ستكون "مصداقية" ألمانيا على المحك عندما تبدأ مشوارها في مونديال جنوب أفريقيا 2010 غداً الأحد على ملعب "دوربن ستاديوم" في مواجهة استراليا وذلك في الجولة الأولى من منافسات المجموعة الثالثة التي تضم صربيا وغانا أيضاً.
ويدخل المانشافت إلى النهائيات الأولى في القارة السمراء دون قائده مايكل بالاك الذي تعرض للإصابة قبيل سفر منتخب بلاده إلى جنوب أفريقيا وذلك خلال نهائي مسابقة كأس إنكلترا بين فريقه تشلسي وبورتسموث بعد تدخل قوي من كيفن برينس-بواتنغ الذي سيدافع عن ألوان غانا في المونديال الأفريقي بعد أن لعب مع منتخب ألمانيا للشباب.
وسيتولى ظهير أيمن بايرن ميونيخ فيليب لام مهمة ارتداء شارة القائد خلال الحملة السابعة عشرة للمنتخب الألماني في تاريخه الذي يتضمن ثلاثة ألقاب توّج بها أعوام 1954 في سويسرا و1974 على أرضه و1990 في إيطاليا.
ويدخل الألمان إلى المونديال بمعنويات جيدة بعدما حققوا ثلاثة انتصارات ودية تحضيرا للعرس الكروي، آخرها على المنتخب البوسني القوي 3-1.
من المؤكد أن ألمانيا هي دائما من المنتخبات الحاضرة بقوة في النهائيات وتعتبر من المرشحين التقليديين للفوز باللقب العالمي وحتى وان كانت في "أسوأ أيامها" وأبرز دليل على ذلك وصولها إلى نهائي 2002 رغم المستوى المتواضع الذي ظهرت به قبيل البطولة، ثم وصولها إلى نصف نهائي 2006 حين خسرت أمام ايطاليا بطلة العالم صفر-2 بعد التمديد.
وستكون مباراة الأحد أمام المنتخب الاسترالي الذي كان ضحية المنتخب الايطالي أيضا قبل أربع سنوات عندما خرج على يد "الازوري" من الدور الثاني في مشاركته الثانية بعد 1974 في ألمانيا أيضاً، الاختبار الذي يعطي فكرة واضحة عن مدى استعداد المنتخب الشاب لكي يقارع الكبار الآخرين على اللقب لان منافسه "سوكيروس" يعتبر من المنتخبات التي لا يستهان بها على الإطلاق.
أستراليا قوة صاعدة
وتطورت كرة القدم كثيراً في استراليا منذ النسخة الأخيرة في ألمانيا، لكنها لم تتمكن حتى الآن من منافسة لعبة الركبي أو الكريكيت، رغم أن معدل حضور المباريات في الدوري المحلي (11 ألف متفرج) يرتفع مقارنة مع المواسم الماضية. ويعتمد الاتحاد الاسترالي على انضمام البلاد إلى كنف الاتحاد الآسيوي لرفع درجة احتكاك أنديته من خلال دوري أبطال آسيا منذ العام 2007.
وبعد تأهلها بسهولة بالغة إلى النهائيات إذ تصدرت المجموعة الأولى من 6 انتصارات وتعادلين وتقدمها على اليابان، البحرين، قطر وأوزبكستان في الدور النهائي، تأمل أستراليا تحقيق نتيجة طيبة في نهائيات القارة السمراء.
يشرف على المنتخب الاسترالي المدرب الهولندي بيم فيربيك (54 عاما) الذي سار على خطى مُعلمه الهولندي "غوس هيدينك" وأوصل "سوكيروس" إلى المونديال الثاني على التوالي والثالث في تاريخه.
لكن فيربيك الذي قاد منتخب استراليا إلى المركز الرابع عشر في تصنيف المنتخبات وذلك للمرة الأولى في تاريخه في أيلول/سبتمبر الماضي والذي ينتهي عقده مع الاتحاد الاسترالي بعد المونديال مباشرة، قال: "إن تكون مدربا لمنتخب استراليا هو بدون أي شك أحد أصعب الوظائف في العالم. لماذا؟ حاولوا السفر نحو مليون كلم خلال عامين ونصف العام"، معتبراً أن بعد استراليا الجغرافي كان سبباً رئيساً في اتخاذ قرار تخليه عن مهام تدريبها بعد مونديال 2010.
