يبدأ المنتخب الإيطالي حملة الدفاع عن لقبه يوم الاثنين أمام باراغواي على ملعب "غرين بوينت ستاديوم" في كيب تاون في الجولة الأولى من منافسات المجموعة السادسة لمونديال جنوب أفريقيا 2010، وسط هاجس تكرار سيناريو عام 1986.
ويدخل "الأزوري" الذي توج باللقب للمرة الرابعة في تاريخه بعد تغلبه على نظيره الفرنسي بركلات الترجيح في نهائي مونديال ألمانيا 2006، إلى النهائيات الأولى على الأراضي الأفريقية بصورة مهزوزة، خصوصاً بعد الأداء المتواضع الذي ظهر به خلال مباراتيه التحضيريتين أمام المكسيك التي خسرها (1-2) وسويسرا التي انتهت بالتعادل (1-1)، ما يعزز احتمال أن يلقى المصير الذي مني به عام 1986 عندما تنازل عن اللقب الذي فاز به في إسبانيا 1982 باكراً بخروجه من الدور الثاني على يد المنتخب الفرنسي (صفر-2).
وسيكون الاختبار الأول لرجال المدرب مارتشيلو ليبي الأقوى في الدور الأول، كون المجموعة تضم سلوفاكيا ونيوزيلندا اللذين يتواجهان الثلاثاء، ما يعني أن الفوز بمواجهته مع المنتخب الأميركي الجنوبي القوي سيمهد الطريق أمامه لحجز بطاقته إلى الدور الثاني.
لكن التاريخ والإحصائيات تظهر أنه لطالما عانى الإيطاليون في الدور الأول بغض النظر عن حجم وقوى المنافسين، لكن من غير المرجح أن تشهد هذه المجموعة مفاجأة مدوية متمثلة بخروج "الأزوري" من الباب الصغير.
قد يكون تأهل إيطاليا إلى الدور الثاني أمراًً بديهياً لكن الشك يحوم حول قدرتها في المحافظة على اللقب نظراً لانحدار مستواها وغياب أبرز لاعبيها عن الساحة.
ويأمل أبطال العالم أن يجددوا فوزهم على باراغواي بعد أن تغلبوا عليها في مواجهتهم الوحيدة معها في النهائيات عام 1950 في ساو باولو (2-صفر) في دور المجموعات، علماً بأنهما تواجها في مناسبة أخرى ودية وكان الفوز من نصيب "سكوادرا أزورا" (3-1) في بارما عام 1998.
لكن المهمة لن تكون سهلة على الإيطاليين بتاتاً، خصوصاً بعد المستوى الذي ظهرت به باراغواي في تصفيات أميركا الجنوبية حيث تصدرت المجموعة الموحدة لفترة طويلة قبل أن تتراجع إلى المركز الثالث في المراحل الأخيرة بفارق نقطة عن البرازيل المتصدرة والأهداف عن تشيلي الثانية.
وخلال التصفيات تمكنت باراغواي من تحقيق نتائج لافتة مثل الفوز على البرازيل بهدفين للمدفعجي روكي سانتا كروز وسالفادور كابانياس وعلى الأرجنتين بهدف لنلسون فالديز مهاجم بوروسيا دورتموند الألماني.
ويعود الفضل في نجاح باراغواي إلى مدربها الأرجنتيني خيراردو مارتينو الذي قاد الفريق في مرحلة انتقالية وتمكن من إيصاله إلى كأس العالم للمرة الرابعة على التوالي والثامنة في تاريخه، وهو يأمل أن يستفيد من الوضع الإيطالي المهزوز لكي يحقق مفاجأة ليست مستبعدة كثيرا، إلا في حال نجح رجال ليبي في نفض غبار الانتقادات التي وجهت إليهم ونعتتهم"بالعجزة" المنهكين.
تغيرت تشكيلة إيطاليا كثيراً عن ألمانيا 2006، فبعدما صنع فرانشيسكو توتي، أليساندرو دل بييرو، لوكا طوني، فابيو غروسو، ماركو ماتيراتزي الأمجاد لايطاليا، ستغيب هذه الأسماء عن الساحة في جنوب أفريقيا.
