وقع الرئيسان باراك أوباما والروسي ديمتري مدفيديف اليوم الخميس معاهدة “ستارت” الجديدة لخفض الأسلحة الاستراتيجي والتي تقضي بتقليص عدد الرؤوس النووية الإستراتيجية لدى الدولتين بواقع الثلث وخفض عدد الصواريخ والغواصات والقاذفات الحاملة للرؤوس بواقع النصف.
وقال أوباما في كلمة له عقب مراسم التوقيع في العاصمة التشيكية براغ إن هذه المعاهدة تشكل “استكمالا تاريخيا لمعاهدة ستارت جديدة” بين الولايات المتحدة وروسيا معربا عن شكره لنظيره الروسي للجهود التي بذلها وانتهت بتوقيع المعاهدة.
وجدد أوباما التزام الولايات المتحدة بمنع انتشار الأسلحة النووية وخفض الترسانة الأميركية تمهيدا لإخلاء العالم من هذه الأسلحة معتبرا أن تحقيق هذا الهدف طويل المدى سوف يعزز النظام الدولي لمنع الانتشار ويجعل أميركا والعالم أكثر أمنا.
وأكد على أهمية العمل المشترك بين الولايات المتحدة وروسيا مشيرا إلى التزام إدارته بإعادة إطلاق العلاقات مع موسكو منذ توليه السلطة.
وقال أوباما إنه “عندما لا تستطيع الدولتان العمل على قضايا هامة يكون ذلك سيئا للدولتين والعالم”.
واعتبر أن معاهدة ستارت الجديدة “تفي بأهدافنا وتعهداتنا فيما يتعلق بخفض الترسانة النووية والأسلحة الحاملة لها” مجددا التزام الولايات المتحدة “الراسخ” بأمن حلفائها الأوروبيين.
ولفت أوباما إلى أهمية المعاهدة الجديدة بالنظر إلى أن الولايات المتحدة وروسيا تمتلكان ما يزيد على 90 بالمائة من الترسانة النووية في العالم مشددا على ضرورة أن تصبح المعاهدة قاعدة لنظام دولي لمنع الانتشار لتهيئة المناخ لمزيد من الخفض في هذا النوع من الأسلحة.
وعبر أوباما عن رغبته في مواصلة الحديث عن الأسلحة الإستراتيجية مع روسيا وعقد حوار ثنائي عن نظام الدفاع الصاروخي الأميركي.
وأكد أوباما مجددا خطورة امتلاك الإرهابيين للسلاح النووي معتبرا أن ذلك سيشكل “تهديدا للعالم”.
وقال إن بلاده ستستضيف في الأسبوع المقبل مؤتمرا للأمن النووي بمشاركة 47 دولة لمناقشة سبل منع انتشار المواد النووية في غضون أربعة أعوام لمنع سباق التسلح في مناطق من الشرق الأوسط وحتى وسط أسيا.
وجدد أوباما الالتزام الأميركي بمعاهدة منع الانتشار كركن أساسي في استراتيجيتها مشيرا إلى أن “الدول التي سترفض الوفاء بالتزاماتها سوف تصبح منعزلة” عن المجتمع الدولي.
وقال إن الولايات المتحدة وروسيا ودولا أخرى “تصر على ضرورة أن تواجه إيران عواقب لعدم وفائها بالتزاماتها النووية” مشيرا إلى أن بلاده تسعى لفرض عقوبات أكثر صرامة بحق طهران لحثها على الوفاء بالتزاماتها.
وبمقتضى القانون الأميركي فإن الاتفاقية ستدخل حيز التنفيذ فور المصادقة عليها في الكونغرس ومن ثم فقد أكد أوباما أنه يتطلع للعمل مع مجلس الشيوخ لتمرير الاتفاقية.
نص المعاهدة
وتتضمن المعاهدة عددا من الوثائق وجاءت في أكثر من 160 صفحة، بما فيها المعاهدة نفسها والبروتوكول التنفيذي، الذي يعد جزءا لا يتجزأ من المعاهدة ويمثل نفس القوة القانونية التي تحملها المعاهدة وملحقاتها.
وتقوم المعاهدة على مبدأ التكافؤ بشكل صارم. وتنص على أن يقوم كل من الطرفين بالحد من أسلحته الإستراتيجية الهجومية بالشكل الذي يجعل عددها لا يتجاوز بعد سبع سنوات من دخول المعاهدة حيز التنفيذ، الأرقام التالية:
- 700 وحدة منشورة من الصواريخ البالستية العابرة للقارات، والصواريخ البالستية التي تطلق من الغواصات والقاذفات الإستراتيجية الثقيلة.
