حققت الشركات الاستثمارية المتواجدة في مختلف القطاعات تواجدا قويا للأجانب من مختلف الجنسيات في الجزائر، وفي مختلف الولايات وتحوّلت قواعد الحياة إلى أحياء تعيش بنبض الشارع الجزائري والعالمي، وفي المونديال الحالي الذي شاركت فيه 32 دولة خطفت الكأس الأضواء وأخرجت هؤلاء العمال عن روتين العمل الذي يعيشونه، وتحوّل حاسي مسعود إلى شبه تجمع للمونديال بسبب تواجد كل الجنسيات في القاعدة الحياتية الكبرى رغم أن الصراع مع بلوغ المونديال آخر محطاته اقتصر على القلة الآن.
التواجد القوي لليابانيين العاملين في شركة كوجال المشرفة على الطريق السيار في شطره الشرقي لم يغيّر من طباع أصحاب البشرة الصفراء رغم أن منتخب بلادهم بلغ الدور الثاني، وبدا معظمهم غير آبه بمباريات المونديال التي مرت وكأنها لم تكن إطلاقا إلى درجة أنه في موعد لقاء الثمن النهائي بين اليابان والأورغواي الذي خطف فيه الأورغواي التأهل من اليابانيين بضربات الحظ جرى في يوم ثلاثاء وهو يوم عمل وفي الزوال، ومع ذلك لم يغادر أي عامل ياباني مكان عمله، والقلة من المهتمين بالمونديال بقوا يسألون عن النتيجة فقط وهذا في ورشات عملهم الكثيرة بمدينة قسنطينة بالخصوص .. ولم يختلف يابانيو كوجال عن يابانيي شركة بيتروفيتنام بحاسي مسعود والتي تركيبتها مركزة على المهندسين اليابانيين الذين لم يغادروا مكان عملهم، ولكنهم مع ذلك تابعوا جماعيا في قاعدة الحياة بحاسي مسعود مقابلة اليابان أمام الدانمارك يوم الخميس 24 جوان الماضي لأنها تزامنت مع بث ليلي بعد السابعة بينما لم يشاهدوا لقاء اليابان أمام الكامرون، وشاهد القلة منهم لقاء منتخبهم أمام هولندا لأنه جرى يوم السبت ولكنهم أبدا لم يصنعوا أجواء فرح، كما صنعها الاسبان ومازالوا لحد الآن في الشركات البترولية التي يعملون بها في حاسي مسعود خاصة في سيبسا بترول شريكة سوناطراك، حيث لا يناقشون حكاية العمل المتزامن مع مباريات الكرة تماما على الطريقة الجزائرية بدءا من أول مباراة لعبها الاسبان في ديربان يوم الأربعاء 16 جوان الماضي إذ أخذوا عطلة لنصف يوم بعد الزوال وحزنوا لخسارة منتخب بلادهم أمام سويسرا، ولكنهم صنعوا بعد ذلك أجواء فرح في حاسي مسعود بأكملها عندما استرجع الاسبان فرحة اللعب والفوز أمام الهوندوراس والشيلي، وفي الدورين الثمن النهائي والربع النهائي، وقال عمال إسبان إنهم سيسافرون إلى إسبانيا إذا تمكن منتخب بلادهم من اجتياز عقبة الألمان في الدور النصف النهائي لأنهم مقتنعون أن الكأس ستكون لهم والأفراح ستعلن في إسبانيا، مع الإشارة أنه يوجد خط جوي بين حاسي مسعود ومدريد مرة كل أسبوع، ويعمل الاسبان في شركات إعلامية بترولية كثيرة ومنها شركة "شلومبارجي" وهي شركة بترولية متعددة الجنسيات بها مالا يقل عن 102 جنسية .. ولكن الظاهرة هذه المرة عكس المونديال السابق هو الصمت الجنائزي الظاهر على العمال الإيطاليين الذين قاموا في مونديال ألمانيا بمواكب أفراح في حاسي مسعود عندما فاز منتخب بلادهم بالكأس أمام فرنسا لكنهم هذا العام خابوا بعد أن عجز منتخب بلادهم عن انتزاع فوز واحد، وكان الإيطاليون الذين كانوا متواجدين بقوة في الجزائر في عام 1982 قد حولوا مختلف المدن الجزائرية إلى أفراح بعد انتزاعهم الكأس أمام ألمانيا الغربية وقالوا إنهم ثأروا للجزائر.. ويعمل غالبية العمال الإيطاليين مع شركة أوني آجيب .. كما يهتم العمال الألمان الذي يشتغلون في مؤسسة "إييون" الألمانية بكل صغيرة وكبيرة وهم الذين تابعوا ملاقاة منتخبهم للأرجنتين عصر السبت الماضي وأقاموا مأدبة عشاء فاخرة كانت متعددة الجنسيات في قاعدة الحياة بحاسي مسعود .. ومثل اليابانيين لم يأبه الأمريكان بما يدور حولهم ومنهم من لا يعرف معنى لعبة كرة القدم رغم التواجد القوي للأمريكان في حاسي مسعود خاصة في الشركات البترولية "ريبسول وكاتي وبيلار" وأيضا شركة هالبرتون..لمن تكون الغلبة والفرحة في الجزائر ؟