تقديرا منه للمجهودات التي بذلها المشرفون على شاحنات العرض السينمائي في تنشيط الحركة السينمائية عبر كامل التراب الوطني ارتأى المخرج جمال عزيزي انجاز بورتري عن العارضين السينمائيين المتنقلين حمل عنوان ” السفر الأخير” قدمه عشية هذا الاحد بقاعة الموقار بحضور جمع غفير من المدعويين.
قصة الفيلم، التي تدوم ما يقارب الساعة وعشرين دقيقة، حاول من خلالها مخرجه أن يسلط الضوء على عمي صالح ،الذي بعدما تمت إحالته على التقاعد بعد سنوات قضاها في العمل كعارض سينمائي داخل القاعات السينمائية بالعاصمة، قرر ركوب شاحنة العرض السينمائي ليجوب بها المناطق والقرى النائية خاصة تلك التي تفتقد للقاعات السينمائية ويتعطش أهلها لاكتشاف العالم السحري للفن السابع.
جمال عزيزي ومن وراء عمي صالح نجح في وضع الأصبع على الجرح ليطرح مشكلا كبيرا ما زال قائما إلى يومنا يتمثل في افتقاد سياسة وطنية سينمائية محكمة ما أدى إلى غياب القاعات السينمائية بقرى كان من المفروض أن تتواجد بها خاصة وان سكانها يفتقدون لوسائل الترفيه التي تسمح لهم بنسيان ولو لفترة وجيزة معاناتهم اليومية وهذا ما تجلى لنا واضحا خلال العرض حيث صور لنا الإقبال الكبير الذي كان يعم لحظة وصول عمي الصالح إلى قرية ما حيث كان يستقبل أحسن استقبال من قبل ساكنيها الذين لا يتوانون عن مده بيد المساعدة عندما يكون في حاجة ماسة إليها وهذا إن دل على شيئ فإنما يدل على حاجة المواطنين لمن يرفه عنهم ولو لفترة قصيرة إلا انه لم يوفق في عمله من حيث انه لم يستطع تقديم عمي الصالح لنا كانسان فلم نعرف أي شيئ عنه ولو وجد فكان عبارة عن فلاش خاطف لا ينقل المعاناة الحقيقية التي كان يعيشها عمي صالح خلال سفره خاصة وان السفر أنهكه جسديا مثلما صرح به لشباب التقى بهم حينما وصل إلى مدينة الألف قبة وادي سوف إلى جانب افتقاد الفيلم للجانب التشويقي و انعدام الأحداث التي من المفروض أن تطعم الفيلم لتعطي له نكهة مميزة وبالتالي تدفع المشاهد إلى متابعة الفيلم كله. فجاء الفيلم على نمط واحد ممل إلى درجة انه يدفع المشاهد إلى الخروج من القاعة دون انتظار لحظة النهاية.
ولكن رغم ذلك ما يمكن أن نشكر عليه المخرج جمال عزيزي هو عدم انسياقه وراء تصوير أفلام تشوه سمعة الجزائر والجزائريين مثلما قام به غيره من المخرجين المغتربين بفرنسا الذين انساقوا وراء الرغبات والشروط التي يفرضها عليهم المنتجون الفرنسوين علما أن جمال عزيزي يقطن بفرنسا منذ ما يقارب 20 سنة.
وبخصوص الحافز الذي جعله يخرج الفيلم كشف جمال عزيزي أن ذلك يعود لكونه ما زال إلى يومنا يتذكر تلك الشاحنات التي كانت تجوب القرى والأرياف ومنها قريته ،المتواجدة بالجنوب الشرقي للجزائر، و التي كان يعيش بها في مرحلة الطفولة حيث كان ينتظر بشغف كبير وصول تلك الشاحنات فرسخت في ذاكرته تلك المرحلة.
وفي سياق متصل أشار المتحدث، في تصريح لموقع الإذاعة الجزائرية، إلى أن عنوان الفيلم ” السفر الأخير ” انقسم إلى شطرين بين السفر والأخير ومعناه الذهاب بدون عودة موضحا انه حاول تشريح واقع مر من خلال العجوز عمي صالح.
كما أوضح جمال عزيزي أن التحضير لتصوير الفيلم مع طاقمه استغرق شهرين كاشفا أن الفيلم سيتم عرضه بالمركز الثقافي الجزائري بباريس إلى جانب عرضه بمهرجانات مختلفة مشيرا إلى انه يتفاوض حاليا مع موزع للأفلام لتسهل عليه عملية التوزيع .