السمنه والنحافة
بعض الشبان والشابات يعانون من السمنة، والبعض الآخر يعانون من النحافة،
ومع هؤلاء وأولئك نمضي في رحلة طويلة بحثاً عن الأسباب التي تؤدي إلى كل من
هاتين المشكلتين، والأعراض والآثار الناتجة عنهما، والوسائل التي يمكن عن
طريقها الخلاص منهما. فمن الواضح أن الإنسان سليم الجسم معافى الصحة هو
الذي يحتفظ لجسمه لوزنه المعتدل، دون زيادة أو نصان. لهذا كانت أهمية الحرص
على هذا الهدف من أجل الاستمتاع بالحياة والخلاص من الأمراض والتطلع إلى
العمر المديد. فكيف يمكن التوصل إلى هذه النتيجة التي يرنو إليها كثيرون
ويحلم بها الآلاف من الجنسين من الكبار والصغار على حد سواء؟ الطريق إليها،
يرسمه مجموعة من الأطباء والأخصائيين الذين أمضوا سنوات طويلة من حياتهم
وما زالوا في دراسة السمنة والنحافة، حتى يقدموا لنا ما يحقق السعادة ويوفر
الصحة ويكفل الاطمئنان.
الإفراط في الطعام:
في البداية يثار سؤال عن الأسباب التي تؤدي إلى السمنة وعنه يجيب الدكتور
حسنين السمري الحائز على دكتوراه في السمنة فيقول:
أول هذه الأسباب يرجع بدون شك إلى الإفراط في الطعام. وبصفة عامة فإن
الغذاء المتكامل بالنسبة لأي شخص يجب أن يشتمل على ثلاثة عناصر هامة هي:
النشويات والبروتينات والدهون، وهذه العناصر تعطي عند احتراقها طاقة للجسم
تقاس بالسعرات الحرارية، فغرام من النشويات أو البروتينات يعطي أربع سعرات،
وغرام من الدهون يعطي تسع سعرات، ويحتاج الفرد منا إلى عدد معين من
السعرات يومياً من أجل نشاط أجهزة الجسم حسب السن وحسب نوع العمل. فالشخص
البالغ الذي يقوم عمل عادي غير شاق يحتاج إلى حوالي 2300سعرة في اليوم توزع
كالآتي: 250غم من النشويات، و100غم من البروتينات، و100غم من الدهون. ولكن
إذا تناول من الطعام ما يخصه أكثر من هذه السعرات فإن الغذاء الزائد عن
حاجة الجسم يختزن على هيئة دهون وتنشأ السمنة من هذا.
ثم يأتي بعد ذلك سبب آخر هو اضطراب الغدد الصماء، وفي مقدمتها الغدة
النخامية التي تسيطر على كل وظائف الجسم. فالاضطراب الذي يحدث في الغدة
النخامية يؤثر على مركز الشهية. وهنا يفلت عيار المريض في ما يتصل بالطعام
إذ يأكل بلا حساب، وهناك أيضاً الغدة الدرقية الذي يؤدي اضطرابها هي الأخرى
إلى زيادة الوزن، ومثلها أيضاً الغدة فوق الكلوية التي تؤدي دوراً هاماً
بالنسبة للجسم، وفي نفس الوقت فإن للوراثة دخلاً في نشأة السمنة، فقد لوحظ
أن نسبة البدانة في الأطفال دون سن الخامسة أقل من 10في المائة إذا كان
الوالدان من ذوي الأوزان الطبيعية، بينما ترتفع النسبة إلى 40 في المائة
إذا كان الوالدان سمينين، وإلى 80 في المائة إذا كان الوالدان معاً يعانيان
من زيادة في الوزن، ولا يمكن بطبيعة الحال أن نفصل بين هذا العامل الوراثي
البيئي، أي العادات الغذائية، وهذه العادات توجد في الطفل منذ شهوره
الأولى، وبالتالي فإن غذاءه منذ الصغر هو الذي يحدد وزنه بعد ذلك. ولا ننسى
بالطبع دور العامل العصبي والنفسي في إحداث السمنة، ففي بعض الحالات
وبخاصة عند الإناث، تكون الأزمات العاطفية والقلق النفسي وراء الإصابة بهذه
الظاهرة، إذ تدفع إلى الإقبال على تناول الأكل بشراهة ونهم كنوع من
التنفيس والخروج من حالة الضيق كوسيلة للإشباع، كما أن xxxxxxxxxxxxل
والخمول يضايقان حياة الكثيرين منا في هذا العصر، ويقفان وراء الإصابة
بالسمنة في بعض الحالات، فالتلفاز والراديو والسيارة الخاصة وغيرها من
وسائل الحياة الحديثة تؤدي إلى قلة الحركة ومن ثم إلى نقص في استهلاك
الطاقة المختزنة على هيئة دهون. وبذلك فإن ما يتناول الشخص من طعام
باستمرار يزيد على حاجة الجسم مما يسبب الإصابة بالسمنة.
