قال رئيس المجلس الأعلى للغة العربية محمد العربي ولد خليفة بأن بدايات النهضة تكون بتوطين الإبداع والفكر “ليصبح لدينا وفي متناولنا وهذا ليس بالمستجد فقد أخذ علينا الأوروبيون ذات يوم واليوم نأخذ منهم”، كما أن الترجمة –يضيف- هي ركيزة أساسية في تاريخ الحضارة العربية والإسلامية، وأن المسلمين نقلوا لنا الكثير من الأفكار وثقافات عن طريق لغات مختلفة من عبرية وسريانية ولاتينية كانت سائدة آنذاك.
وأكد ولد خليفة لدى تقديم العدد الثاني من مجلة “معالم ” – أحد إصدارات المجلس و تعنى بترجمة مستجدات الفكر العالمي- اليوم بمقر المجلس، بأن المترجمين هم المعنيون بنقل الفكر والإبداع العالمي ،خصوصا وأن ثورة اليوم هي ثورة قاموسية ، واللغة هي المحرك لعملية التنمية والثقافة، داعيا في الوقت ذاته وسائل الإعلام المتعددة من أجل المساهمة في هذا العمل وتثمينه.
من جانبه أكد رئيس تحرير مجلة “معالم” عبد العزيز بوباكير بأن المجلة تعد التجربة الأولى منذ الاستقلال والوحيدة في الفضاء المغاربي، مؤكدا بأن القائمين على المجلة يعملون على نقل مستجدات الفكر العالمي بالتفتح على لغات العالم المختلفة من الروسية والفرنسية والألمانية وغيرها، مضيفا بأنهم يسعون أيضا للتفتح على لغات أخرى كالصينية والفارسية والتركية ، خصوصا إذا علمنا بأن لدينا أرشيفا مهما من التاريخ الجزائري مدون باللغة التركية .
وعن إشكالية استيعاب اللغة للفكر أو عدم قدرة اللغة العربية مسايرة العصر وغيرها من الأقاويل التي يسعى البعض إلى ترويجها فقد نفى مدير تحرير مجلة “معالم ” الأديب والكاتب مرزاق بقطاش كل تلك الافتراءات ووصفها بغير المؤسسة تماما على العلم، ومؤكدا بأن الإنسان هو اللغة، تتطور بتطوره ، وتتخلف بتخلفه، ولايحق لأحد اتهام العربية أو أي لغة كانت بالتقصير لأن التفكير بداية الكتابة ، والأدب الإيطالي -يضيف بقطاش – الذي يشتمل على روائع عديدة كُتبت منذ بدايات القرن الثالث عشر الميلادي. استطاعت أن تعزّْز حركات ثقافية مهمة كان لها أثر دائم على آداب قومية أخرى، وبالرغم من ذلك لم تصبح اللغة الإيطالية لغة قومية عامة إلاّ بعد عام 1870م فلقد قلدت لغتهم وأعمالهم لبضعة قرون، في الوقت الذي درج فيه الإيطاليون على استعمال لهجات منطوقة عديدة، كاللهجة التسكانية التي كان يتحدث بها أهل فلورنسا.
ومن هذا المنطلق دعا مرزاق بقطاش كل الكتاب والمفكرين إلى ضرورة التفكير بجدية ومن خلال المجلة في المساهمة بمواضيع جادة، قصد إيجاد مقابلات مصطلحية للعربية في الفكر العالمي إضافة إلى التفكير في مواضيع حداثية بلغة عربية لا بلغة أجنبية، خدمة للغة العربية في المقام الأول وهذا المقصد من إنشاء مجلة ” معالم” .
للإشارة فإن مجلة ” معالم” مجلة معالم للترجمة، وهي مجلة يحاول المجلس الأعلى للغة العربية من خلالها إثراء اللغة العربية وثقافتها بمستجدات العلوم والفنون والآداب التي تم إنتاجها في العالم الآخر ، وذلك بهدف توسيع دائرة قراء العربية وخاصة بالنسبة للباحثين فيها من خلال ما يترجمونها من مختلف اللغات إلى اللغة العربية، حيث تناولت اللسانيات كمحور في عددها الأول ، وتطرقت في العدد الثاني إلى العلوم الكونية وأدواتها المعرفية.