رد أمس الأربعاء ، عبد المجيد شيخي ، المدير العام للأرشيف الوطني، بمقر المركز الوطني للأرشيف ، ببئر خادم ، خلال ندوة تاريخية تغطي تاريخ الجزائر من بداية الفتح الإسلامي الى الدولة العثمانية ، على سؤال يتعلق عن مساعي المركز الوطني للأرشيف على مستوى المركز الدولي للأرشيف والذي يسعى من خلاله الى جمع تأييد من أعضائه من أجل توحيد مطلب استرجاع الأرشيف المخزن لدى الدول الاستعمارية سابقا ، قائلا “ان هذا الأرشيف قد شكلت له مجموعة عمل في إطار مجلس الدولي للأرشيف فهذه المجموعة مشكلة الآن من 17 دولة ولكنها قابلة للاتساع ، أما الأعضاء الذين كانوا قد اجتمعوا في الجزائر قبل 15 يوم لم يلتحق منهم بالجزائر إلا 5 أعضاء بسبب السحابة البركانية التي كانت قد عمت السماء الأوروبي وأوقفت بذلك حركة النقل الجوي .
و أضاف شيخي ، مشخصا الهدف من تشكيل هذه اللجنة أو المجموعة ، بالقول ” هو بحث التعاون مع المجلس الدولي للأرشيف في السبل والوسائل والطرق التي ستسمح للباحثين الجزائريين من الوصول الى المعلومات والوثائق الأرشيفية ولو كان في شكل نسخ هنا في الجزائر على اعتبار ان موضوع الأرشيف يكتسي أهمية قصوى لمجموعة عريضة من الدول التي فقدت أرشيفها بسبب الحروب أو الاستعمار أو لسبب آخر وليس الجزائر وحدها فقط .
وبالإضافة الى هذا المسعى ، أضاف شيخي ، ان بذل هذه المجهودات إنما يصب في اتجاه آخر ، وذاك من أجل تحسيس المجموعة الدولية بمؤسساتها وهيئاتها لتكون لنا سندا في هذا المطلب المشروع الذي تترأسه الجزائروتقوده .
كما نفى شيخي ، في معرض رده على طريقة عمل هذه اللجنة مستقبلا ، قائلا ” نحن لانريد ان نفرض إلزاما أو التزاما ، نحن نريد البحث عن تأييد وتجنيد ، ولا نريد ان نتحول الى شرطة تطرق الأبواب وتستخرج الأرشيف بقوة ، وما هذا بهدفنا ، ومثل هذه الطرق لاتحصل لنا مبتغانا . بل هدفنا الأسمى هو تبني السياسة التحسيسية عن طريق المنظمات الدولية كاليونسكو والمجلس الدولي للأرشيف حتى نجد أحسن الطرق الموصلة للحصول على مرادنا “.
ومن جهة أخرى ، اعترف عبد المجيد شيخي ، بوجود مشكلة الترجمة من اللغة العثمانية القديمة واللغة التركية الى اللغة العربية أو حتى الفرنسية كمشكل للاطلاع على الأرشيف الجزائري بمركز الأرشيف التركي المفتوح على مصراعيه أمام الباحثين الجزائريين بنسخه الورقية والالكترونية ، وفي هذا السياق ولاحتواء هذه المشكلة أكد شيخي ان مصالحه قد باشرت في تكوين مجموعة من الشباب مكونة من 12 شخصا سوف يتخصصون في اللغة التركية الحديثة ، ثم بعدها ينتقلون الى اللغة التركية القديمة .
وبخصوص اتهام بعض الأصوات من الباحثين الجزائريين بان المركز الوطني للأرشيف يغلق أبوابه أمامهم أو يمنعهم من الوصول الى الوثائق الأرشيفية التي استعادتها الجزائر مؤخرا من فرنسا وتركيا ، رد السيد شيخي ، بلهجة حادة وكذب الخبر تكذيبا قاطعا ، قائلا ” ان الذين يشتكون لم يتقدموا البتة للمركز حتى يرفض لهم الاطلاع على ما هم يطلبون ، ولكان الأمر هين بالنسبة لي أما ان يكون العكس تماما ، أما ان يقولوا بما لم يقع فهذا أمر غير أخلاقي وغير مقبول ” .
