بدا حفل افتتاح كأس العالم باهتا وغريبا وشهد غيابا جماهيريا كبيرا ما يشي بأن الأيام المقبلة ستعيش تحت هاجس الغياب الجماهيري .. أما الإبهار فكان غائبا تماما عن الحفل.
اختارت اللجنة المنظمة أن يكون حفل الافتتاح بسيطا لأبعد حدّ، حتى لا نستعمل عبارة أخرى، حيث لم يزد على اختيار مطرب من كل بلد إفريقي مشارك في المونديال لتدقيم وصلة غنائية لا تزيد عن 3 دقائق، تتلوها لوحات استعراضية.
وبدت جنوب افريقيا وفية لتقاليدها من حيث الرقص والموسيقى السمراء مضافا لها بعض بهارات البوب و الأر أن بي، ناهيك عن حضور الشاب خالد الذي صنع التميز باعتباره المطرب الوحيد الذي أصر على دخول الحفل الافتتاحي وتأدية وصلته ملتحفا العلم الجزائري في خرجة ليست غريبة عن الشاب خالد ولا عن أي جزائري تتاح له فرصة الظهور في المحفل العالمي.
ولعل الخيار الذي اتخذته الللجنة المنظمة قد اعتمد على البساطة في الحفل الافتتاحي، لكن هذا الخيار قابل للمناقشة إذ أنه مطلوب من القارة أن تًظهِر أصالتها ووفاءها لتراثها ومن واجبها أيضا أن تظهر مسايرتها للقرن الحالي وقدرتها على الفوز بالنجاح على المستوى التقني والفني وهو أمر يبدو غريبا جدا أن لا تنتبه له اللجنة المنظمة التي قدمت حفل افتتاح لا يختلف تماما عن أي "حفل زواج" افريقي.
الجزائر أولا..
خدم الترتيب الأبجدي الجزائر في الحفل الافتتاحي حيث تم استعراض الفرق أبجديا وفق النمط الانجليزي فكان ترتيب الجزائر هو الرقم واحد وهي بشرى خير وقد تكون بوابة تفاؤل كبير بما ينتظر "الخضر" في مشاركتهم المونديالية رقم 3 ولا ريب أن الجزائريين جميعا شعروا بالفخر الشديد وهم يستمعون لاسم بلدهم على الهواء ويرون علمه يرفرف داخل المستطيل الأخضر لـ"سوكر سيتي" .
حرص على التناغم اللإثني
حرص حفل الافتتاح على إظهار التناغم الإثني في جنوب افريقيا ما بعد زوال سياسة التمييز العنصري "آبارتايد" حيث كان الراقصون المشاركون في الحفل الافتتاحي خليطا بين جميع إثنيات جنوب افريقيا انجلوساكسونيين و أفارقة وهنودا واستراليين وهو مشهد أريد له أن ىظهر عمدا كتأكيد على تجحاوز المرحلة الصعبة في حياة البلد الإفريقي الكبير بتاريخه وشعبه وثرواته المتعددة.
مانديلا غائب
كان أكبر علامات تواضع حفل الافتتاح هو غياب الزعيم الإفريقي نيلسون مانديلا عن الحفل عكس ما كان مقررا وفي اتجاه معاكس لما التزمت به اللجنة المنظمة، وشاء سوء حظ مانديلا أن تقتل حفيدته في حادث مرور عنيف عقب حضورها الحفل الغنائي الساهر الذي سبق افتتاح المونديال، إذ توفت عقب تعرض سيارتها للصدم بقوة لتعطي نذيرا شديدا اللهجة للجهات التنظيمية التي لم تضبط الأمن ولم تُجِد تسيير الحركة المرورية حتى على مقربة من الحفل الغنائي، وهي إشارة تزامنت مع حادث السطو المسلح على ممتلكات الفريق الإعلامي الصيني وقبله الياباني والبرتغالي ما يعني بأن الأمن سيظل هاجسا كبيرا يطارد المنظمين إلى غاية نهاية المونديال.
الجمهور سؤال كبير!
أغرب ما عرفه حفل الافتتاح هو الغياب الجماهيري الساحق الذي كان بمثابة "الشتيمة المعلنة" لجنوب إفريقيا التي فسلت في ضمان حضور جماهيري محترم في حفل الافتتاح على عكس ما كان الأمر سابقا في مختلف دورات الكأس العالمية، وبدا أن الأمر لا يتعلق فعلا بإضراب جماهيري حاد وكفى، بل بسوء إدارة للدخول الجماهيري، ففي الوقت الذي كانت فيه المدرجات مليئة بالبقع الفارغة كان المئات من الراغبين في حضور المباراة الافتتاحية يصرخون خارجا ويطالبون بحقهم في الدخول، ولعل المفارقة أن الجمهور في الخارج كان أكبر من الجمهور في داخل الملعب، ما يعني أن المشكل الإضافي الذي تورطت فيه لجنة التنظيم هو الفشل المضاعف في التحكم الكافي في عملية تنظيم دخول الجمهور، و إذا كانت الجماهير الجزائرية ـ مثلا ـ تملأ الملعب ساعات قبل انطلاق أي مباراة فإن الجمهور الجنوب إفريقي كان غائبا حتى في حفل افتتاح أضخم كأس افريقي.