النحافة، المشكلة والعلاج:
ترجع النحافة إلى ثلاثة أسباب هي سوء التغذية واضطراب الغدد الصماء والحالة
النفسية. فأما عن سوء التغذية فهي تنشأ عن عدم تكامل الوجبة الغذائية في
كل وقت من أوقاتها، وعدم احتواءها على العناصر المطلوبة وهي البروتينيات
التي توجد في اللحوم والأسماك والبيض ثم المواد النشوية والتي توجد في
الخبز والأرز والمكرونة، والمواد الدهنية وهي مجودة في الزبد والمسلى
والزيت، والأملاح والفيتامينات وتتوفر في الفواكه والخضراوات،إما عن اضطراب
الغدد الصماء فإن أهم غدة من بينها تؤثر في وزن الإنسان هي الغدة الدرقية
والمسماة بغدة الاحتراق إذ أنها إذا كانت نشيطة أكثر من اللازم فإنها تقوم
بوظيفتها بصورة غير طبيعية ولذلك تحرق كل المواد الغذائية التي يتناولها
الشخص وفي حالة عدم توفر هذه المواد فإنها تحرق ما هي في حاجة إليه من
الجسم نفسه وأي مظهر لنشاط هذه الغدة يتمثل في وجود النحافة التي تتبعها
أمراض أخرى، والاضطرابات العصبية الزائدة على الحد، وسرعة ضربات القلب
القلب، وجحوظ العينين في بعض الحالات، وكثرة العرق، وفي هذه الحالة يجب أن
يبادر الشخص بعلاج نفسه، إذ قد تسوء حالته بمرور الوقت ولا يعوض نحافته
الملحوظة ما قد يتناوله من طعام مهما كانت كميته .
ونأتي بعد ذلك إلى سبب النحافة الثالث الذي يتمثل في الحالة النفسية إذ أن
الصدمة العصبية تفقد الشخص شهيته فيعزف عن الطعام نتيجة تأثير هذه الصدمات
على مركز الشهية في المخ، بالإضافة إلى تأثيرها على الغدة فوق الكلوية التي
تفرز الهرمونات وهي التي تساعد على الهضم، ولكن في مثل هذه الحالة لا تجد
ما تقوم به فتتأثر بالطبع ويتأثر جسم الإنسان وهناك نوع من النحافة أيضاً
ينتج عن اضطرابات في الجهاز الهضمي كالدودة الشريطية أو الطفيليات
كالإسكارس أو الدوسنتاريا وفي هذه الحالات فإن الشخص مهما تناول من طعام
فإنه لا يستفيد منه.
وتعرض النحافة صاحبها للأمراض أكثر من غيره كما تصيبه بعقد نفسية تنع** على
بعض تصرفاته ولا يوجد دليل أكيد على أن للوراثة دخلاً في الإصابة بها،
وإنما هناك توارث للعادات الغذائية - كما هي الحال بالنسبة للسمنة- إلا إذا
كانت الوراثة عن طريق الغدة الدرقية، ويمكن التخلص من النحافة بكل تأكيد
ويتطلب هذا الالتزام بالمواعيد في تناول الطعام، فالجسم السليم يجب أن يزود
بثلاث وجبات في اليوم، حيث إن الطعام بعناصره الغذائية المختلفة يمد الجسم
بحاجته المطلوبة وهو لا يستفيد منها إلا إذا كانت مواعيد الأكل ثابتة
فعلاً، فللجسم إفرازات كثيرة تتم في مواعيد ثابتة قريبة من مواعيد الطعام،
فإن لم تجد حاجتها من المواد الغذائية فإنها تمتص من تكون الجسم نفسه ومن
هنا كانت ضرورة المحافظة على مواعيد ثابتة للطعام .
وهناك إلى جانب ذلك طريقتان للعلاج إحداهما تتم بالعلاج البطيء وهو طبي
بالأدوية وتنتج عنه زيادة في الوزن قدرها ثلاثة كيلو غرامات في الشهر،
والطريقة الثانية يطلق عليها (العلاج الوهمي) وهي تتم عن طريق توريم الشخص
النحيف أي منحه سمنة وهمية أساسها اختزان الماء في الجسم ولكن بمجرد
الامتناع تماماً عن استعمال الوصفات البلدية من لأجل الحصول على السمنة فهي
قد تكون غنية بالمواد الغذائية ولكن يكون لها أيضاً رد فعل ع**ي على الجسم
نتيجة تركيبها أو طريقة إعدادها.
هاقد وصلنا إلى نهاية الرحلة مع مشكلتين تؤرقان حياة العشرات بل والآلاف من
الكبار والصغار وأملنا أن نكون قد وضعنا النقاط على الحروف، من أجل حياة
هانئة، وصحة وافرة وعمر مديد، لهؤلاء الذين تؤرق حياتهم السمنة والنحافة