مصطفى الآغا شيخ إعلامي في عمر الشباب، وهب حياته لخدمة الصوت والصورة، يحمل هموم وطن جريح، وينتمي إلى أسرة مناضلة عن القضية الفلسطينية منذ أمد بعيد، أما ميله إلى "صدى الملاعب" فلم يشذ عن القاعدة الأصلية في بيت أهله، حيث أن ارتباطه بوالدته جعله يحنّ إلى هذا البيت الكبير ويتبع نصائحها في كل موعد هام يصادفه، فهو يستشيرها في الصغيرة والكبيرة وفي الرياضة وفي حراسة المرمى وضربات الترجيح .
سوف تبهرون العالم لو لعبتم بروح أم درمان
- أطالع الشروق قبل الجزائريين في بلدهم
لو كانت انتفاضة العرب نصف انتفاضتها على كرة القدم لحررنا القدس
ولأن مصطفى الآغا " خفيف الظل " تراه يمزج بين الجد والهزل، فلا تكاد تفرّق حينما تسمعه أنه يتحدث إليك " بصرامة " لأن الابتسامة لا تفارقه في الليل والنهار .
في مدينة الإعلام بدبي يسعى النجم الآغا أن يقدم للمشاهد عبر حصته الشهيرة "صدى الملاعب" على شاشة MBC طبخة إعلامية شهيّة، تشتهيها الأنفس وتلذّها أعين المشاهدين والمتفرجين من العرب والعجم على السواء.
كانت الساعة الثالثة فجرا حينما دخلنا إلى استوديو الـMBC بمدينة الإعلام بدبي، ولأن الليل عندهم كالنهار عندنا، فإن نفسك تحدّثك ماذا لو كنا كهؤلاء نعمل الليل كله، وتأتي طائفة إعلامية أخرى لتأخذ مكاننا بالتناوب، كلها في خدمة الوطن والمشاهد، لكن هناك فرقا بين الحقيقة والخيال .. ويبقى الحلم حلما والواقع حقيقة أننا مازلنا لم نرق إلى مستوى الاحترافية في خدمة الإعلام المرئي .
كرة القدم والقضية الفلسطينية، وممثل العرب في المونديال تساؤلات طرحناها على الآغا فكانت إجابته ..
لماذا " صدى الملاعب " وليس عنوانا آخر؟
بداية، أشكر جريدة الشروق اليومي على إتاحتها لي فرصة الحديث إلى مشاهدي في الجزائر عبر صفحاتها المشرقة دوما، أما سؤالك عن تسمية "صدى الملاعب"، فلم يعد يخفى على أحد أن الملاعب في العالم بأسره أصبحت قبلة للناس جميعا على اختلاف ألوانهم وألسنتهم وأديانهم من صغيرهم إلى كبيرهم، رجالا ونساء، والهتافات والتشجيعات التي يُردّدها الأنصار في الملاعب تحدث بلاشك صدى يتعدّى أسوار الملعب، فمن هذا المنطلق كإعلاميين أردنا أن نقرّب الصورة بين أنصار الفرق في الملاعب والمشاهدين الذين يقبعون خلف شاشات التلفزيون، ومن ثم نقل التظاهرات الرياضية الكروية بعدسة الكاميرا المتجولة في كل الملاعب، وأعلمكم أن عمر هذا البرنامج ينافس عمر شباب اليوم، ونحاول في كل مرة كسر الروتين في التقديم واختيار المواضيع، والحكم يبقى للمشاهد الكريم، حيث نعتبره مرآة يرى فيها المرء وجهه ويزيل خلالها كل خدش أو " عمش " في أعيننا ( يضحك كثيرا هنا ).
تحدثتم كثيرا في برنامجكم عن الجزائر كفريق عربي وحيد في المونديال؟
من واجبي كإعلامي أولا ثم كعربي، أن أنصر عروبتي وشاء الله أن تكون الجزائر الممثل العربي الوحيد في جنوب إفريقيا وحاولت أن ألم بجميع جوانب منتخب الجزائر من المدرب إلى اللاعبين، واستضفنا في الأستوديو رأيين مخالفين من الرأي الأول من يدعم الطاقم الفني الحالي، ويثني على إنجازاته واجتهاداته، وفي الجهة المقابلة رأيا مخالفا يرى كثرة أخطاء سعدان، وعدم استفادته من أخطاء الماضي .
نقاطعه .. على غرار ذكر الفريق الوطني والمدرّب سعدان، ماهي قراءتك في ذلك؟
-- الجزائر تتوفّر على منتخب شاب، ويكفي سعدان فخرا أنه أوصل الفريق إلى المونديال بغرض النظر عن أي حسابات، صحيح أن هدف المدرّب كان تأهل الجزائر إلى أمم إفريقيا، لكن حينما فتحت الشهية عقب فوز الجزائر على مصر في البليدة، فلا مانع من توسعة الطموح، لأن الطموح مشروع .
وكيف تنظر إلى سلسلة الانهزامات الأخيرة إلى غاية مقابلة إيرلندا؟
مايزال الفريق الجزائري، يبحث عن ذاته، ويحاول في كل مرة أن يجمع أوراقه وشتاته، وحقيقي أن 4 انهزامات متتالية بنتيجة ثقيلة لا يقبلها أحد، ثم أقول لك شيئا، المدرب رابح سعدان أسعد الجزائر كثيرا وقدم ما عليه، وأنتم اليوم تطالبون منه ما لا يطيق.. لنكن واقعيين، المدرب رابح سعدان لو أتيته بـ22 لاعبا جزائريا واجتمعوا إليه لما عرفهم بالاسم، الحالة هذه وتريد أن تطلب منه على جناح السرعة إخراج فريق متكامل غير منقوص .
