كل الأحلام كانت ممكنه في الخليج قبل عامين فإمارة دبي، بدولة الإمارات العربية التي تضم أعلى ناطحة سحاب بالعالم وأفخم الفنادق والمرافق جذبت مئات الآلاف من الراغبين بالعيش بترف قبل أن يتفجر فقاعة الديون بشركات الإمارة ومن فيها.
وما قصة البريطاني نيكولاس وارنر إلا واحدة منها، فقد حصل على مبالغ كبيرة كديون شخصية وبطاقات ائتمان قبل أن يفقد وظيفته العام الماضي ليجد نفسه مضطراً للنوم في الشارع دون جواز سفره الموجود لدى الشرطة بانتظار دفع ديونه، منضماً إلى مئات العالقين في هذه الدوامة بعيدة عن أوطانهم.
ويقول ورنر إنه بدأ أول الأمر بالنوم في سيارته، من ثم باشر النوم في الحديقة لعدم توفر المال لديه لشراء الوقود وتشغيل المحرك وجهاز التبريد.
وبجسب ورنر، فإن "بنك الإمارات دبي الوطني،" اتهمه بأخذ قرض والفرار خارج البلد كما حصل مع الآلاف من الأجانب الذين فقدوا وظائفهم في الإمارات في ذروة الأزمة المالية العالمية.
ولكن ورنر يشدد على أنه سافر في عطلة ومن ثم عاد إلى دبي لتعتقله الشرطة فور وصوله، بسبب بلاغ من المصرف، وتضع يدها على جواز سفره.
وجرى الإفراج عن ورنر في وقت لاحق، لكن القضية أدت إلى خسارته وظيفة في منصب مستشار استراتيجي لدى شركة للعلاجات البديلة لعدم رغبة رب عمله في تحمل تبعات ديونه.
من جانبه، رد "بنك الإمارات دبي الوطني" على قضية ورنر ببيان مكتوب لـCNN قال فيه: "لدى السيد نيكولاس ورنر العديد من القروض والالتزامات المالية مع المصرف، وقد عجز عن سداد عدة دفعات، وقد سعى المصرف إلى القيام بعدة محاولات لحل القضية بشكل ودي."
وأضاف البيان: "السيد ورنر للأسف لم يعلم المصرف بوضعه المالي الصعب، كما غادر البلاد في وقت لاحق دون أن يخطر المصرف بشكل مسبق أو يقدم اقتراحاً مقبولاً للتسوية، ولذلك لم يكن لدى المصرف من خيارات سوى اللجوء إلى الوسائل القانونية المطبقة وتسليم القضية للسلطات المختصة."
وختم البنك بالتأكيد على انه "يتعاطف مع الزبائن الذين وجدوا أنفسهم في وضع يعجزون معه عن سداد ديونهم، وهو يقوم بكل الجهود الممكنة لمساعدتهم على معالجة هذه القضية بشكل مقبول من الجميع،" مؤكداً أن كل ما يقوم به حالياً يتوافق مع التعهدات المصرفية التي وقع عليها ورنر.
ولكن البريطاني العالق في حدائق دبي يرد بالقول: "قضيتي مستمرة منذ سبعة أشهر.. وكان بوسعهم تسليم الجواز لأي شركة لتوظفني."
ولكون ورنر بريطانيا، أتصل بسفارة بلاده التي اكتفت بعرض 100 درهم ( حوالي 27 دولارا) لشراء أساسيات، وابلغته أنها لا تستطيع مساعدته ودعته إلى تحمل مسؤولية قروضه.
وبالطبع ، هذه ليست مشكلة فردية يعاني منها ورنر، بل تعدت مئات الآلاف من مختلف الجنسيا في الإمارة، مع أختلاف أسباب الديون، فمنهم من صرفها على الترف والرفاهية، ومنهم من ارسلها لعائلته لشراء منزل أو العلاج او سداد ديون في بلادهم.
ويقول ورنر: "هناك المئات من الباكستانيين والهنود والفلبينيين لديهم نفس المشكلة، وتعرفت على شخص غربي لديه نفس الوضع ومشكلته أكبر."
وعن النوم في العراء بصيف دبي الملتهب، قال ورنر ساخراً، "الأمر ليس بالسوء الذي يتصوره البعض، في الليل هناك بعض النسيم.. وعموماً ليس عندي خيار آخر.. الحرارة في الخارج تصل إلى 51 درجة تقريباً، وأحاول خلال النهار تجنب الوقوف في الشمس.
قد يكون ورنر من بين القلة المحظوظة التي وجدت طريقها إلى الإعلام لعرض مشاكلها .. لكن هناك من تغربوا بعد أن باعت عائلاتهم الغالي والنفيس لتشتري لهم تذكرة سفر إلى أرض الأحلام.. ليجدوا أنفسهم وسط المأساة يسعون لجمع ثمن تذكرة العودة حتى إلى الفقر.