- 1550 وحدة من العبوات القتالية النووية للصواريخ.
- 800 قطعة منشورة وغير منشورة من منصات إطلاق الصواريخ البالستية العابرة للقارات، والصواريخ البالستية التي تطلق من الغواصات والقاذفات الإستراتيجية الثقيلة.
وقد تم تحديد هذا المستوى بمبادرة من الجانب الروسي لتضمين المعاهدة الجديدة منصات الإطلاق المنشورة وتلك التي لم يتم نشرها بعد، كذلك القاذفات الإستراتيجية الثقيلة. ويتيح ذلك تقييد إعادة نشر تلك المنصات أو إعادة تأهيلها لاستخدامات البديلة.
واتفق الطرفان، مقارنة بمعاهدة القدرات الإستراتيجية التي وقعت بينهما في موسكو في عام 2002، على تقليص مجموع العبوات القتالية إلى الثلث (حددت معاهدة موسكو هذا المؤشر بـ1700- 2200 لكل طرف). كما تنص المعاهدة الجديدة على قيام كل طرف بخفض الحد الأقصى مما لديه من منصات الإطلاق بنسبة 50 بالمائة.
وتؤكد المعاهدة الجديدة على وجود ترابط وثيق بين الأسلحة الإستراتيجية الهجومية والأسلحة الإستراتيجية الدفاعية، وتم تثبيت هذا الترابط في الوثيقة ويتمتع بصفة قانونية ملزمة للطرفين.
وثبت في المعاهدة الشكل القانوني الدولي للانسحاب منها وينص على أن “كل طرف يملك الحق السيادي في الخروج من المعاهدة، في حال ما وجد أن الظروف الاستثنائية المرتبطة بمضمون الوثيقة تشكل تهديدا لمصالحه العليا.”
وتخضع هذه المعاهدة للمصادقة، وتدخل حيز التنفيذ بعد تبادل مذكرتي المصادقة بين الجانبين، وتسري لمدة 10 سنوات.
وستحل المعاهدة الجديدة محل معاهدة خفض الأسلحة الإستراتيجية لعام 1991 (ستارت 1) وستحد الرؤوس النووية المنشورة والجاهزة للعمل إلى 1550 رأسا وهو خفض يصل إلى نحو ثلثي ما نصت عليه المعاهدة السابقة.
وأعطى أوباما أولوية “لإعادة ضبط” العلاقات مع موسكو والتي تدنت إلى مستويات الحرب الباردة عام 2008 خلال الحرب بين روسيا وجورجيا.
لكن يرى ملاحظون بأن هناك قضايا خلاف كثيرة لا تزال بين واشنطن وموسكو منها إيران وحرية التعبير والنظام الدفاعي الصاروخي. و كان وزير الخارجية الروسي لافروف كرر أمس الثلاثاء تهديد موسكو بالانسحاب من المعاهدة إذا مثلت خطط واشنطن الدفاعية الصاروخية خطرا على بلاده.
ويحتاج أوباما للتصديق على المعاهدة الجديدة تأييد ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي ويرى محللون أن هذا يشكل تحديا لكن كثيرين يعتقدون أنه سيتمكن من كسب الأصوات المطلوبة لتمرير المعاهدة.
ألمانيا ترحب بتوقيع الاتفاقية
من جهتها وبعيد توقيع الرئيسين الروسي ديمتري ميدفيديف والأمريكي باراك اوباما في عاصمة التشيك براغ على اتفاقية تطبيق خفض إنتاج الأسلحة النووية أعلنت الحكومة الألمانية ترحيبها بالتوقيع .
ووصف وزير الخارجية الألماني جويدو فيسترفيليه التوقيع على الاتفاقية بأنه خطوة هامة نحو خلو العالم من الأسلحة النووية .
وأضاف ان تطبيق الاتفاقية خطوة نحو معاهدات جديدة للحد من إنتاج وبيع الأسلحة الخطيرة الأخرى .
وأوضح ان توقيع ميدفيديف اوباما على المعاهدة يعتبر نجاحا لمؤتمر عدم انتشار الأسلحة النووية الذي سيعقد بنيويورك خلال ماي المقبل .