عاشق الجزائر :: [ مراقب عام ] ::
رقم العضوية : 130
الجنس :
نقاط التميز : 7293
عدد المساهمات : 2984 تاريخ التسجيل : 25/02/2010 العمر : 32
| موضوع: وهل يصـــــــوم القلـــــــب؟! الإثنين أغسطس 23, 2010 8:33 pm | |
|
الحمد لله , الصلاة والسلام على رسول الله : أما بعد :
,ْ سألتة : ما الصيام عندك ؟ قال : كف البطن عن الطعام والشراب , والفرج عن قضاء الشهوة .
قلت : هذا أهون الصيام عند السلف . قال : فكف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام .
قلت : ونسيت القلب ؟ قال : وهل يصوم القلب ؟
قلت : يصوم أعظم صيام . قال : اشرح لي ذلك .
قلت : صيام القلب بالإعراض عن الهمم الدنيئة والأفكار الدنيوية , وبكفه عما سوى الله بالكلية . قال : وكيف يكون الفطر من هذا الصوم ؟
قلت : يكون بالفكر فيما سوى الله والدار الآخرة , وانشغال القلب بالدنيا إلا دنيا تراد للآخرة . قال : وهل لذلك أثر من الكتاب والسنة ؟
قلت : قولة تعالى : ( يوم لا ينفع مال ولا بنون ـ إلا من أتى الله بقلب سليم ) ( الشعراء : 88 , 89 ) فعلق النجاة يوم القيامة على سلامة القلوب و إذا سلمت القلوب سلمت الجوارح , واستقامت على طاعة الله , واجتنبت معصيته ونواهي. وقال النبي صلى الله علية وسلم : ( ألا و إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح سائر الجسد , وإذا فسدت فسد سائر الجسد , ألا وهي القلب ) ( متفق عليه ) . فأساس الصلاح والفساد هو صلاح القلوب وفسادها , ولذلك كان إصلاح القلوب وتهذيبها وتطهيرها من أعظم أعمال الطاعة التي غفل عنها كثير من الناس . قال أبو تراب النخشبي : ليس من العبادات شيء أنفع من إصلاح خواطر القلوب . وقال أحمد بن خضرويه : القلوب أوعية , فإذا امتلأت من الحق , أظهرت زيادة أنوارها على الجوارح , و إذا امتلأت من الباطل أظهرت زيادة ظلمتها على الجوارح .
صــــفة القلــــب الصائــم : والقلب الصائم : قلب متحرر من حب الدنيا والتعلق بشهواتها وملذاتها , طلباً للنعيم الأعلى والراحة الدائمة . قال رابعة : شغلوا قلوبهم بحب الدنيا عن الله عز وجل , ولو تركوها لجالت في الملكوت , ثم رجعت إليهم بطرائف الفوائد . والقلب الصائم : قلب مشغول بالفكر في الآخرة , والقدوم على الله عز وجل . قال حادث بن أسد : بلية العبد تعطيل القلب عن فكرة في الآخرة , حينئذ تحدث الغفلة في القلب . والقلب الصائم : قلب سالم من الأحقاد والضغائن لا يضمر لأحد من المسلمين غلاً ولا شراً ولا حسداً بل يعفو ويصفح ويغفر ويتسامح , ويحتمل أذى الناس وجهلهم . وقد سئل إبراهيم بن الحسن عن سلامة القلب فقال : " العزلة ،، والصمت وترك استماع خوض الناس ولا يعقد القلب على ذنب , ويهب لمن ظلمه حقه " . والقلب الصائم : قلب ساكن مخبت متواضع ليس فيه شيء من الكبر والغرور والعلو في الأرض . قال النبي صلى الله علية وسلم : " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر " ( رواه مسلم ) . والقلب الصائم : قلب مخلص لا يريد غير وجه الله , ولا يطلب إلا رضى الله , ولا يلتذ بغير محبة الله وذكره وشكره وحسن عبادته . قال يحيى بن معاذ : النسك هو العناية بالسرائر وإخراج ما سوى الله عز وجل من القلب . وقال ضيعم : إن حبه تعالى شغل قلوب محبيه عن التلذذ بمحبة غيره فليس لهم في الدنيا مع حبة لذة تداني محبته , ولا يأملون في الآخرة من كرامة , الثواب أكبر عندهم من النظر إلى وجه محبوبهم . فأين أصحاب هذه القلوب النقية ؟ .. و أين أرباب تلك الهمم العليّة ؟ .. ذهبوا ـ والله ـ فهل ترى لهم بقية ؟
