أعلنت سفيرة أندونيسيا بالجزائر يولي مومبوني ويدارسو، هذا الاثنين، عن تنظيم ندوة دولية بالجزائر ابتداء من يوم 24 ماي المقبل إحياءا لذكرى 55 لمؤتمر باندونغ التاريخي، مؤكدة أنّ هذه الندوة التي سيحضرها وزير الشؤون الخارجية مراد مدلسي، إضافة إلى كبير مستشاري رئيس أندونيسيا وعدد من الشخصيات الأندونيسية، ستكون فرصة لمناقشة مبادئ وتوصيات هذا المؤتمر.
وبمناسبة إحياء الذكرى 55 لانعقاد مؤتمر باندونغ، أوضحت يولي أن انعقاد المؤتمر المذكور جاء بعد عشر سنوات فقط من استقلال أندونيسيا، حيث نهض الرئيس سوكارنو بإحياء النزعة التحررية ضد الاستعمار بما أدى إلى توحد شعوب إفريقيا وآسيا.
وقالت سفيرة أندونيسيا أنه بمناسبة ذكرى الخمسين لمؤتمر باندونغ سنة 2005 بجاكرتا، بادرت أندونيسيا بإعلان وثيقة شراكة إستراتيجية بين آسيا وإفريقيا، وترتكز هذه الإستراتيجية على 3 محاور أساسية بينها التضامن في المجال السياسي وكذا التعاون في المجال الاقتصادي والثقافي، وهي خطوة لمّحت المسؤولة الأندونيسية إلى احتمال تجديد طرحها بعد شهر من الآن.
مؤرخون: مؤتمر باندونغ مثل انتصارا حقيقيا للدبلوماسية الجزائرية
إلى ذلك، أكد المشاركون في ندوة تاريخية ، اليوم، أنّ مؤتمر باندونغ الشهير الذي احتضنته أندونيسيا في 19 أفريل 1955، شكّل انتصارا حقيقيا للدبلوماسية الجزائرية وكان بمثابة علامة فارقة في مسار القضية الوطنية آنذاك.
وفي ندوة نظمها مركز الشعب للدراسات الإستراتيجية حول “الدبلوماسية الجزائرية من مؤتمر باندونغ إلى اتفاقيات ايفيان 1962″، قال عامر رخيلة الباحث في التاريخ أنّ عقد المؤتمر المذكور بعد ستة أشهر من اندلاع الثورة الجزائرية، عُدّ فرصة ذهبية للدبلوماسية الجزائرية وسط الضغوط الفرنسية، حيث سعت باريس لإحباط تسجيل القضية الجزائرية في جدول أعمال هيئة الأمم المتحدة، باعتبار ذلك يمثل قضية فرنسية داخلية.
ورأى رخيلة أنّ الأهمية التاريخية لمؤتمر باندونغ لم تكن في قراراته التي خدمت القضايا التحررية فحسب، بل في استيعابه لأكثر من نصف سكان العالم، حيث كان أهم مؤتمر شهدته القارة الإفريقية وآسيا بعد الحرب العالمية الثانية، واعتبر بمثابة مؤتمر تأسيسي لمجموعة الدول الآفرو آسيوية التي سعت إلى تحرير بلدانها من الاستعمار.
وفي حديثه عن دور مؤتمر باندونغ في تدويل القضية الجزائرية، أوضح رخيلة أنّه كان من الصعوبة قبول وفد المغرب العربي كعضو كامل، لكنّه بعد اتصالات تمت بين الجامعة العربية والسلطات المصرية، جرى الاتفاق على حضور هذا الوفد كملاحظ في أشغال الموعد الأندونيسي بزعامة سوكارنو وحضور ستمائة مندوب من 29 دولة.
وأشار الباحث الجزائري إلى حضور حسين آيت أحمد ومحمد يزيد كممثلي حزب جبهة التحرير الوطني الذين تمكنوا من إقناع الوفود الحاضرة بعدالة القضية الجزائرية والإقرار بحق الجزائر في تقرير المصير .
هذا وأكّد المتحدث ذاته إلى أنّ جهود الدبلوماسية الجزائرية تكللت بالنجاح ثلاثة أشهر بعد انعقاد مؤتمر باندونغ، إثر تقدم مندوبي 14 دولة بما فيهم أعضاء الجامعة العربية برفع مطالب الشعب الجزائري بالاستقلال إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة التي أقرت إدراج القضية الجزائرية في جدول أعمالها في 30 سبتمبر 1955.
من جهته، أبرز الدبلوماسي والسفير الجزائري السابق العربي دماغ العتروس، أنّ مؤتمر باندونغ أسهم في إخراج من القضية الجزائرية من السجن الذي كانت فيه، على حد تعبيره، مشيدا بالدور الذي لعبه السياسيون الأندونيسيون وعلى رأسهم الرئيس سوهارتو ووزير خارجيته آنذاك ساسترو ميجوجو، اللذين ألّحا على إدراج القضية الجزائرية في أشغال المؤتمر.
وفي مداخلة كانت أشبه بالشهادة الحية، أثار دماغ العتروس أهم الصعوبات التي واجهها هذا المؤتمر بينها صعوبة قبول مشاركة وفد المغرب العربي وعلى رأسه الجزائر، قبل أن يتم قبول الوفد كملاحظ، مشيرا إلى كون الراحل محمد يزيد يعد من أبرز الأعضاء الذين شاركوا في المؤتمر.
من جانبه، قال عبد الحميد مهري في ملمته بالمناسبة أنّ مساهمة الجزائر في مؤتمر باندونغ كانت استمرارية لدبلوماسية النضال التي أسستها الحركة الوطنية في أربعينيات القرن الماضي، مذكّرا بأنّ الجزائر استفادت من التجارب السابقة خاصة بعد الحرب العالمية الثانية، بعد الوعود الفرنسية المزيفة بمنحها الاستقلال.
للإشارة تم على هامش هذه الندوة تكريم سفيرة اندونيسيا بالجزائر يولي مامبوني ويدارسو التي منحت ميدالية رمزية من طرف جمعية مشعل الشهيد و جريدة الشعب.