لا يزال حامل لقب كأس العالم يعتمد في حراسة المرمى على جانلويجي بوفون، قائد الدفاع فابيو كانافارو أفضل لاعب في مونديال 2006 والذي تخلى عنه يوفنتوس، ثنائي وسط ميلان المخضرم جينارو غاتوزو وأندريا بيرلو الذي سيغيب عن مباراتي باراغواي ونيوزيلندا بسبب الإصابة لكنه قد يشارك أمام سلوفاكيا في الجولة الأخيرة.
ليبي يدافع عن تشكيلته من المخضرمين
يعاني أبطال العالم من تراجع مستوى قائدهم كانافارو (36 عاماً) وزميله في خط الدفاع جانلوكا زامبروتا (33 عاماً)، والمشكلة التي واجهت ليبي هي أن المدرب الفذ لم يجد البديل الذي بإمكانه أن يرتقي إلى مستوى التحدي، فإذا ما نظرنا إلى خط الدفاع نجد أن هناك لاعبين يفتقرون إلى الخبرة والاحتكاك مثل سالفاتوري بوكيتي (جنوى) وليوناردو بونوتشي (باري) والمفترض أن يكونا بديلين لكانافارو وجورجيو كييليني في قلب الدفاع.
ولم يلعب هذا الثنائي أي مباراة مع "الأزوري" في مسابقة رسمية حتى الآن، وهو يملك في سجله الدولي حفنة من المباريات الودية.
كما لا يملك ليبي أي بديل طبيعي لزامبروتا في الجهة اليسرى ولماورو كامورانيزي في الجهة اليمنى من وسط الملعب.
وهذه المعطيات وضعت ليبي أمام خيارين بالنسبة لجنوب أفريقيا 2010، إما أن يحافظ على كتيبته "العجوزة" والمنهكة أو يغامر بخوض العرس الكروي بتشكيلة يهيمن عليها عامل الافتقاد إلى الخبرة.
ودافع ليبي عن تشكيلته "العجوزة"، مؤكداً أن فريقه يملك الإمكانيات لكي يحتفظ بلقبه بطلاً للعالم.
ورأى ليبي أن معدل أعمار لاعبيه البالغ 28 عاماً وتسعة أشهر ليس عائقا أمام "الأزوري" ليكون من المرشحين للمنافسة على اللقب، مضيفاً: "نحن لسنا الفريق الأكبر سناً، هناك بعض الفرق التي تملك تشكيلات أكبر سناً، نعم لدينا لاعبين متقدمين في العمر لكن هذا الأمر يمنحهم الشخصية وخبرة التعامل مع المباريات الكبيرة. أعتقد أنه لدينا المزيج المناسب من الشبان واللاعبين المتقدمين في العمر".
"لدينا تسعة لاعبين من 2006، أي اقل بخمسين في المائة من التشكيلة. لم أر في حياتي أي منتخب يفوز بكأس العالم ثم يشارك بعد أربعة سنوات بتشكيلة مكونة من 23 لاعباً جديداً"، هذا ما أضافه ليبي الذي سيترك منصبه بعد النهائيات لمصلحة مدرب فيورنتينا تشيزاري برانديللي.
وقلل ليبي من أهمية غياب بيرلو أفضل لاعب في نهائي مونديال 2006، على أداء المنتخب، مضيفاً: "لاعب واحد لا يفوز بكأس العالم. لنكن واضحين، لم يعد هناك نجوم كبار في إيطاليا وليس بإمكان أي لاعب تركته في الوطن (لم يستدعه) أن يقول إن بإمكانه أن يؤمن الموهبة المطلوبة".
ودافع ليبي عن قراره بإبقاء بيرلو ضمن التشكيلة رغم الإصابة، مضيفا: "إنه هنا لأن أطباء الفريق قالوا إنه سيكون جاهزاً للمباراة الثالثة. إذا كنتم تذكرون، في ألمانيا كان هناك لاعبان غير جاهزين في بداية البطولة وهما جينارو غاتوزو وجانلوكا زامبروتا. إذا لم يتمكن (بيرلو) من اللعب فسنشرك لاعباً آخر. من المؤكد أن غياب بيرلو أمر هام لكن لدينا رغبة هائلة للذهاب إلى أبعد ما يمكن، حتى النهاية إذا كان الأمر ممكناً، وبيرلو سيكون هناك في الأدوار اللاحقة".
