمة سيول، تحديدا في إقليم جيولا المطل على المحيط الهادئ، ووقع ايكليستون عقدا مع المنظمين في البلد الآسيوي يضمن إقامة سبعة سباقات على الحلبة حتى عام 2016.
إقصاء موناكو!
المفاجأة الكبرى تفجرت في أوروبا وتمثلت في الإعلان الأخير الذي أطلقه ايكليستون وتحدث فيه عن إمكانية إقصاء جائزة موناكو الكبرى الشهيرة عن روزنامة بطولة العالم.
ويبدو أن السباق الذي يقام في مونتي كارلو هو من سيدفع ثمن دخول الهند إلى السلسلة في العام المقبل وعودة الولايات المتحدة في 2012 ورغبة القيمين على الفئة الأولى في ولوج روسيا.
ومن المرجح أن تؤدي الرغبة في دخول أسواق جديدة، بعيدا عن "القارة العجوز"، إلى استبعاد موناكو مع العلم أن ايكليستون نفسه أبدى امتعاضه من واقع أن الحلبات الأوروبية تدفع بدل استضافة اقل مقارنة بما تدفعه الحلبات الأخرى.
وكشفت صحيفة "اندبندنت" البريطانية أن المعدل الوسطي لبدل تنظيم سباق واحد ضمن البطولة يبلغ حوالي 31 مليون دولار أميركي، وأن القيمين على جائزة موناكو لا يدفعون أي مبلغ نظير تنظيم الحدث في الإمارة.
وقال ايكليستون (79 عاما): "سيتوجب على الأوروبيين دفع المزيد من الأموال لاستضافة السباقات، وألا سنضطر للبحث عن أماكن أخرى" لتنظيم المنافسات، وأضاف: "نحن قادرون على الاستمرار دون (سباق) موناكو" رغم اعترافه في مناسبة سابقة بأن تحييد السباق الشهير عن السلسلة ليس محبذا على الإطلاق، وتابع: "إنهم (منظمو السباقات الأوروبية) لا يدفعون ما يكفي من اموال" للاحتفاظ بحق الاستضافة.
وكان ايكليستون اعترف عام 2007 بأن سباق مونتي كارلو هو الأفضل في تاريخ الفئة الأولى على الإطلاق: "دائما ما يفرض سباق موناكو نفسه في القمة. هذا منطقي اذ يكفي ان يقام الحدث في إمارة موناكو الرائعة".
موسكو في السباق
وبعيدا عن مونتي كارلو، دخلت العاصمة الروسية موسكو السباق جديا لاستضافة إحدى جولات بطولة العالم.
وكان ايكليستون كشف لصحيفة "اندبندنت" نفسها قبل أيام أن روسيا "يجب أن تدخل روزنامة السلسلة العالمية"، وأن السباق سيقام في العام بعد المقبل في سوتشي.
وتحدث الرجل القوي في عالم الفئة الأولى مطلع العام الحالي عن ثلاثة مضامير روسية محتملة مرشحة للاستضافة، معتبرا أن سوتشي هي الأقرب للفوز بهذا الشرف، مستندا في ذلك إلى واقع كونها مدينة سياحية بامتياز.
وبعد أن قام السائقان البريطاني جنسون باتون والروسي فيتالي بيتروف قبل اسابيع بعرض خاص خلف مقود سيارتي فورمولا وان في شوارع موسكو، برزت تقارير تؤكد أن الحكومة المحلية قررت جدياً استضافة سباق ضمن البطولة ابتداء من 2012.
وكشف فلاديمير ماكاروف، أحد المسؤولين الرسميين في العاصمة الروسية، أن تيلكه هم من سيصمم حلبة الشوارع السريعة في موسكو على أن يلعب مبنى الكرملين الشهير دور الخلفية "المشرقة" للمضمار.
من جهته، قال احد المولجين بمشروع استضافة العاصمة للسباق: "مدينة كموسكو تستحق تنظيم الحدث. العقود لم توقع حتى الساعة إلا أن خطوة كبيرة تمت على هذا الصعيد"، مضيفا "ستكون الحلبة مشابهة لتلك في موناكو".
أما باتون سائق ماكلارين مرسيدس وحامل لقب بطل العالم 2009، فكشف انه "لطالما أردت زيارة موسكو. وحظيت بالفرصة خلال العرض الترويجي الأخير الذي قدمته في شوارعها"، مضيفا "عندما نخوض السباقات في مختلف أنحاء العالم، لا تسنح أمامنا الفرصة للتعرف على المدن التي تستضيف الحدث بسبب ضيق الوقت. ستكون فكرة رائعة أن نتنافس في موسكو. لقد زرتها مؤخراً وارغب في تكرار تلك التجربة مستقبلاً".