الجد للشروق: "عبد القادر بكى بعد استقباله الشعبي الأخير في الجزائر"
يوم السبت وفي الخامس من ديسمبر من السنة الجارية، أطفأ مهاجم الخضر عبد القادر غزال الشمعة الـ25، وأشعل في أجواء كروية رفقة زملائه بمعسكر التدريب بنادي سيينا الإيطالي، وبعيدا عن الدفء العائلي شمعته الـ26.
فرحة الميلاد بالرغم من بعد المسافة بين فرنسا وإيطاليا وبالرغم من نظام التدريبات الذي لم يمنح لأحد محاربي الصحراء فرصة التمتع بعيد الأضحى والاحتفال بعيد ميلاده برفقة أفراد عائلته، إلا أن ذلك لم يمنع والديه وأشقائه من إرسال رسائل قصيرة له كانت أهمها تلك التي أرسلها والده يقول فيها »كل سنة... وأنت غزال... يا غزال«.
ولأن مدلل العائلة يعرف كيف يصنع أفراحها رغم كل الصعاب، أرسل في اليوم الموالي رسالة قصيرة لوالده محمد قال فيها »أبي كل سنة وأنت بخير ..وعام سعيد وعمر مديد..«، جاءت هذه الرسالة من غزال بعد يوم واحد من احتفاله بعيد ميلاده، وهي رسالة أراد من خلالها غزال الجزائر أن يقول لوالده محمد »أنا أيضا لم أنس عيد ميلادك الـ 55 «.
أفراح بالجملة في عائلة غزال
هكذا هي أجواء عائلة عبد القادر غزال هذه الأيام التي تعيش على وقع احتفالات متتالية زادتها فرحة التأهل للمونديال ذوقا مميزا، خاصة بعدما لم يتمالك مهاجم محاربي الصحراء نفسه مجهشا بالبكاء بعيدا عن الأنظار، حتى لا يراه أحد بعدما أسرّ لوالد محمد أنه »ندم ندما كبيرا عن كل ساعة مرت من عمره لم يزر فيها الجزائر فيما مضى«، وهي الكلمات التي لم يستطع كتمانها مباشرة بعد مغادرته للجزائر بعد الاستقبال الأسطوري الذي حظي به محاربو الصحراء من قبل الشعب الجزائري والاستقبال الرئاسي من قبل رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة.
الشروق التي شاركت أفراح عائلة غزال احتفالات ميلاد كل من بطل الجزائر ووالده محمد والتي أقيمت بمقر إقامة العائلة بفرنسا، كانت فرصة أيضا لمعرفة غزال عن قرب بهدف تقريبه إلى قراء الشروق الأوفياء من خلال مساره منذ طفولته الأولى وإلى غاية التحاقه بصفوف المنتخب الوطني، وفي هذا الشأن تتحدث السيدة فريدة والدة المدلل عبد القادر قائلة: »لقد كان غزال منذ طفولته مولعا بكرة القدم، وقد لاحظ جده الجيلالي في بداية الأمر تعلق عبد القادر بالكرة فاقترح على والده أن يضمه لإحدى المدارس الكروية هنا بفرنسا، وقد كان لجده ما أراد فقد التحق غزال في السادسة من عمره بمدرسة فوأونفلان (vaux envelin)، وهي مدرسة كروية تقع بالحي الذي يسكن فيه، لعب في هذه المدرسة كمهاجم إلى غاية بلوغه 12 عاما ..« ، في هذه السنة - تقول والدة عبد القادر- أخذت مواهب ابنها تبرز وتتطور، الأمر الذي عجّل بترقيته إلى فريق الشباب وبعدها بـثلاث سنوات انضم مهاجم الخضر إلى نادي قروسلول، حيث لعب في هذا الفريق مدافعا عكس طموحه الكروي، ليبدأ بعد ذلك مشواره الاحترافي في الأندية الكبيرة ويستقر به المقام بنادي سيينا الإيطالي الذي يلعب له كقلب هجوم ورأس حربة يضرب له ألف حساب في البطولة الإيطالية.
عبد القادر كان يمارس الكرة صغيرا خفية عن والديه
غزال الذي حظي باهتمام وتكفل كبيرين من قبل والده حيث حرص على توفير المناخ الملائم له لتفجير طاقاته الكروية، كان منذ طفولته يتميز بأخلاق حسنة زادته مسحة الحياء التي كثيرا ما تعتريه احتراما في أوساط معارفه، فعبد القادر -كما تقول والدته- ليست له خصومات ولم يسبق له وأن تخاصم مع أحد، يحب النهوض باكرا منذ كان طفلا، حيث كان يستغل غياب العائلة عن المنزل ليخرج إلى الشارع ويمارس هوايته المفضلة وهي مداعبة الكرة، فحبه الكبير لهذه اللعبة جعله يضحي بدراسته ويكمل مشواره الكروي .هذا المشوار جعل غزال وأخويه الجيلالي ورشيد يلتحقان بهذا العالم، حيث يلعب الجيلالي في المدرسة التي بدأ عبد القادر مسيرته الكروية بها ونفس الشيء بالنسبة لرشيد، فيما فضل لحسن السباحة وإن كان، حسب السيدة فريدة، قد ندم كثيرا على اختياره لهذه الرياضة.
غزال الذي يعتبر الابن البكر لم تكن له اهتمامات أخرى خارج عالم كرة القدم فحياته بسيطة، بيد أنه يفضل قيادة سيارات »الأودي« التي يفضلها عن باقي السيارات، إلا أن ذلك تقول السيدة فريدة »لا يعني له الكثير أمام طموحه الجارف في الذهاب بعيدا في دنيا الاحتراف التي أخذت منه كل الوقت، فهو منذ التحاقه بمعسكر التدريب بناديه سيينا الإيطالي لا يتصل كثيرا إلا في حالات نادرة، لأن التركيز بالنسبة إليه أهم محطة لذلك وتجده يمارس على نفسه نظاما قاسيا خلال فترة التدريبات التي تسبق المباريات في الكالتشيو الإيطالي«.
"غزال ليس ثورا يا مصريين"
عمي الجيلالي جدّ غزال الجزائر، لم يخف فرحته بعظمة إنجاز الخضر الذين اقتطعوا تأشيرة المونديال بشق الأنفس وقال للشروق» ..إن محاربي الصحراء وبدون استثناء شرّفوا الكرة الجزائرية ورفعوا رؤوسنا عاليا ..لقد كانوا بالمرصاد لقوة الفراعنة..وأثبتوا للعالم أحقيتهم في التأهل للمونديال ...«، لقد جاءت هذه الكلمات من قبل جد غزال عقب التعليقات التي انتقدت الطريقة الخشنة التي لعب بها محاربي الصحراء من قبل الإعلام المصري، خاصة بعدما وصف غزال
بـ»الثور« بعد الاحتكاك الذي وقع للاعب غزال مع حارس مرمى منتخب الفراعنة حسام الحضري، حيث راح أحد المعلقين يصرخ ويقول »هذا ليس غزالا ....إنه ثور..وليس غزال...« .
السيدة فريدة حرصت قبل أن تختم حديثها لنا على أن توّجه الشكر الكبير باسم غزال لكل الشعب الجزائري، مؤكدة أن ابنها سيعمل كل ما في وسعه من أجل تشريف الكرة الجزائرية سواء في كأس أمم إفريقيا أو في المونديال.
وبخصوص المجموعة التي تتواجد فيها الجزائر، أكدت السيدة فريدة على لسان عبد القادر غزال»أن المجموعة صعبة ولكنها ليست مستحيلة... فنحن سنلعب من أجل الفوز...«.