وذهب شيخي ، الى ابعد من ذلك ، حين كشف ، يقول ” ليس هناك من الباحثين الجزائريين إلا القليل من يشرفنا بالزيارة للموقعين المذكورين ، وببالغ من الأسف في الوقت نفسه يأتينا الباحثين من جميع أنحاء العالم ، وعدد كل من الولايات المتحدة الأمريكية من بريطانيا وفرنسا ومن ايطاليا وحتى من اليابان وكان لهم ما يطلبون فكيف لنا ان نرفض طلبات من باحثين جزائريين وهم قبل ذلك مواطنين جزائريين “.
واعتبر السيد شيخي ، ان تدريس التاريخ منفصلا عن الجغرافيا في مؤسساتنا التربوية هو ” خطأ كبير جدا ” بينما هما مادتين متلازمتين ، إذ لايمكن دراسة التاريخ بصفة شاملة ووافية بدون جغرافيا والعكس صحيح ، وذلك هو المنهج السليم للناشئة إذا ما أردنا لهم تكوينا سليما .
أما بخصوص مدى معقولية رفع الجزائر لمطلبين متناقضين والمتمثلان في تجريم الاستعمار واعتذاره من جهة ، ومطالبته لاسترجاع الوثائق والخرائط والمعلومات التي تخص الجزائريين رد شيخي معلقا بالقول ” وهل في السياسة شيئ معقول ؟ ” .
أما عن مسالة مخطط سنة 2010 والبرنامج المعتمد من طرف مركز الأرشيف ، فقد جدد بالذكر ، أنه شمل العديد من المحاضرات حول تاريخ الجزائر من الانفجار الأول لتكوين الكون الى يومنا هذا وان كان المعرض الأول قد انقضى قبل 15 يوما سبقت وخصص الى التاريخ القديم .
إلا ان معرض ، مساء أمس، تناول موضوعه الجزائر منذ الفتح الإسلامي الى وصول العثمانيين أي في فترة ألف عام ، وخاصية المعرض انه لم يتناول الأحداث التاريخية من حيث أنها تسلسل ولكن تناول مفهوم نشأة الدولة أو نضوج فكرة الدولة .
وأضاف المصدر ذاته، معللا ذلك ، بالقول ” لأننا نريد من كل هذا ان نصل الى تحديد تشكيل و معرفة مفهوم الدولة الحديثة ، ومنه معرفة كيف كان يعيش الفرد والمجتمع الجزائري يعيش تحت سلطة بعض الأنظمة التي كانت منضوية تحت مجموعة كبيرة مثل الدولة مثل الخلافة الأموية والخلافة العباسية ، وبعد ذلك ما صحبه من تفتت دولة الإسلام أ وما كانت تسمى ب ” دار الإسلام ” الى دويلات ، فظهرت على إثرها دولة الموحدين والحماديين والزيريين والزيانيين والرستميين وغيرها كثير ، وكل هذا سنتناوله في مستقبل المحاضرة القادمة من حيث المؤسسات .
وأضاف شيخي ، ان الهدف من إعادة قراءة هذه المرحلة ، هو من أجل تبيان ” ان ما جرى بالجزائر وللجزائر ليس فريدا من نوعه على أساس اتهام تاريخي تدعمه بعض المدارس التاريخية التي تنطلق من مسلمة بأننا كنا بلدا مقسما ، لكن وبالنظر لخصوصية تلك المرحلة ، فانه من واجبنا كدراس للتاريخ بان العالم يومها كان كله مقسما ، حتى ان أوروبا كانت هي الأخرى تسبح في خضم هذا الانقسام والتشتت في شكل دويلات وإمارات صغيرة ، ومع الوقت وتناقضاته إبان تلك الحقبة وتطور الأفكار وعموم التعليم والإعلام توصلت الى تشكيل ما يصطلح عليه اليوم بالوحدة الوطنية .
وارتضى شيخي ، ان يمرر رسالة أو معلومة تاريخية ، مفادها ان الجزائر حققت مفهوم ” الوحدة الوطنية ” قبل ثلاث قرون مضت ، بل وحتى قبل الأوروبيين أنفسهم في زمن قيام الدولة العثمانية