كما دافع ليبي عن التكتيك الذي يعتمده، مؤكداً أن بإمكان منتخبه أن يتجاوز الأداء المخيب الذي ظهر به في مباراتيه الوديتين ضد المكسيك (1-2) وسويسرا (1-1)، مضيفاً: "أملك أفكاراً رائعة لكن يجب أن نطبقها في أرضية الملعب، وهو الأمر الذي لم نحققه حتى الآن بسبب المشاكل التي واجهتنا والإصابات".
وأكد المدرب الذي توج مع يوفنتوس بلقب الدوري المحلي 5 مرات ومسابقة دوري أبطال أوروبا مرة واحدة، أنه مرتاح ولا يشعر بالعصبية، مضيفاً: "أنا في الثانية والستين من عمري وأنا أقوم بهذا العمل منذ 30 عاماً، لم اشعر بالتوتر أبداً، هذه هي اللحظات الأجمل، من الرائع أن تحضر لبطولة بهذه الأهمية".
ويدخل ليبي إلى نهائيات جنوب أفريقيا 2010 وهو يحلم بتكرار إنجاز فيتوريو بوتزو وقيادة إيطاليا إلى لقبها الثاني على التوالي والخامس في تاريخها.
"لم لا؟ نحن نتطلع للمجيء إلى هنا والعودة بالكأس إلى الديار مرة أخرى"، هذا ما أعلنه ليبي قبيل وصوله إلى جنوب أفريقيا، وهو يأمل أن يصبح ثاني مدرب فقط يتوج باللقب العالمي مرتين بعد بوتزو الذي قاد إيطاليا إلى اللقب العالمي عامي 1934 و1938.
كانافارو يدعو إلى اللعب بخطة دفاعية
ولكي يتمكن ليبي من تحقيق مبتغاه عليه ربما أن يلجأ إلى الأسلوب الدفاعي الإيطالي التقليدي المعروف بالـ"كاتيناتشو"، بحسب نصيحة القائد كانافارو.
ويتخوف الكثير من الإيطاليين من أن منتخب بلادهم الباحث عن لقبه المونديالي الخامس فقد قوته الأساسية المتمثلة بصلابة خط دفاعه الذي يبدو غير قادر على تطبيق أسلوب اللعب التقليدي لمنتخب "الأزوري" والمتمثل في "كاتيناتشيو" الذي اشتهر لأول مرة مع المدرب الأرجنتيني هيلينيو هيريرا مع إنتر ميلان خلال الستينات.
ويدرك كانافارو أن على منتخب بلاده أن يعود إلى "جذوره" إذا ما أراد الذهاب بعيداً والاحتفاظ باللقب، وهو قال بهذا الصدد "الدفاع أمر حيوي لكن لا يعني أنه علينا البقاء في منطقتنا بل يعني أن علينا أن نضيق المساحات. لن نلعب أبداً بأسلوب هجومي مثل البرازيل، البرتغال أو إسبانيا، لكن لن يكون بإمكانهم أيضاً أن يدافعوا مثلنا".
وواصل كانافارو الذي انتقل مؤخراً إلى الأهلي الإماراتي بعدما فشل في إقناع فريقه السابق نابولي بالتعاقد معه، "في 2006 لعبنا بنفس اللاعبين لمدة سنتين. هذا العام الأمر مختلف، هناك وافدون جدد، هناك تغييرات. هذا أمر طبيعي بسبب الجيل الجديد من اللاعبين. هناك تغيير في الأعضاء لكن بالنسبة للتنظيم الدفاعي رأينا أن بإمكان الفرق التي تعتمد تضييق المساحات أن تذهب بعيداً".
وواصل: "هذا الأمر خسرناه خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة وسنحاول أن نستعيده. المدرب (مارتشيلو ليبي) يحاول أن يصلح الأمور وسيقرر الأحد (كيف سيلعب). يحتاج إلى الاختبار، وهذا أمر طبيعي. لا اعلم حتى الآن كيف سنلعب لكننا سنجد الحل".