"غايون للمعارض" بما لا يقل عن أربعة آلاف متفرج جاءوا ليشاركوا في تنشيط العرس الأسطوري الذي نظمته جمعية "ثقافة و فن من أجل السلام"، بالتعاون مع "الشروق"، تحت شعار "معا للمونديال " احتفالا بتأهل المنتخب الوطني إلى كأس العالم .
اهتزت قاعة "غايون" بمدينة دويي الفرنسية أمسية الأحد الماضي وعلى امتداد ساعات خمس تحت صيحات "وان تو تري فيفا لالجيري"، فقد تداول على الخشبة عدد كبير من نجوم الفن قدموا من الجزائر ومن مختلف المدن الفرنسية ليغنوا إنجاز محاربي الصحراء وليحتفلوا بتأهلهم التاريخي إلى أول مونديال إفريقي .
وشكل الحفل، الذي رعته "الشروق" إعلاميا، وظفرت بحصرية المشاركة فيه وتقديم تفاصيله لقرائها في الجزائر، حدثا بكل المقاييس، فقد استقطب إليه الآلاف من عشاق الخضر، إضافة إلى العشرات من الأسماء الفنية الكبيرة جاء على رأسها شيكو وجيبسي كينغ والشاب طارق وسينيك وشريفة لونة وريم - كا والشابة الزهوانية ودي جي كازي والشاب صحراوي و " آلجيرينو " والشاب خلاص ورضا سيكا .
وبلغت حرارة الحفل ذروتها عندما انفجرت القاعة لتستقبل خشبتها أربعة من قاهري الفراعنة تقدمهم المشاكس نذير بلحاج الذي كان مرفوقا بالقائد يزيد منصوري والفنان مراد مغني والمتواضع الشاذلي العمري.. حمل النجوم أعلام وطنهم ورقصوا على أنغام وكلمات مجدت إنجازهم قبل أن يلتحق بهم نجوم السلف، القائد علي فرقاني والأسطورة لخضر بلومي والصخرة نور الدين قوريشي وشريف الوزاني، قلب الأسد .
كان حفل ليل كبيرا بكل المقاييس، لطابع السبق الذي ميزه ولكم الحضور الجماهيري والرياضي والفني ونوعه، ولأن الجزائريين المقيمين في فرنسا أثبتوا مرة أخرى بأن جغرافيا القلوب أقوى بكثير من جغرافيا الكتب والمدارس.
أصداء
لم تكن الراية الجزائرية يتيمة في حفل دويي فقد رافقتها العشرات من الرايات المغربية، مما دفع بعضهم إلى التعليق بالقول : هل تأهلت المغرب إلى المونديال ونحن لا ندري؟
حضر قائد المنتخب الوطني في مونديال 82 علي فرقاني إلى الحفل مرفوقا بزوجته الأنيقة التي ساهمت بشكل كبير في تسهيل اتصاله بمعجبيه وبالإعلاميين، مما دعا إحدى الصحفيات الفرنسيات إلى التأكيد على صحة المثل القائل "وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة".
كل من التقيناهم في دويي من الجمهور أو من المدعوين المهمين اشتركوا في الإلحاح علينا بضرورة أن تسجل "الشروق" حضورها الإعلامي القوي في فرنسا، بل ذهب أحدهم إلى القول "أيام الحرب الإعلامية مع المصرية، وددت لو أن "الشروق" كانت موجودة هنا بيننا حينها كنت سأقتني يوميا كل أعدادها لأوزعها مجانيا على إخواننا العرب المقيمين معنا " .
من بين نقاط السواد التي لم تنجح في التشويش على الحفل هو اتجاه بعض الفنانين واللاعبين إلى الاهتمام أكثر بالمقابل المادي لحضورهم.. مع ملاحظة أن العيب طبعا ليس في طلب المال ولكن في توقيت وطريقة طلبه.
عندما صعد نجم بورتسموث الأنجليزي نذير بلحاج خطف الأضواء من أسماء الراب والراي الكبيرة، حيث تجاوب مع كل الأغاني رقصا وغناء مما ألهب القاعة أكثر .
وصل بلحاج إلى ليل قادما إليها من العاصمة الأنجليزية برا على متن سيارة فارهة من نوع "بورش ماغنوم" تحولت من فرط ندرتها وغلائها إلى حديث الجميع، وعلى نفس السيارة عاد نذير إلى لندن مباشرة بعد نهاية الحفل ليلتحق بناديه الذي سينشط نهاية هذا الأسبوع نهائي كأس أنجلترا .