عـــــــلاج القلــــــوب : و إذا مرض القلب توجب علاجه ومداوته حتى يعود إلى حال الصحة والقوة وعلاج القلوب يكون بأمور منها : 1 ـ ترك الذنوب : ففي الحديث قال رسول الله صلى الله علية وسلم :
" إن المؤمن إذا أذنب , كانت نكتة سوداء في قلبة , فإن تاب ونزع واستغفر صقُل قلبه , و إن زاد زادت حتى تعلو قلبه , فذلك الران الذي ذكر الله عز وجل في كتابه ( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) " ( المطففين ) ( رواة الترمذي وقال حسن صحيح ) . وقال يحيى بن معاذ سقم الجسد بالأوجاع وسقم القلوب بالذنوب فكما لا يجد الجسد لذة الطعام عند سقمهلا يجد القلب حلاوة العبادة مع الذنوب . رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها . وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها . 2 ـ رحمة الخلق : فقد شكا رجل إلى رسول الله قسوة قلبه فقال له" امسح رأس اليتيم و أطعم المساكين " ( رواة أحمد وحسنة الألباني ) وفي رواية قال : " أتحب أن يلين قلبك وتدرك حاجتك ؟ ارحم اليتيم , وامسح رأسه و أطعمه من طعامك , يلن قلبك وتدرك حاجتك " ( رواة الطبراني )
3 ـ ذكر الله :
قال تعالى : ( الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم ) ( الحج : 35 ) . وقال رجل للحسن : يا أبا سعيد ! أشكو إليك قسوة في قلبي ! قال : أدْنِه من الذكر .
4 ـ الدعاء : فقد كان النبي يقول : " اللهم مصرف القلوب اصرف قلوبنا على طاعتك " ( رواه مسلم ) وكان يقول " يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك " ( رواة الترمذي ) .
5 ـ علاجات متفرقة :
سأل رجل أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : ما دواء قسوة القلب ؟ فأمرته بعيادة المرضى وتشيع الجنائز وتوقع الموت . وشكا ذلك رجل إلى مالك بن دينار فقال : أدمن الصيام , فإن وجدت قسوة فأطل القيام , فإن وجدت قسوة فأقل الطعام . وسئل ابن المبارك : ما دواء القلب ؟ فقال : قلة الملاقاة . وقال عبد الله بن خبيق : خلق الله القلوب مساكن للذكر فصارت مساكن للشهوات ولا يمحو الشهوات من القلوب إلا خوف مزعج أو شوق مقلق . وقال إبراهيم الخواص : دواء القلوب خمسة أشياء : قراءة القرآن بالتدبر وخلاء البطن وقيام الليل والتضرع عند السحر ومجالسة الصالحين ،،،، .
أعيـــــاد الصائــــمين : قال ابن رجب : " من يصوم في الدنيا عما سوى الله فيحفظ الرأس وما حوى ويحفظ البطن وما وعى ويذكر الموت والبلى ويريد الآخرة فيترك زينة الدنيا , فهذا عيد فطره يوم لقاء ربه وفرحه برؤيته ". كما قيل : أهل الخصوص من الصوام صومهم صون اللسان عن البهتان والكذب . والعارفون و أهل الأنس صومهم صون القلب عن الأغيار والحجب .
المصدر: صيد الفوائد
| |
|