تعتمد أستراليا على كوكبة من اللاعبين المحترفين في أوروبا وخصوصا في بريطانيا يتقدمهم لاعب الوسط الهجومي تيم كاهيل نجم ايفرتون الانكليزي، والمهاجم المخضرم هاري كيويل الذي حط رحاله مع غلطة سراي التركي بعد تجربة انكليزية ناجحة ومعاناة مع الإصابات. ويبرز في صفوف المنتخب الاسترالي، بريت ايمرتون على الجهة اليمنى، ثنائي الوسط فنس غريلا وجايسون كولينا، والمدافع الصلب لوكاس نيل والحارس المخضرم مارك شفارتسر الذي حافظ على نظافة شباكه في سبع مباريات متتالية في التصفيات. وينحدر شفارتسر (37 عاما) الذي أمضى معظم مسيرته محترفا مع ميدلزبره الانكليزي، من أصول ألمانية وهو استهل مسيرته خارج البلاد مع ناديي دينامو دريسدن (1995) وكايزرسلاوترن (1996).
وستكون مباراة أستراليا وألمانيا في مدينة دوربان، إعادة لمواجهتهما في مونديال 1974 حيث سيحاول أولاد أوقيانيا الثأر من ال"مانشافت" التي لعبت آنذاك تحت اسم ألمانيا الغربية وتغلبت على "سوكيروس" 3-صفر بأهداف من وولفغانغ أوفراث وبرند كولمان وغيرد مولر قبل أن يسلك الأخير طريق إحراز اللقب الثاني في تاريخه.
ألمانيا مرشح تقليدي للقب
من المؤكد أن الترشيحات تصب في مصلحة ألمانيا التي تشارك بأصغر تشكيلة لها منذ 1934 وسجلها التاريخي في كأس العالم وفي كأس اوروبا يؤكد أنها من اعرق المنتخبات وأكثرها هيبة في العالم على مر السنوات.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هل سيتأثر المانشافت في النسخة التاسعة عشرة من العرس الكروي بعامل افتقاد الغالبية العظمى من لاعبيه للخبرة المطلوبة من أجل الذهاب حتى النهاية في بطولة من هذا العيار.
لعبت الظروف والإصابات دورها في أن يخوض المنتخب الألماني المونديال منذ نسخة 1934 وأجبر مدربه يواكيم لوف على اتخاذ خيار الاعتماد على الشبان نتيجة قراره استبعاد بعض المخضرمين مثل تورستن فرينغز وكريستوف ميتسلدر والحارس ينز ليمان وتوماس هيتسلسبرغر الذين كانوا من العناصر الأساسية خلال كأس أوروبا 2008.
ثم مني المنتخب ببعض الإصابات أبرزها للقائد بالاك ما دفع لوف إلى الذهاب أبعد من ذلك من الناحية "الشبابية"، وأبرز دليل على ذلك أن معدل الأعمار في المباراة التحضيرية الأخيرة لـ"مانشافات" ضد البوسنة كان 25.2 عاما، علما بان الثنائي هولغر بادشتوبر ومسعود أوزيل لم يتجاوزا الحادية والعشرين من عمرهم.
وأثبت بادشتوبر الذي كان يلعب في الدرجة الثالثة الألمانية قبل الموسم الماضي، انه قادر على شغل مركز الظهير الأيسر بامتياز معولا على الخبرة التي اكتسبها هذا الموسم مع فريقه بايرن ميونيخ الذي توج بثنائية الدوري والكأس المحليين ووصل إلى نهائي دوري أبطال أوروبا.
وسمح هذا الأمر للقائد الجديد وزميله في بايرن ميونيخ لام الذي لم يتجاوز بدوره السادسة والعشرين من عمره، أن يشغل مركز الظهير الأيسر كما يفعل مع النادي البافاري، عوضا عن اللعب في الجهة اليسرى.
أما أوزيل فيأمل كما الحال بالنسبة لباستيان شفاينشتايغر أن ينسي جماهير "مانشافات" قائدهم بالاك في مركز صانع الألعاب، إذ ظهر نجم فيردر بريمن بمستوى رائع، كما كانت الحال بالنسبة لتوماس مولر (20 عاما) وماركو مارين (21 عاما).
والمفارقة ان جيل المخضرمين في تشكيلة ألمانيا الأساسية يضم لام (26 عاماً) وشفاينشتايغر (25) وبير ميرتيساكر (25) ولوكاس بودولسكي (25 أيضاً).
وهناك ثلاثة لاعبين فقط يتجاوزون حاجز الـ26 عاما، وهم ميروسلاف كلوزه (31) وكاكاو (29) وأرنيه فريدريخ (31)، إضافة إلى الحارس الثالث هانز-يورغ بوت ( 36 عاماً).
ويرى بودولسكي انه هناك بعض الضغط الذي يترافق مع دخول منتخب بلاده إلى المباراة الأولى وهو مرشح للخروج فائزاً، مضيفا "لكننا سندخل إلى مبارياتنا الثلاث في المجموعة بثقة عالية ونريد بشدة ان نفوز بمباراتنا الافتتاحية. نعلم أن استراليا ستلعب بطريقة دفاعية وسيكون علينا ان نحاول إيجاد الثغرة".