أفراح الجزائر لم تنسهم مآسي فلسطين
تجاوب نجوم المنتخب الوطني، سلفهم و خلفهم، بحرارة كبيرة مع مبادرة جمعية تنشط في مدينة ليل الفرنسية تحمل اسم جيل فلسطين وتعمل على مقاومة نسيان ما يعانيه الشعب الفلسطيني من ويلات الاحتلال والتجويع والحصار، فقد استجاب كل من علي فرقاني ولخضر بلومي ونذير بلحاج بعفوية مطلقة مع طلب أعضاء الجمعية بحمل قميص أخضر كتب عليه بالأبيض "لا لاحتلال فلسطين". ومن الطريف أن إحدى العضوات المناضلات تقدمت من مبعوث "الشروق" تستشيره في إمكانية أن يتجاوب علي فرقاني مع المبادرة وكان الرد طبعا بأن السؤال غير مطروح أصلا. وتأتي هذه المبادرة لتؤكد مرة أخرى بأن أفراح الجزائريين ومهما بلغت فإنها لا تنسيهم مآسي إخوانهم الفلسطينيين .
" بصحتهم هذا وقتهم "
شهد حفل الأحد اهتماما إعلاميا كبيرا بنجوم المنتخب الوطني، فالعديد من القنوات الفرنسية التلفزيونية والإذاعية الوطنية والمحلية اجتاحت صالون الشخصيات المهمة بقاعة "غايون للمعارض" حيث قضى كل من بلحاج ومنصوري وفرقاني وبلومي وقريشي والعمري و مغني جزءا كبيرا من وقتهم في محاورة الصحفيين الفرنسيين، ولم يفوت نور الدين قريشي الفرصة ليذكرنا بأن هذا الأمر لم يكن موجودا في وقتهم وبأن أي نجم من نجوم الخضر كان سيسعد كثيرا لو أن صحفيا فرنسيا اتصل به ليقول له صباح الخير فقط.. قبل أن يعلق "بصحتهم هذا وقتهم".
المعجبون يفشلون كل المخططات الأمنية
أكبر مشكل واجهه منظمو حفل معا إلى المونديال كان في استحالة احتواء المعجبين والمعجبات الذين قضوا وقتهم في البحث عن صورة مع مغني أو منصوري أو حتى إمضاء لبلحاج و الشاذلي العمري، وحتى نجوم 82 لم يسلموا من زحف المعجبين، وعلى الرغم من أعوان الأمن الستين الذين كلفوا بحماية النجوم وعزلهم إلا أن كل المخططات الأمنية سقطت في الماء، بداية من تغيير صالون جلوس النجوم من غرفة صغيرة داخل القاعة إلى صالون الشخصيات المهمة ووصولا إلى غلق الأبواب التي كانت تفتح بعد دقائق فقط تحت إلحاح العشاق والمتيمين..الجميل أن محاربي الصحراء أبدوا تواضعا كبيرا في التعامل مع معجبيهم كما أن المعجبين لم يتجاوزوا حدود اللياقة مع نجومهم .
قالوا في الحدث
نور الدين قريشي
هذه المبادرة تحمل الكثير من الرمزية فهي تأتي لتؤكد تعلق الجزائريين المقيمين في فرنسا ببلدهم الأصلي، وهي الحقيقة التي سبق وأن أكدها اللاعبون المهاجرون في القاهرة وأم درمان، من يصدق بأن هؤلاء ولدوا في فرنسا وترعرعوا فيها؟ هذا الحدث بالنسبة لي يجب أن يكون نهاية لنقاش عقيم وتافه يتحدث أصحابه عن حب للوطن بسرعتين، سرعة المحليين وسرعة المقيمين في الخارج. وبالمناسبة أشكر كثيرا جريدة الشروق على ما قدمته وما تقدمه للدفع بالمنتخب الوطني إلى تحقيق المزيد من الإنجازات.
علي فرقاني
سعادة بما أشاهد لا توصف، أنا لا أشعر هنا بأنني ابتعدت عن الجزائر، فالأعلام موجودة و أقمصة المنتخب الوطني كذلك، كما أن الحب موجود والوفاء أيضا، هذا يوم مشهود اختارته جاليتنا لترد به على كل ألسنة السوء التي تروج لنظرية حمل مهاجرينا لـالحد الأدنى من الوطنية.
لخضر بلومي
هذا موعد مشهود مكننا من لقاء الأصدقاء وصانعي ملحمة التأهل التاريخي الأخير إلى المونديال، لاعبونا المقيمون في الخارج أثبتوا بذلك بأن قلوبهم أكثر ارتباطا بالجزائر أكثر من بعض المحليين، ولا مجال للمقارنة بين هذا الجيل من المحترفين وبعض الأسماء من الأجيال السابقة .
شريف الوزاني
أنا اليوم أسعد إنسان فعندما تجد نفسك في هذا الجو المفعم بحب الوطن وعندما يقف لاعب مثلي بين جيلين من النجوم..قاهرو الألمان في 1982 وقاهري المصريين في2010 فإن الأمر يتحول من الحقيقة إلى الحلم.