أكد الأستاذ عبد المجيد قدي أستاذ العلوم الإقتصادية و علوم التسيير بجامعة دالي إبراهيم بالجزائر للإذاعة الوطنية أن نجاح الدول المنتجة للغاز يتمثل في تضامنها في الدفاع عن مطلب تحديد الأسعار و التي فرضها منطق السوق مثلما تم عند تضامن الدول المنتجة للنفط ، فطرح المطالب يجب أن يكون موحدا و أدوات الضغط يجب أن تكون جماعية و هذا ما ستفرزه ندوة وهران .
وكشف الأستاذ قدي أن هذه الندوة تأتي في ظل إصرار الكثير من الدول خاصة المصدرة للغاز على مراجعة الأسعار باعتبارها هي المتعامل بها على مستوى الأسواق الدولية و هي أسعار رخيصة لا تعكس التكاليف و لا أهمية الطاقة،فالندوة الدولية 16 حول الغاز الطبيعي المميع المقرر من 18 إلى 21 أفريل من الشهر الجاري بوهران ،الهدف منها محاولة رفع سعر الغاز و خلق إستقرار على المدى البعيد فالأسعار لا يجب أن تنزل دون مستوى معين حتى تضمن مصالح الدول المصنعة لأن زيادة الأسعار سوف تؤدي إلى زيادة تكاليف الإنتاج وبالتالي يزيد التضخم العالمي و في المقابل فإن إنخفاض الأسعار سوف يضر الدول المنتجة إذ يتعدى الأثر إلى الدول الصناعية .
ويوضح الأستاذ إلى أن إرتفاع الأسعار سواء في النفط أو الغاز يعود بالفائدة إلى الدول المستثمرة و جزء منها ينتمي إلى الدول الصناعية، كما أن إرتفاع الأسعار يحفز الاهتمام بهذا القطاع إذ يصبح مغريا للاستثمار و يساعد على تطوير التكنولوجيات و كذا وسائل الاستخدام.
من جهة يقول الأستاذ قدي بأن التحرك السلبي قد لا يكون فعالا لتحقيق الهدف و لهذا فمجهود الدول المنتجة للغاز من اجل إقناع الدول المستهلكة لتثمين هذه الثروة المتميزة بنظافتها و لها خصائص تجعلها بديلا للطاقة التقليدية الممثلة في النفط.
كما تطرق الأستاذ قدي إلى أن الدول المصدرة للغاز قد عرفت مجموعة من الندوات و مجموعة من القمم وتأتي هذه الندوة في ظرف متميز ألا و هو إعادة الانتعاش للأسعار بعد تراجع إلى حد كبير غداة الأزمة المالية العالمية و الجانب الثاني هو النظرة اليوم للنفط على أساس أنه الطاقة البديلة خاصة بعد محاولات بعض الدول المنتجة للنفط كروسيا و قطر والجزائر في اتجاه إنشاء منظمة شبيهة بالأوبيك خاصة بالغاز .
و في ذات السياق يقول المتحدث ان هناك دول غير نفطية و لكنها تجد نفسها ذات مخزون هائل من الطاقة مثال عن ذلك دولة قطر إذ تمتاز بمخزون هام من الغاز الطبيعي .
ويقول الأستاذ إذا تحدثنا عن الجزائر فهي دولة غازية قبل أن تكون بترولية فبالإضافة إلى كونه طاقة فإنه مصدر صناعي فالكثير من الصناعات تبنى اليوم على الغاز مما يقودنا إلى إعادة التموقع الجديد على المستوى الساحة الدولية .
و في موضوع ذي صلة فإن الطاقة الجديدة لها فوائد للدول المصنعة حتى لا تبقى حبيسة طاقة واحدة كما أن البترول طاقة ملوثة بخلاف الغاز فإنه حامي للبيئة فقد فرضت ضرائب على البترول باعتباره ملوث إذ يطلق الكربون المتلوث زيادة على أنه تسبب في الكثير من الأزمات الإقتصادية .
و في شق آخر ينظر الأستاذ إلى أن التقدم التكنولوجي و البحث العلمي اليوم يعمل على تطوير الطاقات رغم ان تكلفتها لا زالت مرتفعة مقارنة مع قيمة النفط و الغاز ، ومن الأزمة ما دفع برد الاعتبار للغاز و هو ما شجع الدول المنتجة له على العمل و الضغط لإعادة تقنينه و مراجعة أسعاره بالنظر إلى المقاييس المذكورة .
كما أن البحوث العلمية تتجه إلى ابتكار طاقات جديدة كالطاقة النووية و الطاقة الشمسية وغيرها ..و إنما تكاليفها أكبر من تكاليف استغلال الغاز و البترول.
من جهة يقول الأستاذ قدي أن الدول المصنعة في الواقع ليست لديها نفس الإستراتيجيات في التعامل مع الطاقات و لكنها في نفس الوقت تعمل على الحد من قدرة الدول المنتجة لكي تحصل على موارد كبيرة ، ويشير إلى أن هذا الحد له دخل معين يجب ضمانه من طرف الدول المنتجة لأن إنخفاض العائدات النفطية أو الغازية سيؤثر على الاستيراد من هذه الدول الصناعية و لما ينخفض الطلب على المواد المصنعة يعني ذلك إحدى مؤشرات الركود الاقتصادي و سوف ينعكس على تخلصها من العمالة و كذا عدم قدرتها على دفع الضرائب .
من جانب يذكر الأستاذ بأنه لا يمكن التحدث عن إنتهاء فترة الذهب الأسود و لكنه أصبح يطرح الكثير من الإشكالات الإقتصادية و الجيوستراتيجية ذلك أن المخزون الحالي من النفط سوف يمتد إلى سنوات عديدة بتقنيات الاسترجاع و جهود الاستكشاف ومن شأنه تمديد الاحتياطات النفطية و لكن في المقابل فإن إستراتيجيات الدول سواء المنتجة أو المستهلكة للنفط قد تؤدي إلى إختلالات وإلى هزات على مستوى الأسواق و الدليل هو انهيار الأسعار أثناء الأزمة المالية من 150دولار للبرميل إلى حدود الثلث من هذا المبلغ و التذبذب في الأسعار يؤثر على الدول المنتجة بحيث تفقد الكثير من الموارد التي تستعملها في التنمية الإقتصادية و في ذات الشأن يقلل من قدرتها على الاستيراد أي قلة الطلب على منتوجات الدول الصناعية و هو ما يؤدي إلى البحث عن السعر العادل الذي لا يضر لا المنتج و لا المستهلك.