الإنزيم:
إن الإنزيم هو مادة بروتينية تتسبب في تحولات كيميائية في أجسام كل من النبات والحيوان. والانزيم نفسه لا يفسد أو يتغير بسبب هذه التفاعلات. فالإنزيمات في أجسادنا تعد بمثابة (القوى العاملة) فبدون ما تفعله هذه الانزيمات في أجسامنا من تفاعلات فإن القليل يتم لعملية التمثيل الغذائي. ففي الحقيقة يولد الإنسان كمكون من كتلة من الكيماويات الداخلية (المتضمنة البروتينات والفيتامينات والأملاح المعدنية والماء). كما يولد الإنسان ولديه داخل جسمه إمداد محدود من الانزيمات.
لسوء الحظ فإن هناك عوامل كثيرة من الممكن أن تضيع هذا المخزون من الانزيمات الأولية التي ولدنا بها وهذه العوامل تشمل البسترة والتعليب واستخدام الميكروويف في إنضاج الطعام. كما تجرد الكحوليات والمخدرات الإنسان من الكثير من الانزيمات الطبيعية وكذلك يعتبر العدوى بالأمراض المختلفة والضغوط العصبية من ضمن أسباب تدمير الانزيمات.
والسبب الرئيسي لفقد الانزيمات مع هذا هو طهو الطعام. فتسخينه إلى درجات حرارة أعلى من 130 فهرنهيت أو 45 درجة مئوية يمكن تدمير انزيماته. وبهذا فكلنا يأكل وجبات غذائية ينقصها الانزيمات.
والأطعمة غير الناضجة تعتبر غنية في انزيماتها. ولذا فمن لا يحب الأطعمة غير الناضجة أو الخضراوات يمكنه تناول الانزيمات بشكل دوائي في صورة كبسولات قبل الوجبة الغذائية وبهذا يمكن تعويض هذه الانزيمات.
وفي عام 1930م اكتشف العلماء 80 انزيما مختلفا. أما في أيامنا هذه فقد عرف العلماء آلاف الانزيمات. ومع هذا فالكثير من الانزيمات اللازمة لعملية التمثيل الغذائي لم تعرف حتى الآن. وهذه الانزيمات تحتاج إلى تفاعلات متضمنة الهضم وغيرها من الوظائف.
***
التصنيفات المختلفة للانزيمات
ويمكن تصنيف الانزيمات إلى ما يلي:
1 انزيمات التمثيل الغذائي: وهي تتحكم في عملية التمثيل الغذائي.
2 الانزيمات الهاضمة: وهي تهضم طعامنا.
3 انزيمات الطعام: وهي محتواه في داخل مكونات الطعام، وهي تبدأ عملية الهضم وتساعد انزيماتنا الهاضمة.
والنوعان الأول والثاني هما انزيمان داخليان أي موجودان داخل الجسم. أما الثالث فهو خارجي حيث يأتي لنا من الأغذية التي نتناولها، والانزيمات المحتواة في طعامنا هي انزيمات أساسية من أجل هضم جيد للطعام وهي توجد في الكثير من أطعمتنا ويمكن أن تؤخذ في صورة فيتامينات دوائية. وهي تعمل في الفم وفي المعدة حيث تهضم الطعام هضما مسبقا للهضم الأساسي. وانزيمات الطعام من الممكن أن تعمل أيضا في الأمعاء الدقيقة حيث تساعد انزيمات البنكرياس لاستمرارية عملية الهضم. وتوجد أنواع مختلفة من الانزيمات لها وظائف مختلفة وهي كما يلي:
1 إنزيم البروتيز: وهو يهضم البروتينات.
2 إنزيم الأميلاز: وهو يهضم الكربوهيدرات.
3 إنزيم الليباز: وهو يهضم الدهون.