وأين ترى الخلل؟
إن تغيير اللاعبين يؤثر سلبا على تجانس الفريق واللاعبون المحترفون غير المحليين، لا من حيث التأقلم السريع أو من حيث مردودهم، وتعالى لأبيّن لك شيئا مهما، فمثلا منتخب مصر كله أو جله محلي، ويفهم لهجة واحدة ويتكلمها ويستطيع مدربه أن يجتمع بهم في أقل من ربع ساعة، على عكس فريق الجزائر، أكثر من 8 لاعبين محترفين ومغتربين إذا أراد المدرب أن يجتمع بهم انتظر أشهرا بأكملها، هذه الظروف وغيرها تحول دون إحداث التقارب بين اللاعبين، لكن بقي أسبوع عن المونديال، ننتظر من الجزائر تشريفنا كعرب ومسلمين.
أجرت أول أمس الجزائر، آخر مباراة لها مع الإمارات وفازت الجزائر بهدف واحد دون رد، كيف تابعتم اللقاء؟
شيء جميل أن يكسر الفريق الجزائري "عادة" الانهزامات، ومحفز معنوي للاعبين بأن يذهبوا إلى جنوب إفريقيا بمعنويات مرتفعة، لكن الفوز بهدف يتيم، جاء عن طريق ضربة جزاء، ففي العرف الكروي هذا ليس إنجازا بالمرة، بل هو فوز بطعم مر، حتى إن ضربة الجزاء فيها كلام والحكم قدّرها، وهو سيد الموقف، ولعب المنتخب الجزائري فترات بقوة وأخرى ضعيفة، كاد الفريق الإماراتي أن يسجل أهدافا لولا يقظة الحارس شاوشي، ولم يبق من الوقت الكثير أمام المدرب سعدان، والمشكلة قائمة وواضحة في خطي الدفاع والهجوم، لكن إذا لعب الفريق بروح لقائه مع ساحل العاج، و " دم " أم درمان، فتأكد أن الجزائر ستبهر العالم، وهي نصيحتي إلى سعدان وإلى فريقه .
ذكرت " أم درمان " وشدّدت على ذكرها، سمعنا أنك تأثرت بهذه المقابلة؟
بل أكثر من ذلك، دفعت الثمن غاليا أنا وأهلي، وكنت أكثر المتضرّرين من هذا اللقاء، بل أزيدك أني تضرّرت أكثر من لاعبي المنتخب الجزائري الذي ضرب في الحافلة في القاهرة .
وكيف ذلك؟
لقد هدّدني متطرفون مصريون بالتصفية أنا وأهلي، فأصبحت أعيش ضغطا رهيبا مع عائلتي، وكادت أن تشل عائلتي نتيجة هذه التهديدات، والسبب أني نقلت الوقائع كما وقعت دون تزييف أو تخريف أو تحذيف، وقلنا وقتها أن الجزائر تستحق أن تكون في المونديال لأسباب أنهم ظلموا في القاهرة، وقد بينت الفيفا وأكدت وقوع حادثة الاعتداء على فريق الجزائر في المطار، وتصوّر أن هناك متعصبين من الجانب المصري والجزائري كلما وقفت إلى جانب أحد منهم، هددني الآخر والآن أصبحت كرة القدم بالنسبة للشعوب المضطهدة متنفسهم الوحيد في مصر أو الجزائر أو غيرها .
متى يركن إلى الراحة مصطفى الآغا؟
-- ألا ترى أن الشيب قد غزا رأسي، وأنا الآن أقترب من الـ30 سنة كلها في الصحافة، مرّت عليّ بحلوها ومرّها وأصبح الإعلام بالنسبة لي مخدّرا حتى أنسى همومي الأخرى كعربي .
ماهي همومك الأخرى؟
منذ أيام فقط، سمعنا بل شاهدنا كما شاهد العالم كله، إعتداء الإحتلال الإسرائيلي على قافلة الحرية وسط صمت عربي دولي "مُهين"، لو كانت انتفاضة العرب على فلسطين، نصف انتفاضتها على كرة القدم لحرّرنا أراضينا العربية المحتلة.
نعلم جميعا أن إسرائيل تضحك علينا ملء فمها وتزيدنا لهوا ولعبا، ونحن نبحث عن "الجلد المنفوخ" ونسكر الشعوب العربية بالهتافات والأهازيج، وتمنع الناس من جمعة الغضب، حتى مجرّد الغضب، فلا يجوز لنا أن نغضب من العدو الصهيوني، إنها المهزلة حين تضرب أطنابها.
في آخر كلمة لك، هل تطالع الشروق؟
بل أقرأها قبل أن يقرأها الجزائريون، وأصبحت مدمنا عليها، وكم فرحت حينما قرأت أن الشروق اليومي، بلغ سحب يومها لأكثر من 2 مليون نسخة هي فرحة كبيرة، وتحية تقدير إلى كل الشعب الجزائري المضياف، وانتظروني في الجزائر قريبا.