بمجرد أن حطت بنا طائرة القطرية في جوهانسبورغ استقللنا سيارة خاصة بحثا عن الجزائريين في هذه المدينة التي تعيش على المتناقضات.. بعد بحث دام قرابة الساعتين والنصف تمكنا من الوصول إلى منطقة تجمعهم حيث يتواجد مطعم "روادهوز" الذي يُعد ملتقى لأفراد الجالية الجزائرية بجوهانسبورغ حيث لا يتعدى عددهم الـ300 فرد، كلهم يعملون في التجارة والأعمال الحرّة ولا يتنفسون هذه الأيام سوى كرة القدم، على غرار سكان جنوب إفريقيا وخاصة المنتخب الجزائري، فلايوجد جزائري واحد بهذه المدينة لا يرتدي قميص المنتخب أو "شال" أو زيّن سيارته بالألوان الوطنية ..
وقال الدكتور تهامي أحد أقدم الجزائريين بجوهانسبورغ ورئيس جمعية أنصار مونديال 2010 أن الجزائريين بجنوب إفريقيا تمكنوا من مسايرة وتيرة الحياة في هذه البلاد منذ أن وطئت أقدامهم جنوب إفريقيا ويتقنون كل اللغات المحلية، بما فيها لغات القبائل الزنجية، وهذا ما سهل لهم مهمة التأقلم وإيجاد فرص العمل والثقة فيهم ..
أفراد الجالية الجزائرية بجوهانسبورغ عرضوا خدماتهم على أنصار الخضر القادمين من الجزائر، حيث تعهدوا بتوفير لهم المأوى والمأكل، وهذا في إقامات جامعية خاصة مختلفة عن إقامتنا في الجزائر، مشيرين إلى أن التكلفة ستكون قليلة جدا مقارنة بما سيصرفونه خاصة وأن كل الأسعار تضاعفت خمس مرات هنا بجوهانسبورغ، فالسيارة التي كانت تقلك لمكان يبعد ببضعة كيلومترات بـ5 أو 10 دولار أصبح سعرها من 60 إلى 80 وحتى 100 دولار، فالحدث العالمي يُعد فرصة لسكان المدنية لمضاعفة أرباحهم، خاصة وأن فرص العمل منعدمة، سيما للسود الذين يعانون الحرمان والفقر المدقع وحياتهم مختلفة تماما عن ما يعيشه البيض، وكأن زمن الأبارتيد لم يندثر، كما أن المسافة ما بين بولكواني وكاب تاون طويلة جدا وتتطلب أكثر من يوم في الطريق، وهذا ما سيخلق بعض المتاعب للمناصرين القادمين من الجزائر وأوروبا إن لم يتم نقلهم عبر الطائرات، وهو أمر مستبعد لأن مثل هذه الأمور تم ضبطها منذ زمن والأماكن كلها محجوزة بما فيها الفنادق .
ويربط أفراد الجالية الجزائري علاقات خاصة مع نظرائهم البرتغاليين حتى انهم يقاسمونهم المشاريع والعمل للثقة الموجودة بينهم، إلا أن الفرق الوحيد بينهم أن البرتغاليين أكثر حظا في هذا المونديال وتمكنوا من الحصول على الأقمصة الخاصة بمنتخبهم وحتى البدلات الرياضية، عكس الجزائريين الذين لا يزالوا يبحثون عن رموز الخضر، فالأقمصة جلبها أحدهم من الصين بينما جلب أحد التجار الهنود المسلمين 15 قميصا من نوع "بيما" باعهم بسعر 5000 دج و لم يكن ليجلبهم لولا أن الجزائر بلد مسلم، أما الرايات الوطنية وحتى تحصل على واحدة فعليك قطع المسافة الفاصلة بين جوهانسبورغ وبريتوريا حيث سفارة الجزائر لإستلام واحدة مع التوقيع، وحتى الأقمصة التي وفرتها السفارة فاكبرها حجما يليق بطفل في سن 12، في حين تفتقر جوهانسبورغ للرايات الوطنية وحتى المحلات التي تعرض رايات المنتخبات المشاركة تجدها تكتب إسم الجزائر وترفقه براية ثانية لإنعدام الراية الجزائرية في جوهانسبورغ ..
المباراة الأولى بين الخضر وسولوفينيا سيتابعها أفراد الجالية من المدرجات بعد أن إقتنوا التذاكر و جهزوا كل شيء، وستكون الإنطلاقة من "روادهوز" نحو بولكواني على مسافة 380 كيلومتر في موكب من السيارات مزين بالرايات الوطنية، و ينتظرون أن تكون الرحلة بمثابة عرس جزائري، إذ حضّروا الأغاني الممجدة للخضر والرايات الوطنية والقمصان، وكلهم أمل في ان يكونوا فال خير على محاربي الصحراء في اولى مبارياته، بينما المباراة الثالثة ضد أمريكا فسيكون عددهم أكبر، لأن بريتوريا لا تبعد عن جوهانسبورغ إلا بـ60 كيلومتر، في حين سينتقل عدد محدود فقط لمدينة كاب تاون، حيث سيواجه منتخبنا الوطني نظيره الإنجليزي وهذا لبعد المدينة بـ1400 كلم ..
وتساءل أنصار الخضر المقيمين بجوهانسبورغ عن سبب تربص الخضر في دوربان المعروفة بحرارتها حتى في فصل الشتاء، بينما مباراتهم الأولى ستكون في بولكواني أكثر المناطق برودة في جنوب إفريقيا، كما طالبوا من المدرب سعدان أن يضبط تشكيلته وفقا لمبدأ الأحسن يلعب وأن يبتعد عن " السوسيال " وذكروا أسماء بعينها