فإذا عاونت هذه الانزيمات الطبيعية إنزيمات الطعام الموجودة طبيعيا في هذه الأطعمة، فإننا لن نخسر الكثير من إنزيماتها الطبيعية. ومع هذا فإذا دمرت هذه الانزيمات بشكل كبير في عمليات الطهو فإن جهازنا الهضمي سيكون عليه الجهد والعمل كله. فنحن نحتاج في عملية الهضم أكثر من 20 إنزيما مختلفا.
فإذا كانت لدينا الاستطاعة لاستغلال انزيمات الطعام الموجودة به طبيعيا فإننا بذلك نصون انزيماتنا القيمة التي خلقنا بها ونوفرها لأمور صحية أخرى مثل حماية الجسم ووقايته ومكافحته للأمراض وإصلاح الأجهزة المختلفة بالجسم وتحقيق محافظة وصيانة للصحة العامة.
***
لماذا لا تمرض الحيوانات مثل الإنسان؟؟
فالماشية على سبيل المثال لها بنكرياس يفرز انزيمات تساعد على الهضم أيضا ولكن حجم هذا البنكرياس بالنسبة لحجم جسمها لا يتعدى ثلث حجم بنكرياس جسم الإنسان حسب حجم جسمه والسبب هو أن هذه الماشية كل اعتمادها الغذائي يكون على الأطعمة النيئة الغنية بالانزيمات ولكن الإنسان معظم اعتماده يكون على الأطعمة المطهوة الخالية الانزيمات. ويلاحظ أن الحيوانات عموما لا تمرض كما يمرض الإنسان. فالفارق هنا هو ما نتناوله. فهل وجدت حيوانا من قبل يتناول طعاما مطهوا أو حليبا مبسترا أو خضراوات معلبة أو غيرها؟؟ فعلينا أن ندرك هذه الحقيقة ونحاول أن نجعل معظم غذائنا من الخضراوات فلا نترك طبق السلطة يوما واحدا، ونتناول الخضراوات الورقية مثل الفجل والجرجير والخس وغيرها إن لم يتوفر طبق السلطة.
كما يفضل تناول المكسرات والفول السوداني نيئة بدون طهو إذا أردنا الاستفادة من انزيماتها الطبيعية, وهكذا كلما أمكن ذلك للمحافظة على انزيمات الجسم التي لا يمكن تعويضها.
***
إنزيم الليباز وزيادة الوزن
لا يقتصر أمر الانزيمات المفيدة للجسم على الخضراوات والفاكهة في صورتها النيئة فقط، بل يرتبط الأمر كذلك بالدهون، فالدهون تسبب زيادة الوزن بشكل مضاعف عندما تكون مطهوة. فقليل جدا من البشر يتناول الدهون في صورتها النيئة، ورغم هذا فأصدق مثال على هذا هم الإسكيمو، فعلى الرغم من تناولهم كميات كبيرة من الدهون ( ولكن في صورتها النيئة) إلا أنهم لا يعانون من أمراض ارتفاع نسبة الكولسترول الضار في الدم أو ضغط الدم العالي أو حتى أمراض القلب. والسبب هو انهم يأخذون انزيم الليباز حيا فيساعد على هضم الدهون. وكذلك من الملاحظ عدم انتشار البدانة لديهم رغم هذا. فعلى الرغم من هذه العلاقة القوية بين ازدياد الوزن والنقص في هذا الانزيم إلا انه القليل من الاهتمام موجه إليه ولكنه أمر بديهي. فنقص انزيم الليباز ينتج عنه زيادة الوزن، كما أن السبب في نقصه هو موته بسبب عملية طهو الدهون وكذلك عملية بسترة اللبن التي تقتل كل ما به من انزيمات وخاصة انزيم الليباز الذي يهضم الدهون.
وقد كان هناك الكثير من الشك حول نقص هذا الانزيم عند البدناء. وللأسف لا يعتبر هذا الأمر مهما من الناحية الاكلينيكية حيث تزداد نسبته بكثرة في حالة أمراض البنكرياس وفي هذه الحالات يوجه إليه الاهتمام. ولكن مع هذا ففي عام 1966 قد أجرى د. ديفيد جالتون اختباراته على مجموعة من المرضى كانت متوسط أوزانهم 100 كجم وقد وجد أن هؤلاء المرضى لديهم نقص في هذا الانزيم.
***
حافظ على انزيماتك قبل التقدم في العمر
إن البنكرياس الذي يمدنا بالانزيمات الأساسية للأمعاء الدقيقة من أجل هضم البروتينات والكربوهيدرات والدهون قد يعاني من تغيرات تركيبية ووظيفة مع التقدم في العمر التي قد تتسبب في تقليل الانزيمات التي يفرزها. والسبب الرئيسي هنا في قلة هذا التدفق الانزيمي هو حدوث ضيق في أنسجة غدة البنكرياس نفسه. وكقاعدة مهمة يجب أن نعلمها أن هي أن كل أنشطتنا الانزيمية تميل إلى النقصان مع التقدم في العمر. لذا فإن أهمل الإنسان في تناول انزيمات كافية من الأطعمة في وجباتنا الغذائية عندما يكون في سن صغيرة، فإن حظه من الانزيمات الطبيعية سوف تتناقص قبل الأوان.
ولقد أوضحت التجارب على الفئران أن بالمقارنة مع مجموعتين من الفئران تعرضت للظروف نفسها من التغذية والبيئة وكانت المجموعة الأولى من الفئران ذات السن الصغيرة، أما المجموعة الثانية فكانت من الفئران كبيرة السن وقد كانت النسبة في الانزيمات هي أن الفئران الصغيرة كانت انزيماتها تقدر بنسبة 1000 وحدة، أما الفئران المتقدمة في السن فقدرت انزيماتها بنسبة 180 وحدة رغم اتحاد الظروف الغذائية.
فلكي نحافظ على صحة جيدة ونحمي أنفسنا من زيادة الوزن الناتج من ضعف الانزيمات الطبيعية من الممكن إضافة الكثير من الأطعمة النيئة (الخضراء) وما هو ممكن تناوله من دون طهو كالمكسرات لتناول الانزيمات الخارجية. ومن الأغذية الغنية بالانزيمات الطبيعية الأناناس والبابايا بخلاف كل ما يمكن تناوله نيئا.
***
الإنزيمات والوزن
قد تفكر كثيرا ونقول ما علاقة الانزيمات بالوزن؟ وهل تؤثر زيادتها ونقصانها في زيادة الوزن أو نقصان الوزن؟
وبخصوص هذا الأمر يقول الدكتور أدوار هاويل في كتابه (التغذية والانزيمات) لقد وجد أصحاب الأعمال من ملاك المزارع أن أقصى ربح يمكن الحصول عليه من مزرعة الحيوانات وجد انه غير ممكن وغير اقتصادي في حالة تناول الحيوانات للبطاطس النيئة حيث لا تسمن الحيوانات بشكل كاف. ومع هذا فقد جربوا طهو البطاطس لهذه الحيوانات مما نتج عند زيادة في أوزان الحيوانات مما كان له أكبر الأثر في تحقيق الربح الذي يرغبه الفلاحون عند بيع هذه الحيوانات, هذا على الرغم من زيادة تكاليف الطهو من وقود وأيد عاملة تساعد عليها.
ونخلص من هذا الكلام أن الخضراوات أو الفاكهة المعروف بأثرها في زيادة الوزن لا تسبب السمنة عندما تكون نيئة بقدر ما تسببها عندما تنضج. وأوضحت التجارب المحكومة جدا أن مرضى السكر لا يحتاجون إليه كثير من الأنسولين عندما يتناولون الكربوهيدرات في صورتها النيئة بالمقارنة مع الكربوهيدرات المطهوة، وبمعنى آخر أنهم احتاجوا إلى الأنسولين بكمية أقل عند تناولهم هذه الكربوهيدرات في صورتها النيئة. ومن هنا يجب أن ندرك أن هناك اختلافا أساسيا بين السعرات الحرارية النيئة والسعرات الحرارية المطهوة للغذاء نفسه.